إنه التيه الفلسطيني في الزمن الترامبي..!
عودة عودة
مثل الكثيرين الذين تبرعوا أن يكونوا حمائم سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين وفشلوا. طال هذا الفشل الرئيس الأميركي باراك حسين أوباما وعلى مدار ثماني سنوات من تقلده لرئاسة اعظم دولة في العالم.
فالرئيس الأميركي الملون لم يأت بجديد من أفكار تقود الى السلام ( العادل )، وكما يبدو فقد قفز أوباما ودون أن نعرف الأسباب عن جميع أفكاره التي طرحها وعلى رأسها: طلبه من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو تقديم جدول زمني.. مفصل للإنسحاب من الضفة الغربية يتسلمه منه في اقرب فرصة.
ما طرحه أوباما أفكاراً مكررة: دولتين لشعبين..والفكرة هذه تراوح مكانها منذ عشرات السنين وبدون جدوى لأن حكومة نتنياهو والحكومات الإسرائيلية السابقة المتعاقبة تريد ( بلع كل فلسطين ) وما حولها وعلى مهل وفي أوقات ومناسبات مقبلة.
و كما يبدو استطاع الرئيس أوباما ( الإفلات ) من طلبات اسرائيلية عديدة قديمة وجديدة منها: نقل مقر السفارة الأميركية من تل أبيب الى القدس وكما وعد في حملتيه الإنتخابيتين الأولى والثانية..
لم يجرؤ الرئيس اوباما الدعوة الى انسحاب اسرائيلي سريع من الأراضي العربية المحتلة في القدس والضفة الغربية وهضبة الجولان وأن يوقف الحصارالاسرائيلي الطويل عن قطاع غزة وأن يدعو اسرائيل لإخلاء سجونها من الأسرى الفلسطينين والعرب، وأن يطالبها بوقف الإستيطان فوراً، وأن يدعو الى تدمير الأسلحة النووية وأية اسلحة للدمار الشامل في دول الشرق الأوسط وفي مقدمتها الأسلحة النووية والبيولوجية الإسرائيلية.
و الأسباب كثيرة لسكوت أوباما المطبق عن هذه المطالب، فالولايات المتحدة في هذه الايام ليست معنية بالقضية الفلسطينية والرئيس الأميركي ردد في كل زياراته كل ما قاله شمعون بيريز في كلمته أثناء استقباله حول حل الدولتين واحدة منزوعة السلاح مقطعة الأوصال للفلسطينين وأخرى ترسانة عسكرية لدولة إسرائيل..
واشنطن منشغلة في هذه الأيام بتقسيم الشعوب العربية الى طوائف ومذاهب علمانيين متدنيين مسلمين ومسيحيين وبهائيين، شيعة وسنة وعلويين وبربر وأرمن وتركمان وغيرهم...
المتمعن في وجه أوباما وملامحه في كل زياراته لفلسطين المحتلة يرى الرجل في فمه ماء وهل يتكلم من في فيه ماء؟!
اميركا ليست احدى الدول العربية يحكمها شخص أو عدة اشخاص.! الرجل كان مندهشاً من المكان والناس في فلسطين.. نفس الإندهاش الذي اعترى وجه الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارترعندما زار هذه الديار الفلسطينية المقدسة والجميلة لكنه خرج من الدهشة وقدم (نصيحة) للفلسطينين والإسرائيليين بخلع أشواكهم بأيديهم وعلى أساس «الدولة الديمقراطية الواحدة « على ارض فلسطين التاريخية لجميع مواطنيها كحل لإنهاء هذا الصراع العربي الإسرائيلي وكما حدث في التسعينيات من القرن الماضي في دولة جنوب افريقيا.
ملامح وسحنة أوباما السمراء كانت تقول أثناء وبعد كل زيارة: القضية الفلسطينية صعبة الحل، الشعب الفلسطيني لم تنسه السنين دياره، ما يزال حوالي خمسة ملايين على أرضه الفلسطينية وهم في تزايد واليهود في تناقص، وستة ملايين فلسطيني آخرين في الشتات ولم يتخلوا عن حق العودة، وعلى الرغم من مرور 69 عاماً على قيام اسرائيل فهي دولة بلا حدود رسمية وبلا عاصمة مستقرة ولم يعترف بها أصحاب الأرض الشعب العربي الفلسطيني وجميع الشعوب العربية وعاشت و تعيش على العطايا والهبات الخارجية وحماية الدول الإستعمارية الكبرى..
العام 2017..وقبل 100 يوم رحل الرئيس اوباما من الحزب الديمقراطي وجاء بعده رئيس آخر دونالد ترامب من الحزب الجمهوري مختلف عنه في كل شيء: في الثقافة والانتماء الحزبي والرؤية المستقبلية ولم يتقلد اي منصب سياسي في حياته.، وأول خياراته (جعل امريكا عظيمة مرة أخرى)..! فها هو يخرج ام القنابل المدمرة في افغانستان..وهجوم صواريخه على مطارعسكري سوري.. والتهديدات ضد كوريا الشمالية.. وسعيه الدؤوب لالغاء التأمين الصحي اهم انجاز للرئيس اوباما (اوباما كير).!
لم يبادر الرئيس الجديد دونالد ترامب بطرح حل للصراع الفلسطيني الاسرائيلي.. كل ما قاله في لقائه مع نتنياهو: (انا اقبل ما يقبله الاسرائيليون والفلسطينيون..!) وكما يبدو فالقضية الفلسطينية ليس لها الاولوية لديه فهو مهتم بقضايا اخرى.. وخلال السنوات الاربع او الثمانية المقبلة ستكون «سنوات التيه الفلسطيني في الزمن الترامبي..!»
الرأي