هل الأردن عاقر؟!!
تحتاج المراجعات الجارية على اكثر من مسار رئيس من مسارات التطوير التربوي الى استجابة ذاتية وموضوعية لشروط العصر وادواته المستخدمة، فالعصر الراكض بتسارع عجائبي نحو الاتمتة والتعلم اكثر من ميله نحو التعليم، بمعنى ارتباط التعليم مع الحاجات المجتمعية واحتياجات سوق العمل المحلي والخارجي، يحتاج الى خبراء قادرين على استلهام اللحظة وعكسها على البرنامج المنشود في التطوير التربوي والتعليمي بلياقة بدنية عالية تستطيع اللحاق بالادوات المستخدمة، التي تتسارع من يوم الى يوم بل من لحظة الى اخرى.
نستطيع بيقين ان نقول ان الاستجابة نحو تطوير المنظومة التعليمية والتربوية كي تستجيب لاشتراطات التعلم حضرت بدليل الحراك السريع الذي يقوم به وزير التربية والتعليم مسنودا بإرادة سياسية عليا لتحقيق هذا الهدف، ولاكتمال اشتراط الانتقال السلس نحو هذا الفهم، يجب الاستعانة بذوات يملكون ثقافة العصر وادواته، ويعرفون العصر ومتطلباته، ليس من باب الانتقاص من الرعيل الأول والثاني الذي وضعنا على سكة التعليم بوقار حتى اصبحنا منارة تربوية وتعليمية يُشار لها بالبنان، لكن - وجازى الله لكن – يجب ان نُربّي اولادنا لزمان غير زماننا كما قال الامام علي كرّم الله وجهه، والزمان تجاوز الرعيل الأول والثاني وباتت تلابيبه ممسوكة بيد الجيل الثالث والرابع من الخبراء الذين جابوا اصقاع الدنيا وكل ذاكرتهم وتجربتهم في مضمار التعلم وليس التعليم، بعد ان باتت المعرفة حاضرة على اجهزة بحجم كفّ اليد والحافظة من الزمن القديم بفضل شرائح الذاكرة التي تستوعب مكتبة بحجم مكتبة بغداد على فلاشة بحجم الاصبع.
لا يمكن عزل الانسان عن تأثره بتجربته الذاتية وعن انعكاس الادوات المستخدمة على سلوكه وتفكيره، واكاد اجزم ولا أظن، ان تركيبة المجلس الاعلى للمركز الوطني لتطوير المناهج، من الجيل الذي تعاطى التكنولوجيا رغما عنه وأجسُر فأقول اذعن للادوات الحديثة ولم يتعامل معها عن طيب خاطر وهذا ربما يكون اول مثلب في التوليفة، فقصة نجاح كثير من الذوات كانت في مضمار التربية والتعليم – لاحظوا في مضمار التربية والتعليم – وليس في مضمار التعلم الذي هو عنوان التطوير المنشود ومقاصده، وتلك اول الحكاية وليست آخرها.
فالحكاية ممتدة ولكنها العقول والألسن مثل قميص حُشر في مخدة النوم، واقصد تدوير النخبة التي كانت سببا للازمة التي نعاني منها الآن، فكيف تكون هي الحل للازمة ؟ وهذا السؤال يفتح باب الاسئلة المشروعة، عن الرسالة التي نود ارسالها للاردنيين في امكانية تحقيق امانيهم وطموحاتهم بعدالة ويُسر ونحن نُعيد تدوير النخبة ذاتها وفي كل المواقع وكأنها حالة فريدة او اجبارية، فتسرب الى الذات الوطنية ان الاردن عاقر عن انتاج بدائل ورافض لمبدأ الكون في تسليم الراية من جيل الى جيل، وأحيا ذلك نزعة متطرفة من النيستولوجيا – الحنين الى الماضي – عند الاردنيين بشكل يوحي ان المستقبل ليس لهم.
التطرف ليس فقط في المسائل الدينية والطريق اليه - التطرف - مثل الطريق الى جهنم، مملوء بالنوايا الطيبة، وما يحدث في العقل المركزي يشير الى احتمالين، اما ان العقل المركزي لم يقم بتحديث معلوماته او انه ممسك على تلابيب اللحظة دون مراعاة اماني الاردنيين وطموحاتهم وهذا مكمن الخطر، فالفرصة ما زالت قائمة والمجتمع الاردني خزان هائل من الخبراء في مجالات متعددة ونقرأ كل يوم ما يمنحنا الثقة والالق عن عقول اردنية ومنها، مما يستدعي تحديث معلومات العقل المركزي للدولة حتى لا نقول لاحقا، نجحت العملية لكن المريض مات... يا اصحاب القرار الاردن ليس عاقرا.
الدستور