أما آن لهذا الذل أن ينجلي؟

مدار الساعة ـ نشر في 2017/04/26 الساعة 13:30
ان فوبيا المؤامرة والمتآمرين على العالم والفكر العربي ليست وليدة اللحظة فهي تعود الى عدة عقود مضت مع اتخاذها اشكالاً ومناحي مختلفة ومتعددة ومبررات سياسية او دينية اواقتصادية كانت او لم تكن، فعقولهم وطمعهم والنزعة الاستعمارية لديهم لم تكن لتعجز عن ايجاد الحجج والذرائع الواهية التي تمكنهم من السيطرة على هذه المنطقة طمعا بما حباها الله من ثروات غنية ومواد اولية علاوة على اهميتها الجغرافية والاستراتيجية في العالم فهي تشرف على اوروبا من الشمال وعلى افريقيا من الجنوب وتطل على شبه القارة الهندية و اسيا كما انها تتحكم في اهم المنافذ البحرية والملاحية التي تربط العالم بعضه ببعض , ولا يخفى علينا ما تضمه بين جنباتها من حضارات وثقافات الامم الغابرة وتاريخ حافل بالاحداث والوقائع عدا عن انها مهبط الرسالات السماوية الثلاث.

واستحضارا لذاكرتنا لا بد ان نذكر هنا بعضا من المؤامرات التي استهدفت عالمنا العربي مثل الفكرة التي تبناها رئيس وزراء بريطانيا في ذلك الحين( كامبل بانرمان ) عام 1907 عندما جمع سبع دول اوروبية وطرح عليهم نظرية السيطرة على العالم العربي كحل لجميع مشاكلهم المادية لكنها لم ترقَ الى خطورة مؤامرة اتفاق (سايكس بيكو) كما يعتقد البعض حيث انها كانت مجرد فكرة ونظرية في حينها لانها لم تطبق على ارض الواقع ولم ترَ النور, مع انها بقيت راسخة في مفهوم ووجدان الدول الاوروبية انذاك, حتى جاءت معاهدة (سايكس بيكو) لتترجمها وترسخها على الارض حقيقة وواقعا , وذلك بتقسيم المنطقة العربية الى مناطق نفوذ فيما بينهما , والتي على اثرها اصبحت فلسطين من نصيب الانتداب البريطاني مدعومة بقرارات مؤتمر (سان ريمو) الذي ايد ايضا وعد بلفور المشؤوم باقامة دولة يهودية في فلسطين وعهد اليها بتحقيق هذا الوعد بكافة السبل واهمها تشجيع هجرة اليهود الى فلسطين ومن جميع انحاء العالم ومن الدول العربية التي كانت تحت سيطرتهم وبذلك تم اعطاء من لا يملك لمن لا يستحق واصبح للمغتصب حق على حساب اصحاب الحق.

وللانصاف اقول انه ما كان لبريطانيا ان تسمح بتمرير وعد بلفور لولا موافقة الحلفاء وعلى راسهم امريكا وفرنسا، ومنذ ذلك الحين والمنطقة لم تعرف معنى الاستقرار او النمو او الازدهار وهي غارقة الى يومنا هذا في صراعات دموية طائفية ودينية وقبلية بسبب ما زرعه الاستعمار بينهم من فتنة وفرقة وخاصة الصراع على تقسيم الحدود والذي اشعل نارا داخلية بين العرب وان ساهم الصراع الخارجي وما يخطط لهم الاستعمار واصبحب بمثابة (مسمار جحا) و(قميص عثمان) ولا هوادة ولا تفاهم بينهم في هذا الامر وهكذا استجابة الامة بوعيها كانت او بغير وعي لمخططات الاستعماروخبثه وتفرقت على اثرها شيعا واحزابا كل يرجو المنجاة لنفسه ولحاضنته , ولم يعد يربطهم ببعض سوى اللغة والقيم والعادات واصناف الطعام.

اما مفهوم الوحدة والمصير المشترك والقومية فقد اضحت "اثر بعد عين" واصبحت عبارات وكلمات خالية من المعنى جوفاء من الجوهر يتشدق بها المفلسون والمنافقون يغسلون بها عقول الاطفال في المدارس، وهذا ما أدى ويؤدي إلى بروز حقيقي للتعدد والتوحد في الشخصية العربية , إن ظاهرة التعدديات أو التنوعات هي ظاهرة طبيعية ونجدها عند كافة الأمم والشعوب غير أن الإشكالية تكمن في نزوع هذه الظاهرة نحو العنف والصراع الدموي كما يحدث الان في سوريا والعراق واليمن وليبيا وقد تطال دولا اخرى في المستقبل.

ومنذ ذلك الحين ونحن نعيش في ذعر ورعب وهلع وترقب وعدم استقرار ومن ورائنا النمو والازدهار, نتلقى الضربات والصدمات بصدر رحب وعلى مدار السنين والايام , وتحاك من حولنا مختلف المؤامرات والدسائس نتلقاها بعجز وخنوع وتصعقنا صواعقهم بدون مانع او ستار , وتمطرنا حمم صواريخهم بدون رد او انفعال حتى هجر الانام من الارض والطير من السماء وتناوبت سياطهم على اجسادنا ليل نهار تلسع ظهورنا وتطال بطوننا وفي كل مكان حتى اثخمت اجسادنا بالجراح واصبحت من علامات الذل والهوان وادمنا عليها بل تميزنا بها عن باقي الامم والاقوام , وامسينا منبوذين ومصنفين على قائمة الارهاب نصطف كالاغنام في طوابير التفتيش في المطارات والحدود عربية كانت ام غربية وجباهنا تقطر عرقا خجلا من انفسنا ومن باقي المخلوقات , ورهنا انفسا واوطانا لصندوق دولي من افكار الاستعمار مع اننا نحن الذين نغذيه بالاموال , واصبحنا نستجدي منهم لقمة العيش والماء , وهذا نزر من اليسير.

متى تكتشفوا ايها العرب لقاحا يشفينا من هذا الذل المستكين ونرجع امة العزة والكرامة كما كان الاولين.
مدار الساعة ـ نشر في 2017/04/26 الساعة 13:30