ترايسي شمعون: استقالتي ليست الا البداية
مدار الساعة - في خطوة جريئة أعلنت تريسي شمعون عن استقالتها من منصبها كسفيرة للبنان لدى المملكة الأردنيّة الهاشمية، على خلفية الانفجار المدمّر الذي حصد أكثر من 170 ضحيّة وأوقع ما لا يقلّ عن 6000 جريح وأودى بنزوح 300 ألف فرد. متضامنة مع الشعب النازف، تعلّل استقالتها: "عملتُ حسب ما أملاه عليّ ضميري". تقول إنّها لم تعد تحتمل أن تمثّل هذه السلطة التي تهمل واجباتها وتصمّ آذانها عن مطالب الشعب وأوجاعه.
في معرض التطوّرات، تشدّد على أنّ استقالة الحكومة ليست سوى بداية ويجب تغيير المنظومة الفاسدة التي تدير البلد منذ سنوات: "المسؤولون الذين لديهم سلطة القرار عليهم الرحيل. أوصلوا الدولة إلى ما هي عليه اليوم ويتحمّلون مسؤوليّة الوضع الحالي". بسقوط الحكومة سقطت السلطة التنفيذية وتحوّلت إلى تصريف الأعمال. يجب التنبّه إلى أن الحكّام الحاليّين سيعملون جاهدين للإتيان بحكومة على قياسهم ويتستّرون بالمطالبة بحكومة وحدة وطنية".
وتدعو السفيرة المستقيلة لاتّباع خطّة طريق لإعادة بناء الدولة والنهوض بالبلد تنطلق من تشكيل حكومة إنقاذ تحظى بشرعيّة دوليّة دون تدخّل خارجي، محميّة من الضغوطات السياسية-الطائفية-المحاصصاتية، وزراؤها تكنوقراط مدنيّون غير حزبيّين مختارون حسب معايير الكفاءة. وعلى جدول أعمالها أوّلاً تعديل القانون الانتخابي يوصل مستقلّين إلى مجلس النوّاب يعملون لصالح لبنان وينتخبون رئيساً جديداً للجمهوريّة.
تستدرك أنّ الأكثرية في البرلمان الحالي قد ترفض تعديل القانون لأنّها تريد تأمين استمراريّتها. لذا، ما يجري على أرض بيروت مهمّ لكن يجب توجيه اندفاع الشباب نحو الضغط على النواب الحاليين لينصاعوا لإرادة الشعب الذي انتخبهم فيدعمون تعديل القانون قبل أي انتخابات نيابية جديدة. وعن اعتداء الأمنيّين والميليشيات على المتظاهرين العزّل والتصويب عليهم بالرصاص الحيّ والخردق والمطاطي تعلّق: "هذا أمر غير مقبول وهؤلاء مندسّون، دورهم تكبير القضية واستباق أي حوار".
وإذا تعذّر تعديل القانون يجب اللجوء إلى المطالبة بإسقاط كلّ السلطات: السلطة التشريعية عبر استقالات وازنة؛ المطالبة باستقالة رئيس الجمهورية. ولدى سؤالنا عن موقفها إذا عارضت بكركي إسقاط رئيس الجمهورية الماروني، قالت بأنّ هذه المسألة باتت وجودية بالنسبة للبنان. استطراداً توضح أنها لا تتحدث عن دولة مدنية بل عن آلية تسمح بتأليف حكومة لا ترضخ لضغوطات سياسية، تضمّ شخصيّات تتمتّع بالمهنيّة ولديها خبرة في إدارة ملفّاتها. أمّا المناصفة فينصّ عليها الدستور. "يوم نؤمّن انتخابات تمثّل المواطنين حينها سنكون حتماً في ظلّ حكومة وطنيّة".
عن موضوع الضغوطات التي تُمارَس من قبل "حزب الله" وإيران على اللبنانيين، أجابت: "يعيش اللبنانيّون للأسف في قلب صراع عالمي، علقنا به ويجب أن يُحَلّ". وهناك طرق كثيرة مرسومة علّها تساعد على تذليل الصعوبات.
وفي وقت يفقد فيه الكثيرون الأمل بغد أفضل، تعتبر أنّه من الممكن التوصّل إلى حلّ داخلي من خلال الحوار وليس من خلال العنف.
وعمّا إذا كانت تدعو السفراء والقناصل عبر العالم للاستقالة، تذكّر بأنّها عملت حسب "مبادئها وضميرها". فماذا عن ضمائر الآخرين وعن حسّهم الوطني لا سيّما من عُيّنوا تعييناً سياسيّاً أو دخلوا السلك الدبلوماسي عبر محاصصات ويعملون بتبعيّة لمن وظّفهم؟ تشرح السفيرة المستقيلة أن السفراء ليسوا أصحاب القرار إنّما ينفّذون سياسة الحكومات المتتالية وتميّز بين من هم معيّنون ومن هم موظّفو فئة أولى. تخبر أنها عندما كانت سفيرة كان عليها اتّباع التعاميم الموزّعة على السفارات من قبل وزارة الخارجيّة وأنّه وصلتها توجيهات بعدم الإدلاء بتصاريح للصحافة إلا بعد الحصول على إذن بذلك وإطلاع الوزارة على الأسئلة.
ختاماً، ترى تريسي شمعون أنّ اللبنانيّين بدأوا مساراً عليهم الذهاب به إلى النهاية. "يجب إقالة الذين صنعوا القرار منذ عشرات السنين وأودوا بلبنان إلى الإفلاس والمجاعة والموت. هؤلاء يجب تنحيتهم من مراكزهم". النهار