«كورونا والأردن».. هل نحن بخير أم بخطر
مدار الساعة - الدكتور سهيل الصويص - منذ شهر أذار(مارس) والعالم بأكمله يترنح تحت ضربات فيروس شرس جديد أصاب 29 مليون إنسان وأوقع أكثر من 900 ألف ضحية .
في الأردن تدخلت السلطات بحزم ودون انتظار واتخذت إجراءات مشددة مكنت المملكة من المحافظة على معدل منخفض من الحالات ( 1398 حالة و 11 وفاة في 18 آب(أغسطس) بعد خمسة شهور من بداية الأزمة .
تحسنت الحالة تدريجياً في دول عديدة كانت بالأمس الأشد وطأة تحت ضربات الفيروس لكن الوضع الصحي في الأردن انعكس نسبياً وزادت الحالات بمعدل 52 % في ظرف أسبوعين بين 18 آب(أغسطس) و 2 أيلول (سبتمبر)، وأصبح تعداد الحالات 2097 حالة مع زيادة 3 وفيات جديدة لتصبح 15 حالة .
وبشكل لم يكن بالحسبان تواصلت الحالة انتكاساً وزادت الحالات 1431 حالة ما بين 2 و 15 أيلول (سبتمبر)؛ ليصبح المجموع 3528 حالة مع زيادة الوفيات من 15 إلى 26 وفاة .
الوضع الأردني العام يمكن اعتباره من الناحية العلمية غير مقلق إطلاقاً مقارنة بغالبية دول العالم وذلك بعيداً عن التهويل الرسمي الذي لا يتناسب مع حجم الوباء في المملكة كما سنراه بالتفصيل مقارنة بدول عديدة أخرى .
لكن الأمر الأكثر خطورة اليوم يتمثل بالفقدان التدريجي للثقة التي يوليها المواطنون للتصريحات والإجراءات الرسمية بحيث تولد لديهم انطباع بأنه ليس هناك رؤية مكتملة واضحة ولا استراتيجية مدروسة نراها تتبدل باستمرار ولا ترتكز على الوقائع الميدانية ويزيد من خطورتها تباين وتضارب التصريحات والقرارات بين أعضاء الفريق نفسه .
والأمثلة على ذلك كثيرة ابتدءً من البلبلة التي أثارتها عطلة عيد الفطر، والاختلاف الرسمي في الرأي حول إغلاق الجمعتين مؤخراً والتباين العلني في وجهات النظر بين توصيات لجنة الأوبئة والقرارات المتخذة وأخيراً اتخاذ القرار بفتح المدارس في 1 أيلول (سبتمبر) رغم أن المملكة سجلت 326 إصابة محلية جديدة بالفيروس في الأسبوع الأخير من شهر آب(أغسطس) وما هي سوى أيام ويصدر قرار بإغلاقها ما عدا الصفوف الأولى وكأن الفيروس يختار من يؤذي ، وأخيراً اتخاذ قرار باغلاق المطاعم التي لم تسجل يوماً حالة كورونا واحدة لكن مع إبقاء المسابح والنوادي الرياضية المكتظة والحضانات تعمل كعادتها .
ولكن الأمر المثير للتساؤلات والحيرة والذي يصعب استيعابه رغم الدراية الواسعة بالمرض التي يفرض أننا قد كسبناها على مدى ستة أشهر يتمثل بانعدام التأقلم مع تطور الفيروس وعدم تغيير النمط المتبع وعدم الاتعاظ بتجارب غيرنا وبالإجراءات الوقائية والجذرية المتبعة في دول عريقة ، وخير مثالين على ذلك الرفض القاطع لتطبيق الحجر المنزلي مثل غيرنا ومواصلة إغلاق المطار تحت ذرائع متقلبة رغم الافتتاح الإعلامي لبضع رحلات فقط مؤخراً فيما نسمح بإحضار مرضى من بلاد موبؤوة وما نتج عن ذلك من حالات كورونا في مستشفياتنا بل ووفيات .
وكما هو الحال في مجالات عديدة فإن كل جهة تحاول التنصل من مسؤولياتها ، فالحكومة تتهم المواطنين بعدم الالتزام بالإجراءات الوقائية ( وهذه حقيقة لكن لا يمكن تعميمها ) وتحملهم بمفردهم مسؤولية التسبب بتدهور الوضع والوصول لهذه المرحلة غير المنتظرة .
لكن النظر بواقعية للمشهد الحالي وبشهادة مسؤولي الحكومة أنفسهم فهنالك مسؤولية كبيرة في التدهور الأخير تقع على عاتق الجهات الرسمية .
فالاسترخاء في الرقابة الصحية كان العامل الأكثر خطورة لانتشار الفيروس بدءاً بما حصل على حدود العمري وكيف أدى شخص واحد في ظل انعدام الرقابة لعشرات الإصابات، وهذا الأكثر ألماً والذي أوقد شعلة العدوى الحالية المتواصلة منذ العاشر من شهر آب (أغسطس) ما حدث على حدود جابر حيث لم تتعظ السلطات الصحية بحادثة عبور 43 شخصاً الحدود في 23 تموز (يوليو) اتضحت إصابتهم جميعاً بالفيروس وبقيت الرقابة الصحية على الحدود رمزية حتى تزايدت أعداد الإصابات بشكل مخيف لم تعهده المملكة من قبل بعد أن كنّا نعيش بأمان وطمأنينة لولا كارثة معبر حدود جابر .
وتوجيه أصابع الاتهام للجهات الصحية والرقابية على الحدود ليس بقصد الانتقاد الرخيص فقد وصف الناطق بإسم الحكومة حادثة العمري بالخلل بينما اعترف الناطق باسم لجنة الأوبئة بأن السبب في كارثة جابر يعود لتهاون وتجاوزات الرقابة الصحية على الحدود، اذ اعترف الرئيس الرزاز في 12 آب(أغسطس) بأن حدود جابر تمثل مصدر العدوى من فيروس كورونا ، لكن ما لا يمكن التغاضي عنه هو وإن كانت مأساة جابر قد تسببت بهذا العدد الهائل من الإصابات ليس في اربد والرمثا والمفرق فقط، بل في العاصمة والزرقاء وصويلح وحتى معان فإن عدم تعاون المواطنين بشكل كاف في تطبيق الإجراءات الوقائية كان له الأثر الكبير في إبقاء شعلة الفيروس مشتعلة منذ أكثر من شهر .
بلغ تعداد الإصابات بفيروس كورونا في المملكة منذ منتصف أذار(مارس) وحتى 15 أيلول(سبتمبر) 3528 حالة وهذا العدد بالتحديد يساوي تعداد الحالات في البحرين في الأيام الخمسة الماضية فقط ( 3515 حالة بين 11 و 15 أيلول (سبتمبر) مع 213 حالة وفاة ) ، والبحرين ذات المليون ونصف المليون نسمة توازي مساحتها ثلث مساحة محافظة الطفيلة .
أمّا في الكويت التي تعادل مساحتها خمس مساحة الأردن وسكانها قرابة نصف سكان الأردن فتم تسجيل 3390 حالة في خمسة أيام فقط ما بين 11 و 15 أيلول (سبتمبر)لكن مع 563 حالة وفاة .
بماذا يختلفون عنا يا ترى وما الذي يميزنا عن الاخرين ؟ ففي قطر ذات ال 122 ألف إصابة لم تتوقف الحياة والمطار يعمل بكثافة منذ بداية الصيف، وفي الكويت ذات ال 95 ألف إصابة كان من المفترض أن يتخذ مجلس الوزراء الكويتي اليوم بالتحديد قراراً بالعودة للحياة الطبيعية لكن تم تأجيله ، فما الذي يجري في الأردن إذن وكيف يمكننا تفسير هذه الحملة الإعلامية الرسمية الكثيفة المتواصلة التي ترسم مستقبلاً غامضاً وأياماً حالكة لعشرة ملايين أردني فيصحو الأردني وينام على خطابات التهديد بالعقوبات والاتهامات له بالمسؤولية المطلقة عن تفشي الفيروس ؟
ما الذي يجري حقيقة في الأردن من الناحية العلمية لتفسير مواصلة السياسة الحالية في التعامل مع المرض فنحن لسنا أمام موجة جديدة من الوباء كما يهلل بعضهم بل أمام تدهور لوضع سابق متزن ساهمنا للأسف بولادته بأيدينا .
وعلى كل الأحوال وفيما يخص الموجة الجديدة التي يتحدثون عنها فإن الدراسات الحديثة للغاية تدل على أن الفيروس قد أصبح أقل شراسة اليوم حتى في غياب أي علاج رادع أو مطعوم فلماذ نستمر في الأردن بتخويف الناس البسطاء من الموديل الجديد المنتظر للفيروس ؟
دعونا نتحدث بلغة الأرقام حتى يكون التحليل علمياً وذا مصداقية .
ففي يوم 31 آب(أغسطس) الماضي بلغ عدد إدخالات مرضى الكورونا في المستشفيات الفرنسية خمسة اَلاف مريض من بينهم 85 % حالات بسيطة و15 % حالات مع أعراض تطلبت حالة 5 % منهم دخول قسم الإنعاش وكانت نسبة الوفيات الإجمالية عشرين مريضاً فقط 62 % من بينهم فوق سن ال 80 .
فأين نحن على أرض الواقع من نسبة الوفيات التي شهدناها في شهر نيسان(أبريل) الماضي كانت تترواح بين 30-40 % من نسبة المصابين وحيث كان يدخل أقسام الإنعاش في فرنسا 2600 مريض في اليوم فأصبحوا في نهاية شهر آب(أغسطس) 140 فقط ولم يعد متوسط الوفيات في أقسام الإنعاش يتجاوز 15 مريضاً يومياً في بلد تجاوزت الإصابات به 425 ألف إصابة والوفيات الإجمالية 31 ألف وفاة .
الزيادة الأخيرة في تعداد حالات الكورونا في الأردن تعد قليلة للغاية مقارنة بدول أخرى ( لكن نسبة الوفيات فهي معتبرة وغير متوقعة ) والتي بدورها لم تعد بإجراءاتها لما كانت عليه في نيسان(أبريل)، وأيار(مايو)، بل تتواصل الحياة اليومية بها بشكل شبه طبيعي مع الالتزام بالإجراءات الوقائية الروتينية لأنهم يتابعون التطور العلمي للفيروس الذي تعرض لتبديلات جينية تجعله أقل فتكاً بالإنسان ولأن الحياة الاقتصادية يجب أن تستمر وأن علينا التعايش مع الفيروس لشهور وسنوات فهل سنبقى نعيش في التكهنات والإغلاقات إلى ما لا نهاية ؟
لندع الأرقام تتحدث عن أعداد المصابيـن والوفيات اليوم مقارنـة بما كانت عليـه قبل خمسة شهور ولنأخذ مثالين لدولتين مخنلفتين كلياً وهما ايطاليا وقطر.
الأولى كانت أولى ضحايا الفيروس في أوروبا في شهر أذار(مارس) ومن أكثرها تضرراً من المرض ، والثانية قطر الدولة الصغيرة التي تعد أكثر دولة في العالم إصابة بالفيروس مقارنة بعدد السكان ( 40 ألف حالة لكل مليون نسمة ) .
سجلت قطر حتى اليوم 122214 حالة لكن الملاحظ والجدير بالتقدير أن عدد الوفيات لم يتجاوز ال 208 حالات ، وفيما كان عدد الحالات في شهر نيسان(أبريل) 12564 ازدادت الحالات 40343 حالة جديدة في أيار(مايو) و 42199 حالة في حزيران(يونيو) الاّ أن العدد انخفض تدريجياً ليصبح 15047 حالة في تموز(يوليو) و8254 حالة في آب (مايو)، ولم تسجل في الشهر الأخير سوى 7443 حالة جديدة أي بمعدل 248 حالة يومياً مع 18 وفاة جديدة ، فيما المتوسط اليومي في الأردن في الشهر الأخير كان 73 حالة فقط لكن الحياة في قطر تتواصل بشكل شبه طبيعي ولا توجد لديهم هذه السياسة التخويفية التي تجثم على صدورنا ليل نهار .
أمّا في ايطاليا فالظروف الوبائية تختلف قليلاً مما يعطي دلالة على عودة للفيروس في الشهرين الأخيرين لكن مع نسبة وفيات قليلة مقارنة بالشهور الأولى وهذا يمنحنا دلالة واضحة على أن الموجة الجديدة التي تتخوف منها السلطات الصحية الأردنية أقل عداوة وفتكاً من سابقتها .
فبعد أن سجلت ايطاليا 105902 حالة جديدة في نيسان(أبريل) بدأت النسبة بالانخفاض التدريجي ( 28657 حالة جديدة في أيار(مايو) و8188 في حزيران (يونيو)، و6340 حالة فقط في تموز(يوليو) إلاّ أن الحالات عادت للارتفاع لتصل ل 20077 حالة في آب(أغسطس)، و19547 حالة في الأسبوعين الأولين من أيلول(سبتمبر) .
لكن نسبة الوفيات بقيت منخفضة في ايطاليا فلم تسجل سوى 385 وفاة في تموز(يوليو) و 344 وفاة في آب (أغسطس)، و221 حالة في الأسبوعين الأولين من أيلول(سبتمبر) بعد أن كانت 5547 وفاة في أيار (مايو)، و16903 حالة في نيسان(أبريل) .
لكن الحياة اليومية والاقتصادية والحياتية عادت لطبيعتها في ايطاليا والحدود الجوية والبرية مفتوحة فلماذ يتخوف المسؤولون في الأردن لهذه الدرجة ويهددون بالعقوبات والإجراءات القاسية وليس لدينا سوى 3528 إصابة على مدى ستة أشهر في بلد سكانه عشرة ملايين ، فهل نحن أكثر حرصاً على مواطنينا من سويسرا ذات التعداد السكاني الأقل حيث بلغت الإصابات الإجمالية لديهم 47436 حالة و 2025 وفاة لكن الحياة لديهم اعتيادية دون تعقيدات ؟
ما الذي يمكننا استنتاجـه من هذه المعطيات؟ هل المسؤولون في ايطاليا وسويسرا وقطر لا يحرصون على صحـة وأرواح مواطنيهم ولا يأبهون بما يحل بهم ؟ هل الإجراءات المتشددة التي تتخذها السلطات الصحيـة في الأردن تتناسب مع حجم الوباء المحلي وتتقارب مع ما تتخذه البلدان الأخرى الأكثر تضرراً من إجراءات ؟
بعد الهجوم المفاجىء العنيف لفيروس الكورونا خلال شهري آذار(مارس)، ونيسان (أبريل) ها هي مستشفيات أوروبا تشهد تطوراً إيجابياً مشجعاً بحيث غدت حالات الشفاء تتجاوز تعداد حالات الدخول بل وهناك انخفاض كبير في معدل الوفيات في أقسام الإنعاش كما تظهره دراسة جامعة John Hopkins الشهيرة ، والعنصر المهم يتمثل بانخفاض نسبة المرضى الذين يحتاجون لأجهزة التنفس الاصطناعي حيث كان ثمانية مرضى من عشرة ممن يدخلون أقسام الإنعاش بحاجة لها فيما لم تعد النسبة سوى 3 مرضى فقط مع انخفاض الوفيات بنسبة 30 % لهذه الشريحة التي كانت محكومة بالنهاية السوداء قبل خمسة شهور فقط .
وحسب المحللين فإن انحفاض معدل وفيات مرضى الإنعاش يعود بالدرجة الأولى لتحسين طرائق العناية في أقسام الإنعاش واكتساب الفريق الطبي والتمريضي لخبرة مرموقة وكذلك لانخفاض أعداد المرضى مما يسمح بتقديم العناية الملائمة دون اكتظاظ وتسرع ولكن العنصر الجوهري في إيصال مريض كورونا في الإنعاش لشاطىء الشفاء يعتمد بالدرجة الأولى على وجود أطباء متخصصين بالإنعاش intensivists الذين هم مختصو تخدير لكن بتخصص إضافي متطور متخصص بحالات الإنعاش وأهمها التنفس .
ماذا يمكن أن نستخلص من تجربتنا الأردنية أمام الأرقام العالمية المرفقة ؟
يمكننا وبكل افتخار أن نعد أنفسنا بخير بل وبألف خير فأقل من 4 الاف حالة بستة شهور في بلد يقطنه عشرة ملايين نسمة يعد وضعاً نحسد عليه بالفعل ، وعدد الوفيات هذا أقل بكثير من وفيات يوم واحد في العراق حيث المتوسط في الأيام العشرة الأخيرة كان 4198 حالة يومية، وأين نحن من البحرين 61 ألف حالة والكويت 96 ألف حالة والضفـة الغربيـة 31 ألف حالة ومجموع سكان الدول الثلاثة مجتمعة أقل من سكان الأردن ؟
ومن هنا فإن الحكمة تتطلب وقف مسلسل التباكي والتهويل والعويل والوعيد والتهديد وأن نستبدل هذه السياسة العقيمة بالعمل الدؤوب لتفادي الثغرات والهفوات التي أدت لتدهور الوضع الوبائي مؤقتاً بإذن الله وأن نتعامل مع الفيروس كمرافق إلزامي لحياتنا لشهور طويلة وأن نتعامل معه كما تفعله الدول الكبرى والقريبة والبعيدة وأن لا ننفرد بابتكار طرائق فريدة لا يتبعها الاَخرون ولا تتطابق مع الواقع المدعوم بالأرقام ولم تثبت نجاعتها لا في بلدنا ولا في الدول الأخرى .
لكننا بحاجة لاستخلاص العبر حتى نبقى ضمن الحدود الاَمنة من الحالات التي لن تختفي لا اليوم ولا غداً وعلينا تقبل هذه الحقيقة شئنا ذلك أم أبينا ، لذلك ولكي نبقى في موقع الأمان والطمأنينة فكم سيكون مفيداً أن نعالج بضعة أمور حيوية وفي مقدمتها :
1 – تسعة وفيات في قسم الإنعاش بمستشفى الأمير حمزة ما بين 7 و 15 أيلول(سبتمبر) أمر خطير للغاية ضمن الواقع الأردني ويتطلب دون لحظة انتظار الطلب من الخدمات الطبية الملكية إعارة طبيب أو طبيبين من ذوي الخبرة في الإنعاش للحالات الحرجة ليكونوا سنداً لأطباء التخدير الموجودين هناك والمعروفين بكفاءتهم .
وهذه أهم خطوة في الوقت الحاضر لتبديد الشكوك ومنح المرضى أفضل الفرص للخروج من قسم الإنعاش امنين .
2 – تكثيف الرقابة بشكل حازم وهو الامر الذي لم يكن مطبقاً في السابق كما يفرضه قانون الدفاع ، فالانضباط ليس غائباً فقط في وسط البلد والأحياء الشعبية وخارج المدن الكبرى لكنه يكاد ينعدم في المستشفيات ، ولكن ما فائدة الالتزام بوضع كمامة وعلى بعد أمتار سنكون في احتكاك مع مريض مصاب بالفيروس يرقد بصورة قانونية في مستشفى خاص يدخله الأطفال والحوامل والمسنون ؟
3 – إن الخطر المحدق المقبل في غياب الاحتياطات سيكون المطار الدولي بعد أن يستعيد نشاطه السابق بأكمله .
فهل المختبر الصغير الذي أنيطت به مهمة فحص القادمين قادر على فحص الاف المرضى يومياً وهل لديه طاقم متمرن ذو خبرة بعشرات الموظفين المؤهلين فالنتيجة المضمونة عمادها طريقة الفحص من شخص خبير ولماذا لا تتم مشاركة مختبر اخر أو أكثر لتسهيل المهمة وعدم تكديس مئات المرضى لساعات طوال للخضوع للفحص، ثم انتظار النتيجة لساعات طويلة أخرى ؟
4 – الاجتهاد لكي تبقى لجنة الأوبئة هي التي تقرر ما تستوجبه الحالة المستجدة فاللجنة وجدت لتخدم وتتكون من أناس من ذوي الخبرة والحكمة فإما أن نصغي لما تقرره أو نستغني عنها .
5 – أن يكون الفريق المناط به مسؤولية التنظيم والقرار والذي نكن له كل الاحترام متجانساً ومتعاضدا ً وأن لا يكون لكل شخص حديث ودور مختلف ، فالناطق الرسمي باسم الحكومة يتحدث عن الحكومة لكن في الأمور الصحية هنالك كثرة من الخبراء والمعلقين ومطلقي التصريحات مما يزيد البلبلة في النفوس فهناك ناطق إعلامي في الوزارة ومسؤول عن ملف الكورونا ولا تحتاج القضية للظهور اليومي لوزير الصحة الذي من المفترض أن تكون لديه مهام ومسؤوليات أخرى غير الكورونا وقضايا الصحة مليئة بالثغرات التي تحتاج لعلاج والتي لم تأخذ حقها في العناية منذ ظهور الكورونا .
6 – ما يهم في الوقت الحاضر هو المحافظة على وضعنا الوبائي بمرحلته التي وصلنا اليها اليوم فلننس أغلاط الماضي ونستبدلها باليقظة للحيلولة دون الوقوع في المطبات مجدداً فغلطة العمري وتقصير وإهمال جابر كلفتنا الكثير ولا يجب أن تعاد التجربة مجدداً عبر المطار لا قدّر الله .
7 – الحكمة تتطلب الاعتراف بأن وضعنا الحالي ممتاز وبعيد عن القلق والمخاطر وذلك حسب الأرقام والمعطيات العالمية وأن علينا التأقلم مع الفيروس والأهم أن نقتدي بخبرات وتجارب الاخرين وليس من العيب اطلاقاً أن يعيد الإنسان تقييم نفسه وإعادة النظر باستراتيجيات غدت موضع تساؤلات وشكوك فهدفنا يجب أن يبقى المصلحة الوطنية وأن نحقق طموحات القائد .
كل الأرقام والمعطيات والمقارنات تظهر بوضوح أننا بألف خير وعلينا إعادة الثقة لعشرة ملايين أردني تحطمت نفسيتهم وامالهم بالغد .
الكورونا يا سادة التي حصدت حياة 26 إنساناً رحمهم الله ليست معظلتنا الوحيدة فحوادث السير قتلت 634 أردنيا العام الماضي والانفلونزا الموسمية والفطريات حصدت بعام واحد حسب اخر إحصائية أرواح خمسين طفلاً لم يبلغوا عامهم الأول والأمراض التنفسية أودت بحياة 113 طفلاً في السنة الاولى من العمر وفي مراكزنا الصحية يتعرض الأردنيون كل ساعة لمخاطرة متواصلة بأرواحهم وحياتهم وكيف لا ونحن نطالع في أرقام وزارة الصحة بأن مليوني مراجع للمراكز الصحية العام الماضي تم علاجهم من قبل الممرضيـن ومساعدي التمريض دون رؤية الطبيب لأنه في ال 676 مركزاً لا يوجد سوى 245 طبيب اختصاص فهل لهؤلاء البشر حلولاً قريبة في خطط وزارة الصحة ؟.الغد