فهد الخيطان يكتب: مناوشات معتادة ليس أكثر
مدار الساعة ـ نشر في 2020/07/27 الساعة 22:53
التوتر على الجبهتين السورية واللبنانية مع إسرائيل ليس مقدمة لمواجهة عسكرية واسعة.
بعد عدوان إسرائيلي على الأراضي السورية خلف خمسة قتلى أحدهم قيادي في حزب الله وفق اعتراف الحزب، تعرضت مواقع للجيش الإسرائيلي في الجولان المحتل لرشقات سورية, ردّا عليها بالمثل، ثم هدأت الأحوال.
لكن إسرائيل شرعت على الفور بإعادة نشر وحدات من جيشها على الحدود اللبنانية، وأغلقت طرقا في المناطق المحاذية لنقاط التماس، تحسبا لرد متوقع ومحسوب من طرف حزب الله.
لا يتوقع لهذه المواجهة أن تبلغ مداها أو تتحول إلى حرب بين حزب الله وإسرائيل، على الأقل في هذه المرحلة.
هناك بالفعل حرب إسرائيلية مستترة على إيران، تمثلت بسلسلة من الهجمات الغامضة على أهداف حيوية في إيران، أخطرها الهجوم على منشأة نووية في نطنز، تسبب في دمار شامل لموقع إنتاج أجهزة الطرد المركزي، ناهيك عن هجمات لا تتوقف يوميا على ما تقول إسرائيل إنها مواقع لقوات إيرانية في سورية.
هذه الهجمات لم تتوقف أبدا وليس متوقعا أن تتراجع وتيرتها، خاصة في غياب أي ردود قوية من إيران وقواتها الحليفة في المنطقة.
على الجبهة السورية، من غير الوارد أن يذهب الجيش السوري إلى التصعيد في الجولان.
معطيات المرحلة العسكرية والسياسية لا تسمح للقيادة السورية بدخول مواجهة مع إسرائيل في وقت تكافح فيه على محاور داخلية جماعات إرهابية مسلحة، وعربدة تركية في الشمال، وفي الوقت نفسه أزمة اقتصادية خانقة جراء انهيار أسعار الليرة السورية.
حزب الله يواجه أزمة سياسية في الداخل غير مسبوقة. الأوضاع العامة في لبنان على حافة الانهيار وفق وصف وزير الخارجية الفرنسي الذي زار بيروت منذ أيام.
والحزب في دائرة الاتهام الشعبي مثله مثل مختلف التيارات السياسية والطائفية الغارقة في أزمة تلاوم عما آلت إليه الأوضاع في البلاد.
إيران الداعم الأساسي لحزب الله تواجه حصارا اقتصاديا خانقا يحول دون مد يد المساعدة للحلفاء، ومصادر التمويل للحزب في الخارج تلاحقها عيون الاستخبارات الأميركية في كل مكان.
حزب الله بات كالفيل المحشور في زجاجة لا يملك القدرة على التحرك. ورغم قدراته العسكرية الفائقة إلا أن محددات الوضع القائم لا تسمح له باستخدامها في مواجهة مكلفة مع إسرائيل.
حكومة نتنياهو لديها شهوة للحرب، لكنها الأخرى “مربطة” باعتبارات داخلية وخارجية. نتنياهو خسر معركة الضم المبكر للأراضي الفلسطينية المحتلة، وتلاحقه تهم الفساد في المحاكم والضغوط الشعبية لدفعه للاستقالة. علاقته مع الشريك في حكومته في حالة متدهورة، ويفكر جديا باللجوء إلى انتخابات مبكرة.
الهجوم على لبنان يحتاج لضوء أخضر أميركي وهو غير وارد في هذه المرحلة لانشغال إدارة ترامب بالانتخابات الرئاسية، خاصة مع تراجع شعبية الرئيس على وقع أزمة اقتصادية خانقة جراء إدارته الفاشلة لجائحة كورونا.
إسرائيل في هذا التوقيت تفضل المحافظة على هدوء الجبهة الشمالية، ومواصلة العمل الاستخباري الدؤوب والمنتج على الجبهة الإيرانية.
بمعنى آخر، الحرب ليست من مصلحة جميع الأطراف، وما يحصل على الحدود السورية واللبنانية لن يكون أكثر من مناوشات معتادة.الغد
مدار الساعة ـ نشر في 2020/07/27 الساعة 22:53