فهد الخيطان يكتب: هل تصلح وصفة 89 لمعالجة مشكلاتنا؟
هل تصلح وصفة 1989 لمعالجة مانواجه اليوم من أزمات في الأردن؟
في ذلك التاريخ تعرض الأردن لهزة اقتصادية عنيفة، واندلعت حركة احتجاج عنيفة عرفت بهبة نيسان، على إثرها تبنى المغفور له الملك حسين وصفة سياسية لمعالجة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة، فقرر المضي نحو إجراء انتخابات نيابية، وإلغاء الأحكام العرفية وترخيص الأحزاب السياسية، وإطلاق الحريات العامة والصحفية على وجه التحديد.
في الشق الاقتصادي بدأ الأردن مسيرته مع صندوق النقدي الدولي وأقر برنامج الخصخصة، واعتمد بشكل كبير على المساعدات العربية والقروض الدولية والضرائب لتعويض خزينته الخاوية وتقليص العجز.
منذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا تبدلت أحوال الأردن.
صحيح أن مسار التحول الديمقراطي تعرض لهزات كبرى وانتكاسات مؤلمة، خاصة في عقد التسعينيات، لكن العملية الديمقراطية ظلت على قيد الحياة.
أزمة الاقتصاد الأردني العام 89 كانت أردنية خالصة، أما أزمتنا الحالية فهى عالمية بامتياز وتمتد جذورها لسنوات سبقت عاصفة كورونا يوم أن انهار الاقتصاد العالمي سنة 2008.
تخيلوا أن دولة غنية بوزن الكويت كنا نعتمد على مساعداتها مشكورة، تستعد اليوم لاقتراض أكثر من عشرين مليار دينار كويتي من السوق العالمي، ومثلها دول خليجية أكبر.
على المستوى السياسي، ما أنجزناه من تحولات ديمقراطية لم يعد متاحا اليوم، لأننا ببساطة نتمتع بحياة حزبية ربما تفيض على الحاجة، وبرلمان لم يغب في العشرين سنة الماضية سوى عامين، ولدينا وسائل إعلام متنوعة تمثل مختلف الأطياف، وقفزة هائلة في حرية التعبير وفرتها مواقع التواصل الاجتماعي حطمت كل السقوف المعتادة، لم يعد هناك شيء لا يقال في الأردن، والأحزاب العقائدية التي كانت تحارب النظام السياسي في الثمانينيات، تمول من خزينة الدولة حاليا.
وفي العشرية الأخيرة أجرينا تعديلات جذرية على الدستور لم يكن أحد يجرؤ على المطالبة فيها قبل ذلك باستثناء عدد محدود من شخصيات المعارضة، وفتحنا قانون الانتخاب للتعديل عدة مرات وجربنا مختلف الأنظمة الانتخابية والنتيجة واحدة تقريبا.
صحيح أن الحكومات المتعاقبة ومؤسسات الدولة ارتكبت أخطاء جسيمة في السنوات الماضية ولا ينبغي أبدا السكوت عنها بل الرجوع عنها، لكننا أنجزنا الكثير، فبرغم الأزمة الاقتصادية الخانقة، خزينتنا في وضع مريح مقارنة مع خزينة 89 المفلسة والدينار الأردني قوي لدرجة مكنته من تجاوز الأزمة العالمية.
الاقتصاد الوطني أظهر قدرة في الأزمة الأخيرة على توفير معظم احتياجات المواطنين من مواد غذائية وطبية، في وقت عانت فيه دول كثيرة أقوى منا شحا في المواد الأساسية.
أمامنا جبل كبير من المشاكل والتحديات على المستويين الاقتصادي والسياسي، ونحتاج فعلا لجهد وطني عظيم لتجاوزها والتخفيف من آثارها.
حالة الأردنيين الاقتصادية صعبة والبطالة هاجس يؤرق الجميع مثله مثل ارتفاع تكاليف المعيشة، لكن أزمتنا الراهنة لا يمكن معالجتها بأدوات قديمة مضى عليها أكثر من ثلاثين عاما.
نحتاج لوصفة جديدة، تبدأ بحكومة قوية فاعلة ونخبة سياسية نزيهة ومؤمنة بالأردن وطنا ومملكة.
وها نحن في خضم موسم انتخابي مفصلي فلماذا لا نجعل منه مناسبة للحوار الوطني الواسع والانخراط الكامل في المعركة، ترشحا وانتخابا.
قبة البرلمان هي المكان الوحيد لإدارة الحوار الوطني وإنجاز برنامج الأولويات الوطنية. هذا لم يكن متاحا في 89 لكنه اليوم أكبر مكاسبنا.
الغد