نور الدويري تكتب: بين الاتجاهين.. مع المعلم أو مع الوطن
مدار الساعة ـ نشر في 2020/07/29 الساعة 19:35
كتبت - نور الدويري
من يقرأ في السياسة ويتابعها يكتشف كمية الاستهزاء بالفكر العام ومن يحلل قراءات ميكافيلي في كتابه الأمير يستوعب كمية التشاؤم التي يُحملها على المجتمع والثقافة السياسية بالعموم.
وتأكيده أن من يُطلق عليهم علية القوم يبحثون عن الجمع بين السلطة والمال، رغم أن الحقيقة المؤكدة تقول: إن العلياء أو علية القوم مفهوم فضفاض يحتمل المادة والمعنوية فالعلياء قد تكون في نبالة الأخلاق والإبداع في الأفكار وقد تكون فيمن يملكون المال إلا أن إهتمام الناس بالعموم بالمصالح المادية المتفوق على المصالح الشخصية أو الإنمائية لشخصية الفرد تعزز فكرة أن علية القوم هم مالكي المادة لا الفكرة أو الأخلاق .
عموما ما دفعني لكتابة هذه المقدمة هو الأثير السياسي الذي دفع بخلق أزمات متنوعة لدفع بلاء نواة الازمة الأساس ودحر فكرة إقامة إعتصام المعلمين والجدل حول النقابة .
لنحلل معا أزمة المعلمين:
أولا : علينا طرح عدة أسئلة هامة :
* هل المعلمون قائمون على نقابتهم أم نقابتهم قائمة عليهم؟
* هل إدارة النقابة تستعطف الشعب ؟
* هل الدولة تستقوي على المعلمين أم على النقابة؟
* هل المعلمون يقرأون السطور ؟
* لماذا يربط البعض قضية المتعطلين بمعظم قضايا الوطن؟
* لماذا يُناقش مفهوم الحقد الطبقي في قضية المعلمين؟
* هل مصلحة النقابة حزبية بحته؟
ثانيا : لنحاول الإجابة بحياد كمواطنين نصر أن نستقل بأنفسنا بارائنا قابضين على جمر الأمان ولغة الوطن.
* مؤخرا قامت النقابة على المعلمين، والأصل أن تكون العكس وهذا ليس إتهاما للنقابة فأنا لست سوى كاتبة تلميذة مواطنة مسحوقة.
زيادة خمسة دنانير على راتبي قد تجعلني أبكي فرحا، لكننا نحتاج لأن نكون منطقين فمن واجب النقابات بالعموم الدفاع عن حقوق منتسبيها فلا تكون صامتة، ولا تكون منفعلة.
فمطلبهم اذن شرعي لا جدل فيه لكنه يثير الجدل إذا قُورن بالجو العام والظرف الإستثنائي .
* إستعطاف الشعب واضح في كفي معادلة القضية والتي لا يمكن وصفها بالازمة إلا إذا اخترقها غرباء عن القضية مما يعني أن هنالك جدلا واسعا في شرعية المطلب رغم توحد الشعب على القضية الأساس.
* الدولة من واجبها فرض الحماية والامن العام وضمان إستمرارية الوطن بثوابته، فإن اختلفنا أم أتفقنا أو اصلا استوعبنا كمواطنين بسطاء واقع الحماية والامن لادركنا أن حاجتنا للضبط يجب أن تكون مستمرة فنسيج الوطن معقد وتضاريسه تزداد تعقيدا .
كما أن هنالك تعالياً لهتافات ومُضاربات وقِماراً في مصالح شخصية وحزبية ربما تفوق او تعادل مصلحة الوطن لذا سيبقى من الملح إبقاء الوطن تحت الحماية القصوى.
* ان المطلب الشرعي للنقابة إذا قُورن بالنقاش غير الشرعي كما تنقسم اراء الشارع العام فلم تتمكن من صُنع رأي مغاير للمعلمين! رغم الخلاف على أسلوب النقابة، فهل يعقل أن توقيف علاوة لبضعة شهور، بالاصل قُسمت بطريقة لم يرها معظم المعلمين عادلة بعد تصنيف سلم العلاوات كإضافة علاوة المعلم الخبير وغيره يمكن أن تخنق وتفقر المعلم! وهو بالأصل مُجاز وزميله في القطاع العام والعسكري والطبي خسر علاوته أو تحسين معيشته كذلك!.
الحقيقة التي يجب أن تثار الأن لماذا تم الخصم أصلا على الجميع؟ وما هو حجم التوفير في هذه النفقات وإنعكاسه على الازمة ؟
* المتعطلون قضية كل الشعوب وكل الازمنة ترتفع وتنخفض نسبتها حسب نسب التضخم والدخل القومي وإدارة الحكومات بالعموم لقطاعات دولها الحيوية، وهي مشكلة من المؤكد أنها لن تموت لكنها قابله للحل الجزئي.
في قضيتنا اليوم نراقب إقحام ملف المتعطلين بكل ألوان الاعتصامات والقضايا مما يثير الحزن والاكتئاب فلا يمكن استغلال ظرف صعب بالأصعب لأن هذا سيعني أن هنالك هدفاً قد يسيء للمصلحة الوطنية العامة.
فالمتعطلون أزمة تحتاج لتكاتف واسع بين القطاعين العام والخاص لتحليل اسبابه ومعالجة معظمه والتي من الممكن أن تكون متاحة، فحتى في أحلك الظروف يمكن تخصيص صناديق لحماية العوائل التي يثبت أن معيليها عاطلون عن العمل ضمانا لضمر الفقر والحاجة إلى أدنى مستوى يكفل العيش الكريم فلماذا أذن نقحم ملفهم دوما في كل ملفات الوطن؟
*التساؤلين الأخيرين سأفكر بهما معا، من المعروف أن حزب النقابة هو الممتد في الأردن والمفروض على الحياة الحزبية الوطنية لأنه قوي عربيا وهذا يصنع منه حزبا فاعلا فهو يضرب على حواس العاطفة الدينية ويستقطب الكادحين المتعلقين بالدين في سبيل إعانة أنفسهم المرهقة اثر مقارنات الفرص، وهذا حتما ليس عيبا أو ضررا بقدر ما يجب أن يكفل بالمقابل حجم النضوج الفكري المسؤول كذلك .
ولأن السياسية لا تحتمل العواطف إنما المصالح وجب أذن نزع العاطفة وتحديد أولويات المصالح.
في قضيتنا المصلحة الوطنية هي العليا فعندما نقول أننا مع الوطن يجب أن ندرك أننا مع المعلم ومع العسكري ومع الطبيب ومع الموظف المتعوس لكننا لسنا مع نهج النقابات بالعموم أو الاحزاب بوجه الخصوص اذا ربطت مصالحها بإستغلال عواطفنا .
اليوم نحن نعيش مرحلة حرة نفرضها بأنفسنا على الجميع شرط أن لا تتعارض حريتنا مع بقاء الوطن.
فأسس بناء الديمقراطية ودولة الحداثة هو إستيعاب حجم المسؤولية الوطنية وتعريب كل الاطر والأسس التي تخدم الحريات المسؤولة .
حمى الله الأردن العظيم.
المقال لا يطلق الأحكام إنما يحلل النزاع سياسيا، وعليه اقتضى التنويه .
مدار الساعة ـ نشر في 2020/07/29 الساعة 19:35