ياسمين مهيار تكتب: عن اللبنان والغربة في الأوطان
كتبت: ياسمين مهيار
مساء الثلاثاء الرابع من تموز ، حيث كنت أتابع أحداث النكبة و تفاصيل الدّمار و التشرّد،الذعر و الأذى، الغربة عن الأرض و ملاذ الطمأنينة وراحة البال في مسلسل "التغريبة الفلسطينية" و إذ بصوت الإنفجار يعلو ويقترب من سماعات الهواتف من حولي! شدّني الصوت ليأخذني لأتابع تفاصيل مسلسل حقيقي من حيث السيناريو، الأحداث، الشخوص و الحبكة و لكنه على أرض بيروت الحزينة المنكوبة!
أخذت بهاتفي و إذ هي صور الإنفجار و لحظاته الموثّقة تتناقل عبر الصفحات! في غمضة عين أصبحت بيروت ركاماً، حُطاماً، شظايا و جثثٌ بشرية تحت الأنقاض!
مراسلون ينقلون الحدث بدموعهم و حناجرهم المخنوقة
يا لهول الصدّمة كنت أظن أنه قد فاتني الكثير منذ أن كتب وليد سيف الأديب العظيم تفاصيل النكبّة في التغريبة ولم أشاهده حتى اللحظة! ولكنه من المؤكد وحتماً أنه لم يفتني بعد شيء من الأحداث حيث أن امتداد النكبات و النكسات، المجازر و الثورات، الحروب الدموية و الدّمار لازال يمتد عبر الأزمان لينصب اعمدته في لبنان و غيرها من البلدان حتماً! و نحن من سيكتب التاريخ وسيشهد عليه
لم يختلف كثيراً مشهد "أبو أحمد" و هو يلملم أحفاده، أولاده و يتحضر للخروج من قريته الصغيرة المحطّمه عن اللبناني وهو يلملم أشلاءه و يغمر دماءه و يركض بها خارج حدود الوطن لا الإنفجار فقط! اللبناني الذي ينتقل من مرحلة الثبات المؤقت الى المجهول الدائم و الضياع الأمني و السياسي يلاحقه حتى في حلُمه و لكنه الغريب و اللاجىء في وطنه و عن غربة الوطن في الوطن أتحدث!
كانت ولازالت الفجوة بين صوت الأحرار والقرار السياسي في الصالونات السياسية خيرُ شاهدٍ على ضياع الشعوب، كان ولا زال قهر المواطنين وسلب حرياتهم و كرامتهم
وجهين لعملة الاستعمار! نحن العرب المستعمرون جميعاً دون استثناء، نحن الذين نهب للمساعدة عندما تنفر الدماء و تتناثر الاشلاء فقط و نختبىء في خنادق الصمت في أوقات تلاحمنا المشؤومة!
اللبناني الذي عاش منكوباً و رغم ذلك سعيداً، منفرداً في ذوقه و مزاجه! يحب الحياة على طريقته، أرزته كرامته و رمز قوته.
اللبنان عاشق الورد بصوت زكي ناصيف وقطعة سماء بصوت الوديع الصافي الباقي في الأذهان، اللبنان الرحابنة و صباحات فيروز وأغانيها الجبلية الحاضرة دوماً في القلب والذاكرة.
من قلبنا سلاماً لجبالك و سهلك وقبلة على جبينك علّها تطيب جراحك
ختاماً "ان كانت خاتمة الأحزان بيد الله! فلتكن خاتمة الأحزاب بإرادة الشعوب" ايها الشعب العنيد