ابراهيم الزعبي يكتب: ما بين فرنسا وحزب الله

مدار الساعة ـ نشر في 2020/09/17 الساعة 00:38

حين تتطلب الدبلوماسية التحدث إلى جميع الافرقاء بمن فيهم أولئك الذين يثيرون المشاكل، فاعلم انك أمام الدبلوماسية الفرنسية بكامل هدوئها ونفسها الطويل، والقائمة على «التوازن» في الملف اللبناني، انطلاقاً من إدراكها الشديد لحساسية وحقيقة التوازنات السياسية والطائفية المعقدة في هذا البلد، وعليه لا بد من التعامل مع سياسة الأمر الواقع.

ماكرون.. لم يدخل بيت الطاعة الأميركي في الملف اللبناني، رغم الانتقادات الأميركية المتكررة بوجوب وقوف فرنسا مع الحرية لا مع نظام إيران، باعتبار الحزب هو ذراع إيران في المنطقة منذ ثلاثة عقود، وكذلك المماطلة الفرنسية بتصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية كما فعلت بريطانيا والمانيا بمباركة أميركية إسرائيلية، غير أن وجهة النظر الفرنسية، نابعة من الالتزام بسيادة لبنان واحترام قرارات مجلس الأمن الدولي، عدا أن هذا الحزب ممثلا في البرلمان ويجب التحاور معه.

علاقة فرنسا–حزب الله، ليست وليدة الازمة الحالية في لبنان، فهي تعود الى ثمانينيات القرن الماضي، منذ نشوء الحزب، وتفجير داركار في بيروت، ومقتل جنود حفظ السلام الفرنسيين وجنود مشاة البحرية الامريكية، فكان الرد الفرنسي حينها، هو الاول والأخير بقصف مواقع تدريب الحزب في البقاع اللبناني في عهد الرئيس الفرنسي ميتران، وما تلى ذلك من عمليات اختطاف لدبلوماسيين وصحفيين فرنسيين نفذها الحزب بدوافع ومصالح ايرانية، كانت فرنسا ترضخ دوما لابتزازات الحزب ماديا وسياسيا.

علاقة الامر الواقع، هي ما طبعت مسار العلاقة الفرنسية بحزب الله حتى الآن، حفاظا على مصالح باريس في لبنان، وأمن مواطنيها وقواتها المنتشرة ضمن اليونيفيل، كما أن لهذه العلاقة، ولو كانت على مضض، بعد في علاقات باريس طهران الاقتصادية.

المبادرة الفرنسية.. والتي حملت توقيع ماكرون بهدف انقاذ لبنان، جاءت بعدما حل في بيروت من كارثة تفجير المرفأ، وما تلى ذلك من استقالة حكومة دياب تحت وطأة الضغط الشعبي، وتكليف مصطفى أديب–المتسلح بالمبادرة الفرنسية–بتشكيل حكومة اختصاصيين بعيدا عن العامل السياسي، وما زالت هذه المبادرة مطروحة رغم أن وقتها غير مفتوح، وهي مرهونة بوصول القوى السياسية الى تفاهمات تسرع في تشكيل الحكومة، رغم ما تشهده الساحة السياسية من تجاذبات قد تودي بهذه المبادرة.

حزب الله وحركة أمل ينظران للمبادرة الفرنسية بايجاب ولو على مضض خصوصا وأن طرحها جاء بعد حدثين هامين عاشهما لبنان: تفجير المرفأ وصدور حكم المحكمة الدولية الخاصة بالشهيد رفيق الحريري، وما تضمنه من ادانة عنصر من حزب الله.

«حزب الله» و«أمل» وحليفهما العونيون، ما زالوا يعطلون تأليف حكومة اديب، ويرون أن هناك التفافا عليها بهدف تطويق حزب الله ومحاصرته، والجميع يبحث عن حفظ ماء الوجه، قبل ان تنفض فرنسا يدها من لبنان، ولا أحد يعلم وقتها ماذا سيحصل في لبنان على جميع المستويات وخصوصاً على المستويين الاقتصادي والمالي!. الرأي

brahim.z1965@gmail.com

مدار الساعة ـ نشر في 2020/09/17 الساعة 00:38