الحاشية هي العامل الأساس لنجاح أي مسؤول أو فشله

مدار الساعة ـ نشر في 2020/09/05 الساعة 22:40
بقلم: إبراهيم هادي الشبول
... كل إنسان يمارس الإدارة في حياته، سواء كان ذلك بالبيت أو بالعمل، وبالعمل هي العامل الأساس لنجاح أي مؤسسة أو فَشَلها، فهي مفتاح التطوُّر والتَّميُّز والإبداع الذي لن يتحقَّق بدونها حتى وإن توافرت العناصر الأخرى، وقد اقتضت الحاجة وجود حاشية للإدارة تساعدها في تسيير الأمور، والحَاشِية لغة هي الأهل والخاصّة (البطانة)، ومن أهم وأول واجبات المسؤول هو حسن اختيار الحَاشِية وطاقم العمل، ومن الحكمة وحُسن الإدارة أن يكون هناك مراقبة للحاشية والحد من نشاطها، لأنه لو أُغفل شأنها، لسَبَّبَت الضعف والفشل والسمعة السيئة، وذلك من خلال سيطرتها على المسؤول وقراراته، لتُصبح مع الزمن هي القوة المؤثرة والفعّالة لتحقيق ما تصبو اليه، حتى وإن كان في غير مصلحة العمل، ولتُشكل جدارًا يمنع وصول الحقيقة إلى المسؤول؛ وتُزيف الحقائق والوقائع في سبيل أن يكون القرار لمصلحتها؛ وبعضهم يحاول إيقاع المسؤول في الأخطاء والتجاوزات للسيطرة على قراراته، ومن ثم يقوم بتمرير مصالحه، ومن صفات مثل هذه الحاشية: النفاق، التدليس، اللباقة المُصطنعة، تغييب المعلومات الصحيحة، ومحاربة كل ناجح مُخلص، وهي تتصف بالتنافس والمشاحنة والبغضاء، والصراع على المناصب المُشبع بجو من الدسائس والمؤامرات فيما بين عناصرها، المُتصاحب مع التخفي والتستر بلباس الطُهر والنزاهة، المتزامن مع التبجيل والمديح الدائم للمسؤول، والنتيجة الطبيعية والمنطقية هي خروج الأعمال عن جادة الصواب وانحرافها، ليرى الناس المسؤول بعين ما يرون به الحاشية، حتى لو كان في غاية النزاهة، وبالتالي يفقد سمعته شيئا فشيئًا، حتى لا يبقى هناك مجال للتراجع والإصلاح.
.. طبعًا لا يخلو الأمر أحيانًا من وجود نوع آخر من الحاشية إلا أنه نادر الوجود، وهو المُتمثل في أصحاب الكفاءة الحقيقية التي نالوها بجدارة واستحقاق، إلا أنه وللأسف نادرًا ما تُعطى لهم الفرصة بسبب الشللية والمحسوبيّات والصفقات والولاء الشخصي والإقصاء، أو مُحاربتهم بقتل الحماس والإبداع لديهم وطمس أفكارهم، وتبقى النوعية الأولى هي الأكثر انتشارًا، وعناصرها هم أهل الحظوة المُقربين، أصحاب المشورة، وهم أهل الثقة حتى وإن كانوا منافقين أفاقين يساهموا في فشل المسؤول والمؤسسة، وذلك لأقصائهم الكفاءات الحقيقية، وتغييب حقيقة الأمور عنه، واعطاءه صورة كاذبة لواقع الحال لدرجة تعظيم الوهم لديه بالنجاح والتَّميُّز وتحقيق الانجازات؛ "كل شيء تمام يا بيك"، "الأمور عال العال عطوفتك"، والحاشية كانت وما زالت، وستبقى هي السبب الرئيس في نجاح المسؤول أو فشله، وذلك لأهميتها وقوة تأثيرها، وهي بالنسبة له مثل الأجنحة للطائر، يستطيع الطيران بواسطتها والتحليق عاليًا، وأن يهبط بسلام، ولكن إن اختلت واصابها العطب، فلن يتمكن من الطيران بسلاسة، وحتى أن طار فأنه سيهوي ويقع، ومع هذا تبقى مسؤوليته اختيار وتعيين من يثق بهم من ذوي الخبرة والكفاءة والنزاهة في المواقع الحساسة القريبة منه، ولا يلومنَّ إلا نفسه إذا سلَّمَ لهم رقبته ومنحهم الصلاحيات المُطلقة في تسيير الأمور، والمُصيبة إن كانوا فاسدين ولا يعلم بذلك، والمُصيبة أعظم إن كان يعلم ولم يعمل شيئًا، وأم المصائب إن كان شريكًا لهم ! وتبقى الحاشية مرآة المسؤول؛ فالمسؤول الصالح القوي يختار الأقوياء والصالحين، والفاسد والضعيف لا يستطيع أن يضم الناجحين الأقوياء لفريقه، لإنهم سيَطَّلِعون على ضعفه، ويكشفوا طَبتُه ! لهذا يُقرّب الفاسدين ليحققوا أغراضه بدون أن يظهر في الصورة، وعندما تخرب مالطا يُضحي بهم لكي ينجو بنفسه، أو قد يضحوا به إن استطاعوا ذلك ! و يا رُّوح ما بعدك رُّوح.
  • معلومات
  • أعمال
  • صورة
  • رئيس
  • منح
  • مال
مدار الساعة ـ نشر في 2020/09/05 الساعة 22:40