نكسات اقتصادية وتقلبات سياسية.. هذا ما جلبه ترامب على أميركا في الـ100 يوم الأولى من حكمه

مدار الساعة ـ نشر في 2017/04/29 الساعة 17:14
مدار الساعة - شهدت الأيام المئة الأولى للرئيس الأميركي دونالد ترامب نكسات مدوية في الكونغرس وتقلبات في مواقفه السياسية في مختلف المجالات، إلا أنه تعلم الكثير خلال هذه الأيام. ورغم أن ترامب أظهر قدرة على التغيير سواء في لهجته أو في مواقفه، إلا أنه لم يوفق في تقديم رؤية واضحة لسياسته الخارجية. ومع فترة المئة يوم في السلطة التي تحمل مغزى رمزياً لأي رئيس أميركي جديد، فإن رجل الأعمال الملياردير ترامب أدرك السبت حقيقة صعبة وقاسية بعد أن وعد الأميركيين بأن يحقق الفوز لهم في كل المجالات. في هذه المرحلة من رئاسته فإن ترامب هو أقل رئيس أميركي شعبية في تاريخ الولايات المتحدة المعاصر (حتى ولو أن أنصاره المتشددين مازالوا يؤيدونه بقوة). ولايزال ترامب (70 عاماً) الذي أثار فوزه في الانتخابات صدمة في العالم، متمسكاً بسياسته غير المتوقعة وأسلوبه الارتجالي الذي جعل منه رجل أعمال ناجحاً في قطاع العقارات ونجم تلفزيون الواقع. ولكن يبدو أن هذا الرئيس الذي كان معادياً للمؤسسة السياسية أثناء ترشحه للرئاسة ووعد "بتجفيف المستنقع" في واشنطن، أدرك الآن أنه يتولى إحدى أصعب الوظائف في العالم. فخلال أسابيعه الأولى في الرئاسة عانى من ضربات موجعة بعد أن علقت المحاكم الفدرالية قراره بحظر السفر، كما لم يتمكن الكونغرس من التحرك بشأن إصلاحات الرعاية
الصحية. وقال ترامب خلال جهوده لإلغاء واستبدال برنامج "أوباماكير" للرعاية الصحية الذي ميز رئاسة سلفه باراك أوباما "لم يكن أحد يعلم أن الرعاية الصحية بهذا التعقيد". وبعد محادثات مع الرئيس الصيني شي جينبينغ حول كوريا الشمالية قال ترامب "بعد الاستماع لمدة 10 دقائق أدركت أن الأمر ليس سهلاً". تغريدات بالعشرات إن متطلبات المكتب البيضاوي والقيود المفروضة التي تجعل كل كلمة تنطق فيه تُحسب على صاحبها، تختلف تماماً عن الخطابات اليومية التي أدلى بها ترامب خلال حملته الانتخابية. ممن يطلب النصيحة؟ ونصيحة من يتبع؟ ما هي نوع العلاقة التي يجب أن يقيمها مع الكونغرس رغم أن الجمهوريين من حزبه يسيطرون عليه اسمياً؟ ما هو المجال الذي يمكن أن يتيحه لوزارتي الخارجية والدفاع القويتين؟ لقد قالها كل من سبقه إلى المنصب: إن الانتقال إلى البيت الأبيض في 1600 شارع بنسلفانيا يتسبب في صدمة كاملة للرئيس الجديد. صرح جورج دبليو بوش مؤخراً "شيء ما في وظيفة الرئيس يواجهه كل من يتولى هذا المنصب: أنت تفكر بطريقة معينة وقت دخولك إلى هناك وبعد ذلك تدرك أن ضغوط الوظيفة وواقع العالم مختلف عما كنت تعتقد". وباستثناء روتينه الذي لا يتغير بإرسال التغريدات كل صباح والتي عادة ما تتأثر بالأخبار التي تبثها شبكة فوكس نيوز، يمكن القول أن ترامب تغير. ففي اختياره لأعضاء فريقه وفي بعض مفاوضاته، يبدو أن "سمات الرئاسة" بدأت تحل على ترامب ولكن ببطء. وترامب الذي لم يتول أي منصب سياسي أو دبلوماسي في حياته وليست لديه أية خبرة عسكرية قبل أن يتولى أهم منصب في الولايات المتحدة، يقول أن أسلوبه المتغير ناجح. وأوضح "أنا أتغير وأنا مرن، أنا فخور بمرونتي"، وذلك قبل لحظات من إصداره أوامر بشن ضربات ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد بعد اتهام واشنطن له بشن هجوم كيميائي على مدنيين. وبالنسبة للصين وروسيا وحلف شمال الأطلسي، فقد غير ترامب رأيه وهو ما طمأن الأميركيين وعدداً من حلفاء واشنطن. قالت صحيفة واشنطن بوست في مقال افتتاحي مذكرة القراء بلهجة ترامب القاسية والقاتمة في خطاب تنصيبه "عندما ينتقل رئيس من كونه مخطئاً تماماً إلى كونه محقاً تماماً بشأن مسائل مهمة، فإن الرد المنطقي ليس انتقاده ولكن الاحتفال بذلك ولكن بحذر". فمن سوريا إلى كوريا الشمالية ما هي مخاطر زج الولايات المتحدة في نزاع عسكري لا يمكن التكهن بنتيجته، وهو الوضع الذي حذر منه ترامب أثناء حملته الانتخابية؟ كيف سيرد الرئيس الجمهوري إذا وقع هجوم إرهابي على الأراضي الأميركية كما حدث في 11 أيلول/سبتمبر؟ "الترامبية" إن أسلوب ترامب وشخصيته يكشفان أنه لن يكون كأي من الرؤساء الأميركيين السابقين. وفي مقابلة مقلقة مع مجلة "تايم" في آذار/مارس الماضي دافع فيها ترامب عن تصريحاته المثيرة للجدل والخاطئة قائلاً "ماذا أقول لك؟ غالباً ما أكون محقاً". وبعد ثلاثة أشهر من توليه الرئاسة فإن العديد من منتقدي ترامب ما زالوا يتفقون مع وصف الكاتب فيليب روث له في مجلة "ذا نيويوركر" في أواخر كانون الثاني/يناير. فقد كتب روث يقول إن ترامب "جاهل في الحكم والتاريخ والعلوم والفلسفة والفنون وغير قادر على التعبير بطريقة ذكية.. ومفرداته لا تتعدى 77 كلمة". كما تحوم التساؤلات حول العديد من محاور سياسة ترامب حول تعريفه الفضفاض جداً للـ"الترامبية" التي تدور حول شعاره الواسع "أميركا أولاً" الذي هو في الظاهر فكرة بسيطة ولكن يصعب تفسيرها. ولم تساعد الخلافات داخل البيت الأبيض الرئيس الجديد في التحرك نحو تقديم رؤية للأمد الطويل. فمن بين مجموعة تشتمل على المحافظ المتشدد ستيف بانون، يبرز أمر مهم وهو وضع عائلته في البيت الأبيض خاصة ابنته إيفانكا وزوجها جاريد كوشنر. أما النجاح الأبرز الذي حققه ترامب حتى الآن في أيامه المئة الأولى فهو تعيين القاضي الفدرالي المحافظ نيل غورستش في المحكمة العليا. وترامب يعلم أنه لا يستطيع عرض العديد من الإنجازات التي حققها خلال هذه الفترة، وانتقد في تغريدة "المعيار السخيف للإنجازات في أول مئة يوم"، رغم أن أحد أعضاء فريقه قال مراراً إن هذا المعيار مهم. ولا تزال أمام ترامب، الذي يتحدث عن احتمال الترشح لإعادة انتخابه، أكثر من 1300 يوم في الرئاسة. أ ف ب
مدار الساعة ـ نشر في 2017/04/29 الساعة 17:14