عندما تصبح المفرق مدينة للثقافة الأردنية

مدار الساعة ـ نشر في 2017/04/30 الساعة 01:13
تزدهي «المفرق» منذ بداية هذا العام 2017 بنفسها كمدينة للثقافة الأردنية، وهي تقدم نموذجا خاصا بها ضمن اطارالثقافة الأردنية، لا بل والثقافة العربية عامة، وتصبغ على سكانها هذه الثقافة بشكل متوافق. فالمفرق والتي لها من اسمها النصيب الكامل، بعد ان كانت تعرف بالفدين، مذ كانت بلدة صغيرة على الطريق الرابط بين الأردن والدول العربية المجاورة: سوريا، العراق، السعودية، وفلسطين، وهو الطريق ذاته الذي يوصل بين تركيا والجزيرة العربية، استقبلت الكثير من الناس الذين أتوها كملاذ آمن أو كمستقر، يسهل فيه العيش، أو كنقطة انطلاق لآفاق أخرى أرحب. وقد أخلص لها هؤلاء القادمون اليها من ليبيا وسائر اقطار المغرب العربي وسوريا ولبنان، وبادلوها الوفاء عبر الاجيال فطوروا تجارتها وخدماتها وحراكها الثقافي والاجتماعي عبر اجيالهم واجيالها المتعاقبة، وقدموا للاردن شبابا معطائين منتجين وبرز منهم العديد من المبدعين والمتميزين. وها هي المفرق حتى اليوم تعج بالأخوة السوريين ممن اضطرتهم الأحداث الدموية في بلادهم الى اللجوء الى الحضن العربي الأردني منذ حلول موسم الربيع العربي الجائر، ووجدوا فيها ومنها الترحاب والمودة.

كما أن المفرق التي تربض على سيف الصحراء بشموخ، قد شبت عن الطوق بسرعة واتجهت تنمويا نحو البادية بالزراعة والاستنبات اولا وبالعمران والتوطن بعد ترحال ثانيا، فحولت الأرض الى سلة رئيسية للغذاء الأردني، ولم تتحول في نفس الوقت عن عطائها في تربية الماشية وانتاج اللبن. هذا الى جانب انتاجها للطاقة البشرية الخلاقة التي تشربت الثقافة الوطنية الأردنية، واجمعت على روح المواطنة والانتماء الوطني، وقد درست في مدارس المفرق، ونشطت في مراكز شبابها وشاباتها، وانتسبت إلى أنديتها وجمعياتها الاجتماعية والثقافية والفنية والرياضية. ومن هذه البيئة، التي كونتهم وكونوها، تخرج الآلاف من مختلف الجامعات والتخصصات، وأصبحوا كتابا معروفين وادباء بارزين، ورجال أعمال وناشطين سياسيين ونقابيين وحزبيين، ورجال قانون وشريعة ومحامين وأطباء ووزراء وأعيانا ورجال دولة ودبلوماسيين، كما عبروا جميعا عن ثقافتهم الواحدة، عبر الانتخابات النيابية والبلدية، وخدموا المدينة والمحافظة والبلاد بكل اخلاص ووفاء واقتدار.

واذا كان المقصود من تسمية إحدى مدن المملكة مدينة للثقافة الأردنية، تكثيف الجهود في السنة المخصصة، لتحديد معالم الخصوصية الثقافية للمدينة المسماة وتوضيح هويتها، وتفحص ذخيرتها من الأفكار والقناعات والممارسات والعادات والأعراف والتقاليد التي تميزها، وتعمل على تطويرها لتواكب العصر، وتنقيتها من الأوهام وصيانتها من التشويه، ففي عام المفرق مدينة للثقافة، يقتضي الأمر أن نبحث في ثقافتها، وهي الحاضرة في التاريخ العربي والاردني، حتى وصلت إلى هذه الصيرورة الحضارية التي تتمتع بها الآن، وكذلك النظر بعناية لما يتعرض له الشباب والجيل الجديد عموما من مؤثرات الثقافة العالمية عبر وسائل الاتصال الحديثة، والذي لا ننكر تأثيره الايجابي في اغناء المعرفة الذاتية للشاب، لكن هناك ما يمكن أن نسعى لدرئه مما يؤثر على ثقافتهم بخصوصيتها وهويتها، حتى في المأكل والملبس والشعور بالانتماء والمسؤولية الاجتماعية، مما نهدف إلى تعزيزه وتنميته لدى الشباب.

ولا بد في ظل هذا العام من أن يكرم الأفذاذ والموهوبين والمبدعين ممن انجبتهم المدينة وجوارها ومحيطها او استقروا فيها اوتركوا بصمات على الأجيال وفي الانتاج فيها وهم كثر، بما لا يمكنني ان اذكرهم بل اكتفي بالاشارة الى بعض من توفاهم الله قبل سنوات عدة، وتحتفظ المفرق بذاكرتها الممتدة ادوارهم في بنائها وتطورها وحراكها الاجتماعي الثقافي مثل: علي العابدية- اول رئيس لبلدية المفرق- ونايف رزق وعطالله الشبيل والاديب فايز محمود والمربية والاكاديمية عفاف حداد.

الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2017/04/30 الساعة 01:13