الجراد الأصفر واحترام الشارع

مدار الساعة ـ نشر في 2016/12/12 الساعة 00:24
طارق مصاروة

تشكل سيارات التكسي - واسميها الجراد الاصفر - جزءاً رئيسياً من ازمة الشوارع, وما تؤدي اليه من ازمة الغضب العام. فسيارات التكسي لا تحب تنظيمها في مكاتب تكسيات في أحياء العاصمة, والافضل لصاحبها وسائقها أن تبقى تدور في الشوارع لاصطياد الراكب الملائم. فسأئق التكسي يستطيع بسهولة أن يرفض زبونه لأي سبب, ويستطيع ان يقرر سعر الرحلة مع أن هناك عداداً في السيارة. واذا قررت الحكومة الخلاص من فوضى السير, وفوضى النقل العام ثارت ثائرة السائقين, واصحاب التكسيات. وعلى من يريد المعرفة اكثر أن يقرأ رسالتهم الى رئيس الوزراء المنشورة في صحف امس «يحننون قلبه» على عائلاتهم وأولادهم ويهددون من طرف خفي: يهددون بماذا؟

بالاعتصام والتظاهر وإغلاق الشوارع؟! كل شيء جائز في بلد فلتت اموره فلا ضابط للسير في الشارع ولا ضابط لحوادث القتل في الطرقات, وادعو قراءنا الى استعادة ما كتبه الزميل فايز الفايز عن مصرع ضابط كان من ألمع الشباب في القوات المسلحة.. متقاعد, وانسان وقضى في شوارع عمان هكذا.. دون أن نصل الى القناعة بأن مصرع اثنين من المواطنين كل يوم وعشرات من الجرحى الذين يتحول عدد منهم الى مقعدين. ومليارات من الدنانير خسارة وطنية في لعبة الفوضى التي تعيشها شوارعنا.

في الزمن الجميل كان هناك مكتب تكسي في جبل اللويبدة وكنا ننتقل بحرية وباحترام داخل عمان وخارج عمان. والسؤال الذي نطرحه على ادارات السير في الامن العام, ومؤسسة النقل, ووزارة النقل.. وألف جهة تمارس «تنظيم» هذا القطاع: هل هناك طريقة لالزام الجراد الاصفر بمكاتب تكسي منظمة؟!

ليس صحيحاً أن الاردن يختلف عن أي بلد في العالم: ففي لندن أو نيويورك أو برلين أو باريس مئات آلاف سيارات التكسي الى جانب «الاندرجراوند» والباصات الكهربائية والعادية. ومع ذلك فكل شيء يسير بانتظام جنباً الى جنب مع السيارات الخاصة والحكومية.. لماذا عندنا كل هذه الفوضى؟ من المتسبب بكل هذه البهدلة العامة؟

صاحب التكسي يتعامل مع البلد «كمستثمر» وسائق التكسي لا ضمان اجتماعياً له, ولا تأميناً صحياً. ولذلك فهو حر لا يقيده نظام ولا هو ملزم بأي نظام.

والمسؤول طبعاً هو الحكومة. فهي اما ان لا تعرف, أو أنها مستفيدة من الفوضى.. ولعل هذا هو الاقرب للصواب. وكنا نقول ان كارثة النقل العام هي الديمقراطية: فمنذ المجلس النيابي الاول بعد العودة للديمقراطية والحكومة تقدم الرشى للسادة النواب في شكل ترخيص لباصات وخطوط.. وضاعت الطاسة, فهناك اكثر من جهة تسهّل الفوضى والفساد.

في الزمن الجميل كانت هناك شركات لباصات النقل داخل المدينة وخارجها: باصات رجب خشمان, ومطلق الحديد وأبو الراغب, وحجازي.. وكلها كانت وسائل نقل محترمة. لماذا انتهت هذه الشركات–عدا سفريات حجازي–لا أحد يعرف: وإلا كيف تسود الفوضى.. وينتعش الفساد. المصدر: الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2016/12/12 الساعة 00:24