اللواء المتقاعد مروان العمد يكتب: رسالة الى جلالة الملك
بقلم: اللواء المتقاعد مدير عام اسبق لدائرة الاحوال المدنية والجوازات مروان عبد الرحيم العمد
رسالة الى سيدنا وقائدنا ورمزنا جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين المعظم.
عليكم التحية والاكرام والتقدير ولكم الطاعة والاحترام.
سيدي ومولاي / انا اللواء المتقاعد مروان عبد الرحيم العمد والذي كان لي شرف الخدمة في دائرة المخابرات العامة في الفترة الممتدة من تاريخ 1 / 2 / 1974 ولغاية 20 / 4 / 2005 حيث احلت على التقاعد برتبة لواء وعينت لفترة وجيزة مديراً عاماً لدائرة الاحوال المدنية والجوازات. وبقيت من يوم ان احلت على التقاعد الى يومنا هذا جندياً مخلصاً لجلالتكم وللاسرة الهاشمية وللوطن كما كنت اثناء خدمتي. واعرف انكم دائما تحملون هم الوطن والمواطن وخاصة رفاق السلاح من قواتنا المسلحة واجهزتنا الامنية فوق اعناقكم.
وخطابي لجلالتكم اليوم يتعلق بفئة محدودة من هؤلاء الرفاق. وكم سعدت في البداية عندما سمعت ان دولة رئيس الوزراء قد خاطب معالي وزير المالية لدراسة امكانية منح الضباط المتقاعدين من هذه لاجهزة من رتبة ملازم وملازم اول ونقيب اعفاءاً جمركياً لأقتناء سيارة اسوة بغيرهم من جميع ضباط هذه الاجهزة على مختلف رتبهم.
وشعرت ان هذا الخبر هو خطوة لانصاف هذه الفئة من العسكريين ورد لجزء ولو يسير من الجميل الذي لهم في عنق الوطن. ولكن فرحتي هذه لم تكتمل عندما اطلعت على كتاب معالي وزير المالية محمد العسعس الموجه لمعالي وزير الدولة لشؤون رئاسة الوزراء سامي الداود برفض هذا الطلب بحجة انه يتعارض مع سياسة الحكومة بوقف كافة اشكال الإعفاءات. وكذلك قرار مجلس الوزراء رقم 9451 تاريخ /8 / 1 / 2019. واضاف ان منح هذا الاعفاء يتعارض مع خطة الحكومة للاصلاح والاستقرار المالي دون فرض ضرائب او رسوم جديدة. وقد طلب معاليه في نهاية رسالته للإيعاز لمن يلزم لابلاغ المستدعين بتعذر اجابة طلبهم.
وسبب عدم اكتمال فرحتى لأن المفروض ان من كان سيشملهم هذا القرارا هم جنود وضباط صف وزملاء خدموا القوات المسلحة والاجهزة الامنية ولفترات طويلة من الزمن. وان اغلبهم بدء خدمته من بداية السلم العسكري وبرتبة جندي ثم تدرجوا بالرتب الصغيرة الى ان وصل بعضهم لرتبة ملازم او ملازم اول اونقيب، ثم تمت احالتهم على التقاعد بعد خدمة طويلة قد تكون تجاوزت الثلاثين عاماً، فيما استمر بعضهم بالخدمة الى ان وصل لرتبة رائد او مقدم. وقد احيلوا على التقاعد برواتب تقاعدية متدنية جدا لا تكفي لتلبية متطلبات الحياة الكريمة لهم ولافراد اسرهم، بعد ان امضوا جل حياتهم وهم على الحدود وفي الصحراء وفوق الجبال وفي الوديان ومناطق الاغوار، يقومون على حماية الوطن والمواطنين وممتلكاتهم، ويلاحقون الخارجين على القانون والامن والنظام. لايبالون في ذلك ببرد الليل او حر النهار مضحين بذلك في حياتهم. الى ان احيلوا على التقاعد، الا نهم ظلوا على ولائهم لهذا الوطن ولقائد هذا الوطن. وظلو يزرعون حب الوطن والتضحية في سبيله في اولادهم. لم يبيعوا هذا الوطن لا بالغالي ولا بالنفيس، فيما فعل غيرهم ذلك وممن تدرجوا بالرتب الى اعلاها وحصلوا على اعلى المناصب والكثير من الامتيازات والاموال، ثم تنكروا للوطن بعد احالتهم إلى التقاعد وباعوه بأبخس الأسعار، والتحقوا في صفوف المعارضة واخذوا يشتمون الوطن.
لقد عرفت بعض هؤلاء الرفاق اثناء خدمتي وكانوا من اشرف الشرفاء واكثرهم اخلاصاً بالعمل. احس باحاسيسهم واشعر بمشاعرهم وظروفهم التي هم فيها. قد نكون خدمنا معاً نفس المدة الزمنية، هم تدرجوا في الرتب الدنيا وانا في الرتب العليا. هم وصلوا لرتبهم التي تقاعدوا عليها بتقاعد هزيل ودون اي امتيازات. وانا تقاعدت على رتبة لواء وحصلت على تقاعدها وان كان تقاعداً قديماً، ومعها سيارة وبعض الامتيازات الاخرى والتي تكفيني اذا كان كنزي القناعة والشكر لله على ما انعم علي.
بعد تقاعدنا لم تنقطع علاقتي بهم يحبوني ويحترموني وانا اقدر لهم هذا الموقف. يبثونني همومهم ويطلبون مني امكانية مساعدتهم. واهم مطالبهم هي فرص عمل لابنائهم في الأجهزة الأمنية وان يتمكنوا من شراء سيارة قديمة مستعملة اسوة بزملائهم الذين خدموا معهم والذي احيلوا على التقاعد برتبة رائد وحصلوا على اعفاء جمركي العام الماضي بإرادة ملكية.
كان املهم مساواتهم بزملائهم هؤلاء ليتمكنوا من شراء سيارة قد لا يتجاوز سعرها بدون جمرك الالفين او الثلاثة الاف دينار على اكثر تقدير يسترون بها انفسهم ويشعرون ان الدولة قد قدرت خدماتهم وكافأتهم عليها. ولكن معالي وزير المالية والذي بذريعة حرصه على مال الدولة استكثر عليهم ذلك. ولكن كم من ملايين ضاعت على اشخاص لا يستحقونها ؟ وكم من اموال اهدرت في غير مكانها ؟ هل توقف الامر عند هؤلاء الابطال واصبحت الدولة عاجزة عن انصافهم؟
ثم ان الموضوع هو تأجيل دفع الجمرك وليس اعفاء منه. واذا باع احدهم السيارة التي حصل على تأجيل جمركي عليها لشخص آخر لا يملك حق التأجيل فأن عليه ان يدفع عليها الرسوم الجمركية التي لم تدفع سابقاً، حتى لو باعها مشطوبة وعلى شكل قطع.
ان ما قام به معالي الوزير برفض هذا القرار هو الذي يمكن ان يلحق الضرر بالوطن، وهو الذي من الممكن ان يحول هؤلاء الاشخاص او بعضهم على الاقل من حماة للوطن الى اعداء له تحت ظرف الحاجة والاحساس بتنكر الدولة لهم. انهم ولسنوات طويلة يطالبون بذلك ويسعون اليه وكان عندهم امل بأن يتحقق لهم ذالك ذات يوم. حتى حطم معالي وزير المالية لهم هذا الحلم. وكثيراً ما طلبوا مني ان طرح موضوعهم امام المسؤولين معلنين اخلاصهم للنظام وللوطن. ولكن وعندما اقتنع المسؤولين بعدالة مطلبهم خرج عليهم معالي الوزير ليزاود عليهم بوطنيتهم ويحطم آمالهم. فليقل لي معاليه ماذا يملك هو من الوطن وماذا هم يملكون؟ بماذا ضحى هو في سبيل الوطن وماذا قدم لهذا الوطن والنظام اكثر منهم. فيما هم من كانوا يقفون في الشوارع ليجعلوها آمنة. وهم من كانوا يحمون حدودنا ويسهرون طوال الليل لكي ننام نحن مطمئنين آمنين. وهم من ضحوا بحياتهم في سبيلنا فهل نبخل عليهم بذلك؟
سيدي ومولاي جلالة الملك ان هذه الفئة من حراس الوطن يستحقون منا كل تكريم بعد احالتهم للتقاعد وهم يضعون كل املهم ورجائهم بجلالاتكم لتقوم بانصافهم كما انصفت غيرهم ممن قدموا خدمات للوطن حيث لم يبقَ لهم امل غير الله وغيركم. وهم يعاهدونكم ان يبقوا على العهد جنداً ناذرين انفسهم للدفاع عن الوطن اذا ما دعا الداعي لذلك. واذا ما اشرت باصبع يدك اليهم ليتحركوا فسوف تجدهم حولك اسوداً يزأرون.
حفظكم الله واعلى من شأنكم ورعاكم ونصركم على كل من عاداكم. واعانكم على القيام بواجباتكم الموكولة اليكم لحماية الوطن ورعاية مواطنيه واعطاء كل صاحب حق حقه. وحفظ الله الوطن وشعب الوطن، وسنبقى الاوفياء المخلصين لكم وللاسرة الهاشمية طالما بنا عرق ينبض.