صبري ربيحات يكتب: الذهب.. هل سيستمر الارتفاع؟
مدار الساعة ـ نشر في 2020/07/25 الساعة 22:26
من وقت لآخر يسأل الناس عن الأسباب الكامنة وراء ارتفاع أسعار الذهب؟ وفيما إذا كان الارتفاع مؤشرا على تدهور اقتصادي او انهيار لبعض الانظمة المالية العالمية؟ وما المدى الذي يمكن أن يصله هذا الارتفاع؟ وكيف سيؤثر الارتفاع على اقتصادات الدول النامية والضعيفة؟
ما من شك بوجود علاقة عكسية بين اسعار الدولار والذهب فهناك ارتباط شرطي في ذهن المستثمر وفي ثقافة السوق بين الدولار والذهب ولم تكن هذه العلاقة وليدة صدفة او خيال فالولايات المتحدة كان لها دور كبير ومنذ العام 1944 في تحديد اسعار الذهب حيث اسهم البنك الدولي في وضع اول تسعيرة عالمية للاوقية وبقي هذا الدور حتى العام 1971 عندما قرر الرئيس نيكسون التعويم وترك السوق ليحدد السعر منهيا بذلك الارتباط الذي نشأ بين الدولار والذهب بموجب اتفاقية بريتن وودز.
وحول اعتبار البعض ان الاقبال على شراء الذهب وارتفاع الاسعار مؤشر على وجود مشكلات جدية تواجه الاقتصاد فهذا صحيح من ناحية لكنه يحتاج الى ادلة وبراهين. بصورة عامة يعتقد الناس ان الذهب ادخار أزلي رشيد يمكن الركون اليه فهو المعدن الذي حافظ على مكانته وتقديره ووهجه لأكثر من 40 ألف عام ومع انه قد يشهد ارتفاعا وانخفاضا تبعا للأوضاع التي تمر بها البشرية الا ان ندرته وصعوبة استخراجه وتعدينه تجعلان منه افضل خيارات الاقتناء والادخار. وفيما يخص الارتفاع الاخير الذي شهدته اسعار الذهب فقد جاء كنتيجة لانتشار مخاوف جدية من حدوث تدهور اقتصادي لكن المؤكد ان هذا الارتفاع ليس الأعلى في التاريخ بل هو اقل بكثير من السعر الذي وصلت له الاوقية في آب من العام 2011 عندما تجاوز حاجز 1880 دولارا.
في كل ارجاء العالم اليوم هناك قلق اقتصادي كبير تولد من الظروف والتنبؤات حول حدوث ازمة اقتصادية وربما كساد كبير قد يغير في المراكز الاقتصادية للانظمة والدول التي تحتل مكانة متقدمة على خريطة الاقتصاد العالمي. اضافة الى ذلك، تشكل المضاربات التي تقوم بها الشركات والاسواق المالية مستفيدة من حالة اللايقين التي يشهدها العالم في اجواء الجائحة عاملا مهما في حدوث التقلبات الهادفة الى تحقيق ارباح جديدة.
قبل ان يصبح سلعة واداة مالية كان الذهب احد المقتنيات التي يحتفظ به الاثرياء في بيوتهم ومعابدهم باعتباره الاكثر ديمومة وجمالا حيث سعى الانسان لامتلاكه واقتنائه والاستحواذ عليه. في القرن السادس عشر شن الاسبان حروبا على العديد من شعوب وحضارات اميركا اللاتينية واستولوا على كل ما يملكون من مناجم ومقتنيات وجاؤوا بها الى اسبانيا لتصبح صاحبة اكبر مخزون عالمي منه وأثرى دولة اوروبية.
قبل ان تحدث ازمة اقتصادية تؤدي الى ارتفاع الاسعار لكافة السلع وتسفر عن خسارة اسبانيا لمكانتها بعد ان انفقت مخزونها من المعادن النفيسة لشراء السلع المستوردة، بعد هذه الازمة ادرك الاوروبيون اهمية وجود احتياطي من الذهب والمعادن النفيسة لتمكين الدول من تجاوز الازمات وتمويل الجيوش والحفاظ على استقرارها وبقاء انظمتها وقد اسست كل من فرنسا وبلجيكا وايطاليا وسويسرا واليونان اتحادا للعملات واتفقوا على تحديد قيمة للذهب مقابل الفضة ليصبح لهذه المعادن قيم سوقية محددة ومعروفة.
اليوم وبعد مرور اكثر من سبعة عقود على دخول الذهب لسلة العملات واتجاه العالم نحو ادوات مالية ونقدية ورأسمالية متنوعة بقي الذهب مؤشرا يصعب القفز عن اهميته وتجاهل آثاره على المكانة والقوة والـتأثير. وستبقى كلمات الاخوين رحباني..”غالي الذهب غالي.. شو طالع بايده”
الغد
مدار الساعة ـ نشر في 2020/07/25 الساعة 22:26