محمد التل يكتب: الحكومة والنواب والنقاش المحتدم..

مدار الساعة ـ نشر في 2020/07/18 الساعة 13:13
كتب: محمد حسن التل
تشتبك النخب السياسية في نقاش متواصل حول مصير الحكومة والنواب في ظل الاستحقاقات الدستورية القائمة، وتنقسم هذه النخب إلى اتجاهين، دون أن يخفى على المراقب دوافع كل اتجاه؛ فأصحاب الاتجاه الذي يدفع بحل مجلس النواب مما يتوجب استقالة الحكومة دستوريًا، إما طمعًا بخوض الانتخابات النيابية والوصول إلى العبدلي، وإما لحسابات أخرى لديهم تجاه الحكومة، خصوصًا أن الفقرة الثانية من المادة (74) من الدستور الأردني تمنع رئيس الحكومة الذي يحل المجلس في عهده من تشكيل الحكومة التي تليها. هذه المادة التي جاءت في التعديل الأول للدستور، اعتبرها كثير من الخبراء في صياغة الدساتير وكذلك القانونيين تدخل في صلاحيات الملك، ولأن جلالة الملك عبد الله الثاني منحاز دائما للنهج الديمقراطي وافق على هذه المادة عندما رفعت التعديلات له لدمغها بإرادته السامية، مع أنه قد جرى بعد هذا التعديل تعديلان آخران على الدستور ولم تمس هذه المادة أبدا. لقد شكلت المادة (74) نوعًا من العبء الذي لا ضرورة له في مسيرة الاستحقاقات الدستورية، إذ حملت البلد تشكيل حكومة جديدة تشرف على الانتخابات النيابية، ثم تستقيل بعد الانتخابات وتكلف حكومة جديدة. الحكومة الحالية يسجل لها أنها تمارس مسؤولياتها وتفتح ملفات كبيرة وصعبة دون النظر إلى موضوع الاستقالة، وهذا بالطبع يأتي انسجامًا مع التوجه الملكي بأن تبقى الحكومة، أية حكومة، تعمل بوتيرة عالية دون النظر إلى ملابسات رحيلها أو بقائها.
وللإنصاف أيضا ، جرت العادة في الأردن أن يبدأ نقد مجلس النواب في اللحظة التي تعلن بها النتائج، وهذا عرف بات ثابتًا لدينا، والمنتقدون لأي مجلس معظمهم يكون قد خسر الانتخابات سواء كان هو أحد المرشحين، أو كان المرشح من أقربائه أو أصدقائه، ناهيك عن التنظيرات السياسية التي تصدر ممن يعتبرون أنفسهم خبراء في الشأن العام . عندما ينتقد الناس نوابهم الذين انتخبوهم ويجلدوهم أين يقع الخطأ هنا ، هل كان في الاختيار ، ومن يتحمل مسؤولية الخطأ الناخب أو المنتخب ؟
الحق يقال، إن مجلس النواب الحالي جاء معظم أداءه في المستوى المعقول من الناحية التشريعية والرقابية، ومن الظلم تحميل المجلس كله فشل بعض النواب. في خضم هذا النقاش بين مختلف أطياف العمل السياسي في الأردن هناك واقع يفيد أن الشريحة الكبرى من المواطنين لا يعنيهم هذا النقاش، ولا يعنيهم من يأتي ومن يذهب ،ما يعنيهم فقط معيشتهم وتحسين ظروفها بالإضافة إلى تحسين دخولهم؛ فقد سئموا وتعبوا من التنظيرات السياسية للنخب التي تصعد إلى مقاعد المسؤولية على أكتافهم.
بيد أن الأمر أولًا وأخيرًا يظل بيد الملك لحسم الأمر حسب ما منحه إياه الدستور.
مدار الساعة ـ نشر في 2020/07/18 الساعة 13:13