بلال خماش يكتب: شِيلدُون أَدِيلْسُون ومَاجِيْر رُوتْشِيلْد حَفَرَا أَسْمَاؤهما فِي اَلتَارِيْخِ اَلْيَهُودِي
مدار الساعة ـ نشر في 2020/09/09 الساعة 09:23
لقد أثبتت أحداث التاريخ التي وقعت في الماضي وتقع في الحاضر ومتوقع حدوثها في المستقبل أن اليهود هم أكثر أمة تملك التخطيط على المديين القريب والبعيد ولمئات وربما آلاف السنين منذ أن خلقهم الله ومن بعد بعثة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام.
وقد كتبنا أكثر من مقالة كيف خطط ونظم وأدار وتحكم ماجير/ماير أمشيل روتشيلد منذ القرن الثامن عشر في مال وإقتصاد وتجارة العالم وحتى وقتنا الحاضر. وكيف ترك خلفه خمسة من الأبناء مدرَّبين تدريباً دقيقاً ليكونوا من جهابذة المال والذهب ومتحكمين في مال وإقتصاد وتجارة العالم من بعده.
وما زالت عائلة روتشيلد من زمن كبيرهم والد ماجير روتشيلد تخطط وتنظم وتدير وتتحكم في مال وإقتصاد وتجارة العالم وتخدم يهود العالم حتى وقتنا الحاضر وللمستقبل. فمثل هذا التخطيط لا يوجد إلا عند اليهود علاوة على أنهم من أفضل من يقوم في تنظيم أعمالهم وكان ذلك واضحاً عندما قام ماجيل / ماير أمشيل روتشيلد بتنظيم أعماله وأعمال أبنائه الخمسة في وضعه خطة بيت التمويل للأعمال المصرفية طويلة المدى ومن ثم درَّب اولاده الخمسة ووزَّعهم على خمس دول أوروبية (إنجلترا، وفرنسا، وإيطاليا، وألمانيا، والنمسا) والتي تعتبر المراكز المالية الأوروبية الرئيسية في تلك الفترة الزمنية، وثبَّتهم فيها لتأسيس إمبراطوريته المالية.
وكما أوضحنا في مقالة سابقة لنا كانت ألمانيا من نصيب (أتسليم) والنمسا من نصيب (سالمون) وحاز (ناتان) على بريطانيا و(جيمز) على فرنسا أما (كارل) فكان الفاتيكان من نصيبه حيث أسس لكل واحد من أبنائه مؤسسة ماليه مرتبطة مع المؤسسة الأم والتي أسسها والده من قبل. ومما أنجزوه من نمو وتقدم في مجال عملهم جزم كل من يعرفهم بأنهم جميعاً لديهم الإرادة القوية والصبر الذي لا حدود له للوصول إلى أهدافهم المرسومه ضمن خطتهم الرئيسة وخططهم الفرعية للعالم بأسره. فما زال المثقفون والمطلعون في العالم يتذكرون بروتوكولات حكماء صهيون والتي خططوا لها من أكثر من مائة عام وبتنظيمهم وإدارتهم الناجحة (كانوا ومازالوا يوزعون المهام على كل عضو في الخطة الموضوعة وفقاً لقدراته وإمكاناته وليس وفق أي معايير أخرى ولا يضعون سرهم إلا عند من يستطيع أن يحفظ السر ولا يفشيه تحت أي ظرف من الظروف)، وبإرادتهم وسِرِيَّتِهِم وصبرهم الذي لا حدود له قطفوا ويقطفون وسيقطفون ثمار خططهم كما تم التخطيط لها. وهذه الصفات يتصف بها معظم اليهود إن لم يكن جميعهم في العالم، فنضرب مثلاً آخرا وهو السيد شيلدون أديلسون الذي ولد عام 1933 في حيّ ورشيستر في بوسطن، وهو إحدى المناطق الأكثر فقراً في الولايات المتحدة. وكان والده من ليتوانيا وعمل كسائق سيارة أجرة، وكانت والدته خيّاطة من أوكرانيا وكان كلاهما يهوديّين فقيرين من أوروبا الشرقية.
نشأ شيلدون أديلسون (Sheldon Adelson) على العمل في كازينوهات القمار وبيوت الدعارة ... إلخ، وأصبح ثابتا في قائمة أغنى عشرة أشخاص في العالم. فهو المليونير الذي فُتحت أمامه جميع أبواب العالم، بدءا بالبيت الأبيض ووصولا إلى ديوان رئيس الحكومة في الكيان الصهيوني. وهو الداعم الاقتصادي الأكبر للحزب الجمهوري الأمريكي، وقد ساهم مساهمة فعَّالة في حملات جورج دبليو بوش الرئاسية بين عاميّ 2001-2009، وكان أديلسون ضيفا دائما في البيت الأبيض في عهد بوش، ويحضر دعوات العشاء مع كبار الرؤساء والضيوف من العالم في البيت الأبيض وعلى سبيل المثال حضر دعوة عشاء مشتركة بين بوش والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي. أديلسون هو المساهم الأكبر في مشروع "تجليت"(Birthright Israel) الذي يهدف إلى إرسال شبان يهود من جميع أنحاء العالم في رحلات إلى إسرائيل، بهدف أن يهاجروا إليها في المستقبَل. وساهم بشكل كبير في تمويل حملة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بمبلغ 30 مليون دولار وفي تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، أشارت إلى التأثير الكبير لشيلدون على سياسات ترامب بشأن الكيان الصهيوني، خاصة فيما يتعلق بقرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس. أعلن إمبراطور كازينوهات القمار في الولايات المتحدة، شيلدون أديلسون، عن استعداده لتحمل تكلفة بناء مبنى السفارة الأمريكية في القدس إرضاءاً لزوجته الثانية الطبيبة مريام أوكشورن اليهودية من أصل بولندي. ووفقا لما نشرته صحيفة "جيروزاليم بوست"، أنه من المفترض أن تبلغ تكلفة بناء المبنى، نحو نصف مليار دولار. ويحتل أديلسون المركز الـ 14 في قائمة أغنى الأشخاص في الولايات المتحدة، حيث قدرت مجلة "فوربس" ثروته عام 2017 بأكثر من 34 مليار دولار. وهذا الدعم المالي الضخم والكبير والذي يقدر بعشرات الملايين لحملة دونالد ترامب الإنتخابية كان بشروط إشترطها شيلدون أديلسون على دونالد ترامب في مقابلة تلفزيونية اجراها معه للتأكد من جديته في تنفيذ ما يطلبه منه وهو تصفية القضية الفلسطينية بإعلان اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لاسرائيل ونقل السفارة الامريكية اليها ومن ثم شطب ملف حق عودة اللاجئين الفلسطينيين من اجندة عملية السلام.
كما كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية على أن حملة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تلقت تبرعات من الملياردير شيلدون أديلسون فقط مقابل وعد من دونالد ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل في حال نجاحه بالانتخابات الرئاسية مبلغ وقدره عشرون مليون دولار.
هكذا هو التخطيط والتنظيم والإدارة والإرادة والتصميم والتضحية والصبر اللامحدود والتنفيذ عند اليهود للوصول لأهدافهم، فأين نحن منهم؟
مدار الساعة ـ نشر في 2020/09/09 الساعة 09:23