نذير عناقرة يكتب: رجل بأمة.. سلطان ابو عرابي العدوان
بقلم نذير رشيد عناقرة ... جامعة ام القرى
حقا أنه رجل بأمة ... وشخصية وطنية وقومية بامتياز يتردد أثيرها وصداها من المحيط للخيلج .. وقامة علمية سامقة في مقدمة الركب دائما يحمل رسالة يحيا ويعمل لأجلها, ولا يعيش من أجل ذاته, وإنما لآجل أمته يربو لكل كبيرة, معياره في التعامل الثوابت والمبادئ التي نشأ وترعرع عليها في مدرسة والده الشيخ توفيق ابو عرابي العدوان, وهو خير قدوة في القول والعمل, فلم يكن يوما عرقيا ولا مناطقيا فهو يعيش لمبدأ وأمة, ولهذا كان ضيفا مرحبا به و سفير فوق العادة أينما حل ورحل داخل الوطن وخارجه, أسر قلوب الجميع وصنع وأنجز الكثير بتأثيره ودماثة أخلاقه ونقاء فطرته.
ولم يكن ذلك صدفة فالشيخ الدكتور سلطان العدوان شخصية تدرجت على مدارج العز والفخار منذ نعومة الاظفار وتشبعت بالقيم التربوية النبيلة والعربية الأصيلة والأخلاق الحميدة, فهو سليل عز ومجد لا يبلى, ولا يخفى ذلك على أحد داخل الوطن وخارجه في الماضي وفي الحاضر , فليس بغريب على هذا الرمز ان يتقن العلم والقيادة والإدارة بأنواعها وأن يتحلى بدماثة الاخلاق والحفاظ على موروثه من العادات وعلى هويته وقوميته العروبية, فلهذا كان له هذا لحضور و القبول الذي وهبه الله له .
بدأت مسيرته العلمية كأي شخص في ذاك الزمان من أبناء الاردن حيث المتاعب والصعاب, ولكنه وبإرادته وعزيمته تغلب عليها ودفعته لإنجاز وتحقيق الأكبر حتى نال تعليمه العالي وبعصامية ومن أعرق الجامعات العالمية, وعاد لوطنه يحمل الحلم الكبير ليرفد ويبني ويعمل بأنقى واشرف رسالة ألا وهي رسالة التعليم وبناء الأجيال في جامعته التي أحبها جامعة اليرموك, والتي أسس لها أحد رجالات الوطن الافذاذ منذ قرن من الزمان "علي خلقي الشرايري" ... والذي لم يكن بحسبانه رحمه لله أن يكون في يوما من الايام رئيسها ورائدها سلطان العدوان صهرا له, لكن هي اقدار الله بالتقاء الاخيار في الاعمال والأنساب وتتابعهم في تسلم الراية وتوصيل الرسالة فيا له من قدر.
تابع مسيرته الاكاديمية التى لم تخلى من التحديات والصعاب مما زاده اصرارا وعزيمة, وقد تسلسل وتدرج في الرتب العلمية والمناصب الادارية بدء من رئاسة القسم الى عمادة الكلية الى ان تسلم رئاسة الجامعات ... وقد طاف أرجاء الوطن من الشمال للجنوب بتسلمه لعدد من رئاسة الجامعات الحكومية والخاصة, وفي كل جامعة كان له أثره الواضح وبصمته الدامغة والإضافات النوعية بكل المجالات .
وأمام نجاحاته وإبداعاته وقدراته ودماثة أخلاقه وعروبيته في الوطن وخارجه فقد كان كل هذا عونا له لأن يكون أمينا عاما "لاتحاد الجامعات العربية " بالانتخاب وقد فاز بنسبة عالية وقد جدد له دورة أخرى لتميزه, حقا انه سفيرا فوقا العادة وخير من يمثل الوطن وأهله وان دل ذلك على شيء فانه يدل على الشيء الكثير والكبير في هذه الشخصية وإبداعاتها في كل ما اوكل اليه.
أما عن الجانب الآخر من حياته الشخصية والإنسانية فهي لا تقل عما ذكرناه في سيرته الاكاديمية والإدارية والتي تنم عن أصالته وهنا لا بد من ذكر بعضها.
ـ بره بوالديه وهو سر توفيقه كما يرى
يروي الدكتور سلطان ابو عرابي انه وفي مقتبل العمر حصل على التفرغ العلمي وكان في جامعة الملك فهد بالسعودية ومضت الايام والسنين ولكنها لم تنسيه والديه وفضلهما, فقدم استقالته للجامعة فحاولت الجامعة ثنيه عن الاستقالة فرفض, فعرضوا عليه راتب مفتوح فأثر بر والديه وصحبتهم وعاد لهما.
ـ كرمه الحاتمي :
في بيته ومع ضيوفه ومع رمز الضيافة العربية "القهوة السادة" محمية الوجوه كما قال العرب فهو من يتولى أمرها ويقدمها بنفسه وما يليها من الضيافة ولذلك دلالات كبيرة .
ـ أثره خارج الوطن:
وعن حضوره بالوسط العربي وغيره, فله شأن وقبول كبير في الوسط الأكاديمي والتعليم والتمثيل الخارجي, فعلى يده تسير الأمور و ببركته تحل كثير من المعضلات التي لا يقدر عليها بعض السفراء تجاه رعاياهم, ويروي صديق قصة حصلت له في دولة عربية ولم تتعاون السفارة معه بل عقدت المشكلة بشكل أكبر, فلجأ للدكتور سلطان ابو عرابي الذي لم يكن له علاقة سابقة فيه, وعلى الفور انبرى الدكتور سلطان وتوجه لوزارة الخارجية بالأردن ثم لسفارة تلك الدولة وانهى المشكلة بوقتها, وغيرها الكثير.
نعم ان مثل هذه القامة الاستثنائية بمقوماتها وقدراتها وعطائها المستمر لا تحدد بعمر ولا بقوانين ... بل يجب ان تستحدث لها القوانين والأنظمة والحوافز لكي تبقى على الدوام و تقدم للوطن وأهله.
وفي الختام نقول ان حضور الشخصية هي تلك الهبة الالهية التي يمكن رصدها في مدى تأثير شخصية ما ووهجها مقارنة مع غيرها.
نسأل الله العلي العظيم للدكتور سلطان ابو عرابي ان يكتب له الخير أين كان وحيث كان وأن ينفع به وبعلمه وأن يمد بعمره ويبقيه سندا وذخرا للجميع