فرح العمّال

مدار الساعة ـ نشر في 2017/04/30 الساعة 15:17

د. عودة أبو درويش

الاحتفال بيوم العمّال العالمي في الاردن مجرّد عطلة يستفيد منها كلّ الناس بالاستراحة والاسترخاء، ولا يوجد معنى حقيقي لليوم الذي يرتفع فيه صوت كلّ عمّال العالم بأن لهم حقوق يجب أن يحصلوا عليها، لأنّهم يؤدّون واجباتهم تجاه أوطانهم التي يخدمونها كما يخدمها الآخرين وأكثر.
العمّال في العالم بدأت مسيرة مطالبتهم بحقوقهم التي لم يكونوا يحصلون عليها في القرن التاسع عشر وخصوصا في أمريكا وأوروبا، وكانت مطالباتهم لا تتعدّى أن يعملوا في اليوم ثماني ساعات وبعدها تحتسب اضافيّة، و كان شعارهم العمل ثمان ساعات والاستراحة ثمان والنوم مثلها، ثمّ طالبوا بأن تمثّلهم نقابات عمّالية يختارون هم قياداتها بانتخابات حرّة، من أجل أن تحافظ على مكتسباتهم وتطالب بحقوقهم. الّا أن في الأردن أيضا بعض النماذج القليلة التي تؤمن بحقوق العمّال.

قبل سنين عديدة شاهدت فرح العمّال بعيني في احتفال اقيم بمناسبة يومهم في احدى الشركات العاملة في الاردن، وكان اوّل احتفال يقام بعد أن تسلّمت ادارة جديدة للشركة وتعاونت بشكل كبير مع العمّال ونقابتهم، فوزعت استبانة عليهم لمعرفة الاحتياجات والمطالب التي تنقصهم.

كانت المفاجأة كبيرة أنّ بعض المستخدمين في الشركة والذين مضى على تعيينهم عشرين سنة، لم يحصلوا خلالها على دورة تدريبيّة واحدة، وبعض الفنيين الذين يتعاملون مع التكنولوجيا الحديثة لا يجيدون فتح واغلاق جهاز الحاسوب، وحتّى من يسمّونهم مراسلين لا يجيدون تقديم الشاي والقهوة للزوار.

انتهجت الادارة الجديدة، كما قال العمّال، سياسة تقترب فيها من آمال وتطلعات العمّال، وأخذت رأيهم في كلّ ما يخصّ العمل وتطويره وتحسين القدرة الانتاجيّة عندهم وايجاد الحلول للمشاكل التي تواجههم يوميا وعدم التغاضي عنها وأوجدت لهم زيّا موحدا شاركوا هم في تصميمه، وطبّقت القوانين داخل شركتهم على الجميع، المدير العام وأصغر موظف، وأجبر جميع العمّال باختلاف تخصصاتهم على الاشتراك في دورات مسلكيّة وتخصصية من أجل رفع سوّتهم وزيادة معرفتهم في عملهم.

اسس ذلك لعلاقة سليمة بين العمّال والادارة وزاد انتاجهم وأصبحوا يعتقدون جازمين أنّ هذه الشركة لهم، حتّى ولو لم يملكوها.

في الاحتفال الذي كان فيه كل العمّال فرحين جدا وفخورين بشركتهم، صفّقوا كثيرا لزملائهم الذين اختاروهم كعمّال مثاليين في تلك السنة، واستلموا شهادات تدريبهم وتقديرهم من مديرهم، الذي استمعوا اليه في كلمة من القلب الى القلب وقال، أنّ الانسان العامل في شركتهم هو أغلى شيء فيها، ولن يحصل فيها تقدّم ان لم يكن العامل مدرّبا في مجال تخصصه. وان لم يكن مرتاحا في عمله، فلن يستطيع أن يقدّم لشركته ولوطنه الكثير.   

لا يزال العمّال في تلك الشركة يذكرون ادارتهم السابقة بالخير، ويتمنون من الحاليّة أن تكون مثلها، ويتأسفون لأنّهم لم يحتفلوا بيومهم هذا العام.  

مدار الساعة ـ نشر في 2017/04/30 الساعة 15:17