الزعبي يكتب: الابراهيمية.. ما بين الشمايلة وترامب
مدار الساعة - كتب: ابراهيم الزعبي
العلاقة ما بين الدين والسياسة قضية مهمة في الفلسفة السياسية، رغم آراء المنظرين السياسين من ضرورة فصل الدين عن الدولة ، لكن منهم من يرى انه لا ضير من وضع الدين في خدمة سياسة الدولة ، ما دامت الغاية تبرر الوسيلة.
الادارات الامريكية المتعاقبة والتي أدارت البيت الأبيض على مدى عقود ، كان الحس الديني حاضرا في سياساتها من أجل تحقيق أهدافها ، وبدا ذلك أكثر وضوحا في سياسة جورج بوش الابن والحزب الجمهوري ، وسيطرة اليمين المسيحي على دوائرة صنع القرار في الادارة الامريكية، من معتقد أن عودة المسيح مشروطة باجتماع اليهود في فلسطين، الى أن جاءت أحداث 11 سبتمبر 2001 والتي كانت مرتكزا لاظهار صوابية السياسة اليمينية للجمهوريين أمام الرأي العام الامريكي والتي انتهجتها ادارة بوش الابن.
سلام ابراهيم ... هو ما أطلقه الرئيس الامريكي ترامب على اتفاق السلام الاماراتي – الاسرائيلي والذي انضمت له البحرين لاحقا ، وقد تلحق به دول اخرى في المنطقة ، حيث جاءت التسمية على هذا النحو ، تيمنا باتباع ملة ابراهيم من الديانات الثلاث الكبرى " الاسلام والمسيحية واليهودية" ، وبهدف تذويب الاختلاف والفرقة بين الابراهيميين لصالح أن يعم السلام في أرجاء المعمورة.
اردنيا ... الابراهيمية ، دين السلام - ملة ابراهيم ،كان السابق في هذا الطرح ، قبل ثلاثة عقود من الزمن وتحديدا من عدنانية الكرك ، الباحث زكي ابراهيم الشمايلة ، او "امام الشتات" كما يطلق على نفسه ، وقد قوبلت طروحاته بالرفض والنكران اجتماعيا ورسميا وحوكم في سبيل هذا الطرح - الذي ما يزال متمسكا به - في تسعينيات القرن الماضي على قضايا بتهمة التفرقة الدينية وإثارة العنصرية والإساءة للشعور الديني، بينما كان الامر في نظر "الشمايلة" ، أنها قضية كافة المؤمنين بالله من الساميين والعالم بأسره، ولن ينهيها موت جسد أو سجن.
دولة الامارات العربية ... قبل عام أقرت انشاء "بيت العائلة الابراهيمية" والذي يضم " مسجدا وكنيسة وكنيسا" تحت سقف واحد، تيمنا بسيدنا ابراهيم "ابو الانبياء" ، وهو احدى المبادرات التي دعت اليها " وثيقة الاخوة الانسانية" ، تقديرا للديانات الثلاث " الاسلام والمسيحية واليهودية" .
العائلة الابراهمية ... تحمل معنيين، دينيا وتاريخيا: اسرة ابراهيم ابي الانبياء والمكونة من ولديه ، اسحاق واسماعيل ، والاسرة الابراهيمية التي اسسها ابراهيم وتشمل الديانات السماوية الثلاث ، وبينما يركز اليهود على بعد النسب للعائلة وانهم وحدهم يتحدرون من نسل اسحاق ، تراجع هذا البعد عند المسيحيين والمسلمين لصالح البعد الديني والانساني للدعوة الابراهيمية.
ما بين دعوة ترامب ودعوة الشمايلة - تذويب الخلاف ولم شمل أتباع ملة ابراهيم - بون شاسع من الاختلاف في وجهات النظر، وبعد في الطرح والرؤيا، فما أراده ترامب هو توظيف الدين لخدمة السياسة والمصالح الامريكية والاسرائيلية ، أما الشمايلة فأعتقد ان فكرته كانت دينية خالصة ، وهي قضية مؤمنين بالله من اتباع الديانات الثلاث ، والتي جاءت بجميع شرائعها لهدف واحد، هو توحيد الانسانية.
Ibrahim.z1965@gmail.com