نقابة الصحفيين.. جرفنا السيل

مدار الساعة ـ نشر في 2017/04/28 الساعة 21:25

تصرّ نقابة الصحفيين على إخراج نفسها من المشهد بطريقة فاقعة لافتة للنظر، لتفريغ القيمة الزاخرة لمهنة الصحافة ولمن يمارسها بمهنية وإحتراف عاليين، ولنصدق ما يقال عنا أننا لا في العير ولا في النفير، ولو كنا غير ذلك، لوجدنا لنا موطء قدم بين النقابات المهنية الأردنيّة الأخرى.

بالأمس ظهر الدخان الأسود من مبنى المركز الثقافي الملكي، نذيراً بعدم عقد اجتماع الهيئة العامة لمناقشة التقريرين المالي والإداري اللذين دار حولهما لغط كبير، وبعد ذلك إجراء انتخابات تفرز مجلس نقابة جديداً، يؤذن بمرحلة جديدة في حال وقع الإختيار على أعضاء لديهم على الأقل إلماماً بالعمل النقابي.

توجهت بالأمس بكامل لياقتي الصحفية وكوني مرشحاً لعضوية المجلس، حاملاً بياني الانتخابي وأمني النفس بعملية انتخابية تسودها الشفافية والمصداقية، كوني مرشح موقف أمثل المغدورين من صحيفة العرب اليوم التي تم التآمر عليها جهارا نهارا، دون ان يحرك أحد ساكنا للذود عن حماها كمؤسسة إعلامية وطنية، كان يعمل فيها عدة مئات من أصحاب الأسر.

كان المشهد غير محمود فطريقة الدعاية الإنتخابية قائمة على تبويس اللحى والمجاملات والجهوية، وكلمة السر المقيتة "ابشر"، وأن من يوافقونك على التغيير لا يلتزمون بمواقفهم فور ابتعادك عنهم، وترى اللقاءات الحميمية بين البعض، وتفاجأ بأحد يوجه لك سؤالا: من هو هذا الشخص الذي قبلني؟ ولو كان لدينا نقابة حاضنة جاذبة لما وصلنا إلى هذه الحالة البشعة من الاغتراب النفسي الداخلي، ولو كانت نقابتنا لنا بحق لتواجدنا نحن فيها بدلا من تركها للريح يصفر فيها.
لو كان السائد في نقابة الصحفيين تغليب الفكر لما وصلنا إلى ما نحن فيه وعليه، ونستطيع إكتساب الخبرات في هذا المجال من خلال القراءة والإطلاع على تجارب النقابات المهنية الأردنية الأخرى في مجال الإنتخابات، وكيف تتم الدعاية الإنتخابية، وقيام العملية الإنتخابية أصلا على قوائم وتكتلات وبرامج انتخابية، بمعنى أن يلتقي عدد من المرشحين الذين يلتقون على نهج بعينه، ويؤسسون قائمة ويختارون مرشحيهم بمن فيهم النقيب، وتكون هناك لجان تدير العملية الإنتخابية، لا أن تترك الأمور للمرشح أن يمارس كافة فنون المجاملات والنفاق كي يكسب صوت هذا الزميل وصوت الزميلة تلك.

ضربنا بالأمس في مقتل وجرفنا السيل، بتأجيل الإنتخابات للجمعة المقبل ويكون إجتماع الهيئة العامة بمن حضر، وهنا نستطيع إشتقاق مسوغين مرفوضين للتأجيل أو بمعنى أدق عدم إكتمال النصاب، ولنكن صريحين أكثر ونقول تهريب النصاب كما يجري أحيانا في مجلس النواب،عندما لا يراد البحث في هذه النقطة او تلك، ويذهب بعض الخبثاء للقول أن ذلك يتم عادة بـ"الألو"،وهذه تهمة لصيقة بنقابة الصحفيين التي نسعى لـ"حرفها"عن هذه الجادة المعوجة، ووضعها بعناية فائقة على حافة سكة القطار كي تسير في المسار السليم حفظا لقيمتها وكرامة العاملين فيها الذين يفترض فيهم ان يكونوا قادة الرأي العام ومن صانعي السياسات أو على الأقل يستشارون في الأوقات العصيبة.

المسوغ الأول هو تمرير التقريرين المالي والإداري لأن عدد الحضور يوم الجمعة المقبل سيكون بالضرورة قليلا، ولا يتسم بالحماسة المعهودة لمناقشة مثل هذه التقارير، وعليه فإن مجلس النقابة المنتهية ولايته سينجو من تبعات وتداعيات ما ارتكب من أخطاء مالية وإدارية، وستنتهي الأمور هكذا.

أما المسوغ الثاني وبحسب ما يفكر به بعض"الخبثاء" فهو أن معركة النقيب لما تحسم بعد، وأرى أن هذا العذر هو أقبح من ذنب، لأنه يشي بصريح العبارة أن أمرنا كصحفيين ليس بأيدينا وأننا لعبة بيد الغير أو عجينة طرية يشكّلنا كيف يشاء لضعفنا وعدم فهمنا لدورنا.

ما جرى من أمر غير مسبوق بالأمس يدعو الآخر أي آخر أن ينظر إلينا بعين الريبة لأن الضعيف لا يؤتمن، ومن لا يؤتمن لا يحق له التواجد على الساحة،ومن يحرم من التواجد على الساحة يحكم عليه بالإعدام، ومن يحكم عليه بالإعدام بهذه الطريقة يموت دون أن يترك بصمة، ومن لا يترك خلفه بصمة لن يذكره أحد،ومن لا يذكره أحد يخسر الدارين الأولى والآخرة، خاصة ممن هم في مجالنا حيث سنسأل عن علمنا ومواقفنا يوم القيامة.

ما لم تظهر ثلة من الصحفيين المغامرين بالتغيير والملتزمين بالثوابت، ويفرضوا أداءهم على الساحة فلن تقوم لنا قائمة، وسيحكم علينا بالإعدام، وسنرى العشماوي وهو يضع الحبال حول عنوقنا وعيوننا مفتوحة، وعندها سيكون الألم كبيرا ولكن صرختنا لن يسمعها أحد لسببين لأنها مخنوقة ولن تحرك شيئا من موجات الأثير، والثاني لأننا لن نستحق حتى الشفقة ليسمعنا أحد ويعرف ما بنا، وعلينا أن نعي أن التغيير بأيدينا،وأن يفهم الآخر أي آخر أن التغيير لا يعني الانقلاب، بل هو تأطير للعمل الإيجابي ومنعة للوطن،لأن الإعلام سلاح، وفي حال مسك السلاح ضعيف أو جاهل فإن خسارة المعركة واردة بل أكيدة.

مدار الساعة ـ نشر في 2017/04/28 الساعة 21:25