بلال خماش يكتب: انفجارا بَيْرُوت 2020- تَكْسَاس 1947 (تَوْأَمان)
يتكرر في أكثر من مكان في هذا العالم وقوع كوارث وأحداث مؤلمة بسبب أخطاء بشرية سواء أكانت مقصودة أو غير مقصودة، ولا يتعلم الإنسان من أخطائه ولا تتعلم الدول من أخطائها السابقة؟!. لا ندري لماذا؟ وهل مشيئة الله تتدخل في مثل هذه الكوارث والأحداث وكما يقال: عندما يقع القدر يُعْمَى البَصَرُ، أم ينتقم الله من بعض الناس المقيمين في بعض تلك الأماكن في هذا العالم لمخالفاتهم تعاليم وقوانين الله في جميع الرسالات والديانات السماوية، بعد استيفائهم جميع التحذيرات والفرص للعوده عن أخطائهم وإصرارهم عليها؟!
أعاد انفجار مرفأ بيروت في لبنان قبل يومين، إلى الأذهان، حادثة مماثلة وقعت قبل 73 عاماً في ولاية تكساس في الولايات المتحدة الأميركية، وكان السبب في الانفجارين، نترات الأمونيوم السريعة الإنفجار. ففي عام 1947 اشتعلت النيران في سفينة فرنسية بعد رسوها في أحد موانئ تكساس، وكانت السفينة تحمل ألفين وثلاث مائة طن من نترات الأمونيوم، وهي المادة ذاتها التي تسببت بالانفجار الضخم في مرفأ بيروت. واندلعت شرارة الانفجار في السفينة الفرنسية من جراء حريق، ناجم عن عقب سيجارة (على ما يبدو والله أعلم وهو خطأ بشري) ، وأخذ الدخان يتصاعد وألسنة اللهب تعلو المكان، إلى أن وصلت النيران إلى مخازن نترات الأمونيوم في ميناء تكساس، ودمرت في طريقها سفن شحن أخرى وصهاريج للنفط، ومناطق سكنية، مما تسبب بتشريد وجرح وقتل الآلاف. وكان ضحية حادثة تكساس خمسمائة وواحد وثمانين قتيلاً وخمسة آلاف جريح، وسجلت هذه الحادثة في تلك الفترة أنها أكبر الكوارث غير النووية التي شهدها العالم. وقد تسببت بتشريد أكثر من ألفي شخص. وخسائر مادية قدرت بمائة مليون دولاراً وخسائر النفط المحترق بحوالي خمسمائة مليون دولاراً علاوة عن تدمير مصانع عدة ومئات المنازل وتضرر آلاف السيارات.
أما إنفجار بيروت الذي وقع يوم الثلاثاء الموافق 4/8/2020 فكان بسبب انفجار المواد شديدة الانفجار من نترات الأمونيا المصادرة من قبل السلطات اللبنانية والمخزنة في مستودعات المرفأ غير الآمنه (دون إجراءات سلامة أي خطأ وإهمال بشري) والتي تبلغ كميتها ألفين وسبعمائة وخمسون طناً. وقد أسفر الإنفجار وفق الإحصاءات الأولية عن مقتل 135 وإصابة حوالي خمسة آلاف شخصاً، وتشريد حوالي ربع مليون شخص (بحسب مصادر إعلامية).
ولم تقتصر الأضرار الفادحة على موقع المرفأ فحسب وإنما تعدت ذلك لتطال أبنية وأسواق وشوارع مما قد يبدل خريطة المدينة إلى الأبد. وأدى الإنفجار الشبه النووي إلى تضرر سيارات ومبان وأشجار.
وكشف وزير الداخلية اللبناني أن المعلومات الأولية تشير إلى أن تلك المواد شديدة الانفجار، صودرت قبل سنوات، وكانت مخزنة في المرفأ قد إنفجرت، وهو الأمر الذي يتم التحقق بشأنه حاليا (وهل تم التفجير الفظيع عن قصد أوغير قصد؟! ومن هو المستفيد من دمار بيروت؟!).
لم تنسَ لبنان الإنفجار الفظيع الذي حدث في بيروت وأودى بحياة رفيق الحريري ومن معه، وماذا أسفر عن لجان التحقيق في ذلك الحادث؟! وهل إستفادت لبنان منه أو من غيره من كوارث عديدة حدثت في لبنان؟!. وهل ستسفر لجان التحقيق في إنفجار مرفأ بيروت عما يعود بالفوائد والنفع على لبنان وشعبه؟!. لسنا من المختصين في السياسة ولا في الأمور الأمنية وما يتعلق بها، ولكن نستطيع أن نقول: الحمد والشكر لله أن حبانا الله بالقيادة الهاشمية الحكيمة في أردننا العزيز وما أعده جلالة الملك عبد الله الثاني بخبرته المتميزة في السياسة العالمية وببعد نظره وإستشرافه للمستقبل بتوجيهاته المستمرة للمسؤولين لإعداد وتحديث الأجهزة الأمنية المتطورة بشكل مستمر في أردننا العزيز وإعدادها وتدريبها على إجراءات أمنية تستبق الأحداث لتمنع بإذن الله وقوع كوارث مثل ما وقع في لبنان أو غيره من الدول العربية المحيطة والإقليمية والعالمية.