فيصل الغويين يكتب: العام الدراسي: غابت الجاهزية، وحضرت التصريحات
مدار الساعة ـ نشر في 2020/09/05 الساعة 19:15
(1)
لقد حذّر الكثيرون من تراجع الأداء الحكومي المريع في السنوات الأخيرة، وخاصة في الوزارات الخدمية الأساسية؛ ففي التقرير السنوي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي لعام 2019، المعنون “حال البلاد”. يرصد التقرير القصور الواضح في تنفيذ البرامج الموضوعة، وضعف التنسيق، وغياب الحوار، وحضور الموظفين “ من الدرجة العاشرة” في تشكيل الحكومات، والمواقع القيادية. ويرى معدّو التقرير أنّ الوصول إلى الفهم الموحد “للمصلحة الوطنية”، يتطلب توفر شروط أساسية من ضمنها “الحد من أمننة الحياة العامة”، وتعزيز الحوار الاجتماعي.
(2)
إنّ مظاهر الترهل في وزارة التربية ليست جديدة، وهي جزء من حالة عامة يعيشها القطاع العام في الأردن؛ والسبب الرئيس كان ولا يزال، الدفع بالأضعف، والأقل كفاءة ومصداقية، في منظومة إدارية لا يحكم التدرج الوظيفي فيها أي اعتبارات مهنية حقيقية؛ فاختلت المعايير، وأصبح التزلف والنفاق(وطنية)، وشروط أساسية للكفاية، وحضر الاستعراض والقدرة على التضليل، والأداء الوظيفي الروتيني، وإطلاق التصريحات التي لا تقنع حتى أصحابها، ومحاولات تغطية الشمس بغربال!. وغاب/غُيّب الفكر الإداري والتربوي الإصلاحي القادر على فهم الواقع، والتخطيط العلمي السليم، والقدرة على الاستشراف، في وقت نحن أحوج ما نكون إلى من يصدق الناس القول والفعل، لمصلحة البلاد والعباد.
(3)
لقد أضحى من المعلوم أن عملية إضعاف منظومة التعليم العام، لصالح (البزنس)، والتي سارت منذ عقود، قد أدّت إلى تراجع كبير في المؤشرات النوعية، لكفاءة النظام التربوي، وهي الأساس في الحكم على جودة مخرجات التعليم، على مستوى العالم.
ومن مظاهر هذا الإضعاف الممنهج تراجع نسبة موازنة وزارة التربية والتعليم من الموازنة العامة للدولة، وتراجع نسبة ما يخصص للتعليم من مجمل الناتج المحلي الإجمالي، علما أنّ معظم الإنفاق يذهب لتمويل النفقات الجارية، وخاصة الرواتب، والأشطة ذات الطبيعة الإدارية، في مقابل انخفاض الإنفاق على الخدمة التعليمية ذاتها.
ومن المفارقات أن مئات الملايين أنفقت على مشاريع (إصلاح تربوي)، لم تجر لها أية دراسة أثر أو تقييم، ولم يلمس أحد نتائجها، خاصة الطالب والمعلم، بل أن الآثار كانت سلبية.
ولا تزال الخطط الاستراتيجية للوزارة لا تخضع لحوارات حقيقية مع الميدان التربوي المغيب تماما، والمطلوب منه التنفيذ فقط، حتى وإن كانت الخطط الموضوعة لا تستجيب للواقع وتحدياته وحاجاته.
لقد تراجع وبشكل واضح وملموس الأداء المؤسسي للوزارة الأهم في الأردن، وأصبح الشعور يتزايد من حالة الضعف في الأداء الذي طال مركز الوزارة ومديرياتها، مع ما رافق ذلك من تداعيات سلبية على العملية التعليمية ومخرجاتها التي بات الجميع يعترف بتراجعها.
(4)
ويعاني المواطن منذ عدة سنوات، وفي بداية كل عام دراسي، من ضعف الجاهزية، المتمثل في النقص في الكتب، والمقاعد، والكوادر التعليمية، وصعوبة إيجاد مقاعد لأبنائهم في حال الانتقال من المدارس الخاصة إلى الحكومة.
وفي هذا العام الاستثنائي، تفاقمت الأزمة، التي لن تسعف كل خطط الوزارة في احتوائها، فهي أزمة هيكلية بنيوية تراكمية، في وقت تعاني البنية التحتية من وضع مأساوي، تبدو مظاهره في التالي: أ- زيادة نسبة الأبنية المستأجرة، والتي وصلت إلى حوالي (20%) من مجموع الأبنية المدرسية (777 مدرسة)، وهي نسبة قابلة للزيادة في ظل الزيادة الطبيعية للطلبة، والانتقال من المدارس الخاصة. علما أنّ الأبنية المستأجرة ليست أكثر من أبنية سكنية، تفتقر لأقل مقومات العملية التعليمية. وكان وزير التربية السابق د. عمر الرزاز قد صرح بأنّ هناك حاجة لبناء (600) مدرسة خلال عشر سنوات، في حين أنّ قدرة الوزارة لا تتجاوز بناء 20 مدرسة سنويا. ب- زيادة نسبة المدارس التي تعمل بنظام الفترتين حوالي (800). لاستيعاب الطلبة الراغبين بالانتقال الى المدارس الحكومية. مع وجود أعداد كبيرة من الطلبة على قوائم الانتظار. ج- الاكتظاظ الذي تعانيه المدارس، وارتفاع عدد الطلبة في الغرفة الصفية، مما ينعكس سلبا على جودة العملية التعليمية. د- إنّ جزءاً كبيراً من الأبنية المدرسية القائمة، قديمة ومتهالكة، وأصبحت كلف صيانتها عالية. ه- وما زاد الطين بلة، وجود حوالي (150) ألف طالب سوري، وآلاف الطلبة من جنسيات متعددة أخرى، يدرسون في المدارس الحكومية مع الطلبة الأردنيين. (6) توصيات 1-توفير الموارد المالية الكافية لبناء المزيد من المدارس، فبدون برنامج ضخم ومتسارع في بناء مدارس جديدة ، لا يمكن تصور أي تطوير حقيقي للتعليم. مما يتطلب ضرورة زيادة الانفاق الرأسمالي؛ للتخلص من المباني المستأجرة، والمدارس التي تعمل بنظام الفترتين، وخفض كثافة الصفوف، والتي لا تتوافر فيها بيئة تعليمية مناسبة. 2- ربط موازنة الوزارة بمعايير أداء، حيث لا يتيح النظام المالي الحالي بيانات مالية مفصلة، والانتقال من موازنات البنود إلى موازنات الأداء، والتي تتطلب التخطيط السليم، على أن يحسن توجيه وإدارة وحوكمة هذه الموازنة، وأن تخضع للمتابعة الدورية والتقويم والمحاسبة. 3- تخصيص ما لا يقل عن (5% ) من الناتج المحلي الإجمالي، و(20%) من الموازنة العامة وبشكل متدرج، لتلبية الحاجة للإنفاق على البنى التحتية، وتحديث كافة مكونات العملية التعليمية. 4-ضرورة الاهتمام بالتوظيف الكفؤ للقروض والمنح، وأن تدرج ضمن حسابات الانفاق للوزارة. مع إصلاح هيكل وأنظمة الإدارة المالية في الوزارة. 5-إنشاء صندوق خاص لدعم وتطوير التعليم، لتلقي التبرعات المالية من المواطنين ورجال الأعمال والشركات، وكل من استفاد من مجانية التعليم. 6-تعتبر الوزارة بمركزيتها الشديدة، وضخامة مسؤولياتها، وتشعب إداراتها، والتضارب في الصلاحيات، جهازا بيروقراطيا رتيب الإجراءات، لا يتيح فرصا حقيقية للتطوير. وقد يكون التفكير في إنشاء مجلس وطني أعلى للتعليم، تكون مهمته وضع الخطط والبرامج النوعية للتطوير والتحديث، ومراقبة الجودة، مع ضرورة تحويل المسؤولية المباشرة في إدارة المدارس إلى مديريات عامة تتمتع باستقلال مالي وإداري، مما سيخلص الوزارة من كثير من الأعباء الإدارية، ويقلل من الترهل الإداري الملموس. 7-أن يخضع التدرج الوظيفي إلى مؤشرات أداء تعتمد الكفاءة والنزاهة، بعيدا عن كل أشكال التدخلات التي طالت مختلف المستويات القيادية، ولا تزال حاضرة بقوة. عندها فقط ستحضر الجاهزية، وتتحدث عن نفسها.!
وفي هذا العام الاستثنائي، تفاقمت الأزمة، التي لن تسعف كل خطط الوزارة في احتوائها، فهي أزمة هيكلية بنيوية تراكمية، في وقت تعاني البنية التحتية من وضع مأساوي، تبدو مظاهره في التالي: أ- زيادة نسبة الأبنية المستأجرة، والتي وصلت إلى حوالي (20%) من مجموع الأبنية المدرسية (777 مدرسة)، وهي نسبة قابلة للزيادة في ظل الزيادة الطبيعية للطلبة، والانتقال من المدارس الخاصة. علما أنّ الأبنية المستأجرة ليست أكثر من أبنية سكنية، تفتقر لأقل مقومات العملية التعليمية. وكان وزير التربية السابق د. عمر الرزاز قد صرح بأنّ هناك حاجة لبناء (600) مدرسة خلال عشر سنوات، في حين أنّ قدرة الوزارة لا تتجاوز بناء 20 مدرسة سنويا. ب- زيادة نسبة المدارس التي تعمل بنظام الفترتين حوالي (800). لاستيعاب الطلبة الراغبين بالانتقال الى المدارس الحكومية. مع وجود أعداد كبيرة من الطلبة على قوائم الانتظار. ج- الاكتظاظ الذي تعانيه المدارس، وارتفاع عدد الطلبة في الغرفة الصفية، مما ينعكس سلبا على جودة العملية التعليمية. د- إنّ جزءاً كبيراً من الأبنية المدرسية القائمة، قديمة ومتهالكة، وأصبحت كلف صيانتها عالية. ه- وما زاد الطين بلة، وجود حوالي (150) ألف طالب سوري، وآلاف الطلبة من جنسيات متعددة أخرى، يدرسون في المدارس الحكومية مع الطلبة الأردنيين. (6) توصيات 1-توفير الموارد المالية الكافية لبناء المزيد من المدارس، فبدون برنامج ضخم ومتسارع في بناء مدارس جديدة ، لا يمكن تصور أي تطوير حقيقي للتعليم. مما يتطلب ضرورة زيادة الانفاق الرأسمالي؛ للتخلص من المباني المستأجرة، والمدارس التي تعمل بنظام الفترتين، وخفض كثافة الصفوف، والتي لا تتوافر فيها بيئة تعليمية مناسبة. 2- ربط موازنة الوزارة بمعايير أداء، حيث لا يتيح النظام المالي الحالي بيانات مالية مفصلة، والانتقال من موازنات البنود إلى موازنات الأداء، والتي تتطلب التخطيط السليم، على أن يحسن توجيه وإدارة وحوكمة هذه الموازنة، وأن تخضع للمتابعة الدورية والتقويم والمحاسبة. 3- تخصيص ما لا يقل عن (5% ) من الناتج المحلي الإجمالي، و(20%) من الموازنة العامة وبشكل متدرج، لتلبية الحاجة للإنفاق على البنى التحتية، وتحديث كافة مكونات العملية التعليمية. 4-ضرورة الاهتمام بالتوظيف الكفؤ للقروض والمنح، وأن تدرج ضمن حسابات الانفاق للوزارة. مع إصلاح هيكل وأنظمة الإدارة المالية في الوزارة. 5-إنشاء صندوق خاص لدعم وتطوير التعليم، لتلقي التبرعات المالية من المواطنين ورجال الأعمال والشركات، وكل من استفاد من مجانية التعليم. 6-تعتبر الوزارة بمركزيتها الشديدة، وضخامة مسؤولياتها، وتشعب إداراتها، والتضارب في الصلاحيات، جهازا بيروقراطيا رتيب الإجراءات، لا يتيح فرصا حقيقية للتطوير. وقد يكون التفكير في إنشاء مجلس وطني أعلى للتعليم، تكون مهمته وضع الخطط والبرامج النوعية للتطوير والتحديث، ومراقبة الجودة، مع ضرورة تحويل المسؤولية المباشرة في إدارة المدارس إلى مديريات عامة تتمتع باستقلال مالي وإداري، مما سيخلص الوزارة من كثير من الأعباء الإدارية، ويقلل من الترهل الإداري الملموس. 7-أن يخضع التدرج الوظيفي إلى مؤشرات أداء تعتمد الكفاءة والنزاهة، بعيدا عن كل أشكال التدخلات التي طالت مختلف المستويات القيادية، ولا تزال حاضرة بقوة. عندها فقط ستحضر الجاهزية، وتتحدث عن نفسها.!
مدار الساعة ـ نشر في 2020/09/05 الساعة 19:15