عودة الى الايجاز الصحفي
الكاتب: كمال زكارنة
الايجاز الصحفي اليومي الذي كان يبث من مركز الازمات واحيانا من رئاسة الورزاء، والذي اعتاد عليه المواطنون اثناء فترة الحجر خلال الموجة الاولى لوباء الكورونا العالمي، ساعد كثيرا في اقناع المواطنين بالالتزام بالتعليمات والارشادات التي كانت تعلنها وزارة الصحة وتطالب الجميع بتطبيقها وتنفيذها ،الى جانب الاجراءات العملية التي ترافقت مع اصدار اوامر الدفاع التي وصلت الى احد عشر امرا.
الجدية التي كانت ملازمة لشخوص المتحدثين في الايجاز الصحفي وبخاصة الوزيران الدكتور سعد جابر وزير الصحة والاستاذ امجد العضايلة وزير الاعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة،والتي كانت ذات طابع عسكري الى حد ما ،رسخت الالتزام لدى المواطنين بالتعليمات والتوجيهات الصادرة عن وزارة الصحة والجهات المعنية الاخرى بنسبة كبيرة جدا ، حتى بدا الايجاز الصحفي بأنه من اهم الادوات والاساليب التي تعزز الالتزام وتحفزه وتشجعه لدى الجميع.
ولا يمكن ابدا الا ان نفتخر ونعتز بالدور الكبير لجلالة الملك عبدالله الثاني وولي العهد سمو الامير الحسين الذي شكل مظلة وطنية اتسعت لكل الاردنيين والمتواجدين على ارض المملكة ،والمتابعة الحثيثة والدائمة لجلالته والتوجيهات الملكية السامية لمواجهة الوباء والتعامل معه والتصدي للتحديات التي رافقته ونجمت عنه على الصعد كافة.
اليوم ومع ارتفاع نسبة وسقف الاطمئنان لدى المواطنين، والتحلل نسبيا من الالتزامات بالارشادات والتعليمات الصحية لمواجهة الوباء ،مع اننا اصبحنا جميعا معلمين في هذا الموضوع ،بدأت ترتفع اعداد الاصابات المحلية بالفيروس ،وقد ظهر الانفلات خلال ايام عيد الاضحى المبارك ،حيث غصت بعض المقاهي بالمرتادين ،وكذلك المزارع بالاعراس والمناسبات والرحلات الجماعية ،والتجمعات دون اخذ الاحتياطات اللازمة ،مما ادى الى توقف التقدم نحو المصفوفة الخضراء والثبات في منتصف الطريق ،واصبحنا مهددين بالتقهقر الى الخلف ،بعد ان وصلنا الى حافة المربع الثالث في المصفوفة الصحية والوصول الى شاطيء الامان
ربما تضطر الحكومة للعودة الى الايجاز الصحفي،اذا تواصل ارتفاع اعداد الاصابات المحلية خلال الايام القادمة،واتخاذ اجراءات اشدّ في التعامل مع الاسترخاء من قبل البعض بالتدابير الاحترازية والاحتياطات الصحية ،ولسان الجميع يقول لا نريد العودة الى الحجر ،نعم صحيح، لكن هذا يتطلب اجراءات عملية على المستوى الفردي والجماعي حتى يتحقق.
التزام المواطن والمؤسسات المختلفة بالاجراءات الوقائية والاحترازية من خلال الاصغاء الجيد والتنفيذ الدقيق لتعليمات وارشادات وتوجيهات وزارة الصحة والحكومة للتعامل مع الوباء والتصدي له ،تشكل الفيصل في تعامل الحكومة مع اي تطورات جديدة سواء كانت ايجابية او سلبية.
قد يكون البعض فهم خطأ مرونة الحكومة ازاء تعامل المواطنين والمؤسسات مع الوباء خلال الفترة الاخيرة ،تلك المرونة التي ترافقت مع الانخفاض الشديد في اعداد الاصابات المحلية،واعتقدوا ان الوباء انتهى،لكن ما نلاحظه هذه الايام يتناقض تماما مع تلك الاعتقادات والفرضيات،الامر الذي يعني الانتباه جيدا والتعامل مع الوباء بجدية اكثر وشجاعة اكبر بالالتزام الذي هو اسهل بكثير من الالزام.