هل العودة إلى المدارس آمنة في ظل جائحة كورونا؟

مدار الساعة ـ نشر في 2020/07/11 الساعة 08:43
مدار الساعة - بعد الارتفاع الكبير في تسجيل الإصابات بفيروس كورونا المستجد "كوفيد 19"، في الولايات المتحدة يتساءل الأمريكيين عما إذا كانت عودة أطفالهم إلى مقاعد الدراسة ستكون عودة آمنة. وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب قد صعد في وقت سابق من الضغوط على المسؤولين الحكوميين لإعادة فتح المدارس. الإجابة على هذا التساؤل ليست بالسهلة خاصة وأن معظم الأبحاث والفحوصات المتعلقة بوباء كوفيد-19، الناجم عن فيروس كورونا المستجد، حتى الآن كانت موجهة في الغالب نحو البالغين، كما يورد موقع سي إن إن الإخباري. فبعض الآباء يخشون على أطفالهم من الإصابة بالعدوى، بينما الآخرون حريصون على العودة إلى نوع من الحياة الطبيعية كما في السابق. وأصدرت مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة خطوات للحفاظ على سلامة الأطفال عند إعادة فتح المدارس، بما في ذلك ترتيب المقاعد الدراسية على بعد مترين من بعضهما البعض، وضمان ارتداء الأطفال لأغطية الوجه وإغلاق القاعات المشتركة مثل غرف الطعام والملاعب. ولكن ما هي المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها الأطفال في حال عودتهم إلى مقاعد الدراسة؟ وفقا للخبراء، فإن الأطفال ليسوا محصنين ضد الإصابة بـفيروس كورونا، فهم عرضة للعدوى بالوباء، لكن أعراض المرض في الأطفال الأصحاء، الذين لا يعانون أمراضا أخرى، لا تظهر عليهم مثل البالغين في غالبية الحالات. ففي ولاية فلوريدا، توفي 4 أطفال دون سن 17 عاما بسبب مضاعفات الإصابة بفيروس كورونا، وفي ذروة الوباء، شهدت نيويورك دخول عدد متزايد من الأطفال إلى المستشفيات بسبب أعراض مقلقة مرتبطة بالفيروس كما توفي العديد منهم، وفي تكساس، كانت نتيجة نحو 1335 شخصا في مرافق رعاية الأطفال إيجابية بمرض كوفيد-19، حوالي ثلثهم من الأطفال. ولكن ليس الأطفال فقط معرضين للإصابة عند إعادة فتح المدارس وعودة الأطفال إلى مقاعد الدراسة. فمع تجاوز أعمار ما يقرب من ثلث المعلمين في جميع أنحاء الولايات المتحدة سن الخمسين، فإن هذه الشريحة من الناس ستكون أكثر عرضة للإصابة بالأمراض المميتة. ويعتبر انتقال الفيروس بدون ظهور أعراض مصدر قلق كبير، حيث يمكن للمعلمين والعاملين في المدراس بعد ذلك أن ينقلوا العدوى إلى أشخاص خارج دائرة المراكز التعليمية ممن هم أكثر عرضة لخطر الإصابة بالمرض. ويمكن أن يسبب التوسع في إعادة فتح المدارس في البلاد إلى زيادة أكبر بالوباء بعد بضعة أسابيع. كما أن من الصعب تحديد الأطفال الذين قد يكونوا مصابين بالعدوى بسبب اختلاف ظهور أعراض المرض من طفل لآخر، مما يزيد من حالة عدم اليقين من مخاطر عودة تفشي الفيروس الذي أودى بحياة أكثر من 133 ألف شخص في جميع أنحاء الولايات المتحدة. وفي الولايات المتحدة وبريطانيا، ظهرت على بعض الأطفال المصابين بالفيروس، بين سن عامين و15 عاما ممن تم إدخالهم إلى المستشفيات، حالة مرضية تدعى متلازمة المرض الالتهابي متعدد الأجهزة، وهذه الأعراض تشبه أعراض متلازمة الصدمة السامة ومرض كاواساكي، والتي تسبب التهابا في جدران الأوعية الدموية، وفي حالات نادرة، يمكن أن تؤدي إلى الوفاة بسبب انسداد الأوردة وحدوث جلطات في الدم. وعديد الأطفال الذين جاءت نتائج فحوصاتهم إيجابية بوباء كوفيد-19 أو تم العثور على أجسام مضادة للفيروس في أجسامهم لم تظهر عليهم أعراض الإصابة بفيروس كورونا مثل ضيق التنفس على سبيل المثال. وتمثلت الأعراض التي ظهرت عليهم بارتفاع في درجة الحرارة، وحدوث طفح جلدي، وتورم في غدد الرقبة، واليدين والقدمين، والشفاه المتشققة الجافة واحمرار في العينين. فالإصابة بفيروس كورونا لدى الأطفال تتسبب بمجموعة واسعة من الأعراض، وفقا لدراسة نشرت في المجلة الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال. وفي تلك الدراسة المحدودة، أجرى فريق طبي في مستشفى ميمونيديدس العام للأطفال في بروكلين أبحاثا على 22 طفلا مصابا بفيروس كورونا. ووجدت الدراسة أن معظم الأطفال ظهرت عليهم أعراض تقليدية لمرض كوفيد-19، لكن 15 طفلا منهم فقط ظهرت عليهم أعراض الحمى و9 آخرون عانوا أعراضا في الجهاز التنفسي، من بينهم اثنان أصيبا بنوبات وآخران لم تظهر عليهما أي أعراض للمرض. ومع مرور حوالي ستة أشهر منذ أن بدأ فيروس كورونا يعصف بالعالم، شرع الأطباء بالتعرف على الفيروس وعلى الأعراض التي يسببها شيئا فشيئا. وعلى الرغم من أن العديد من الأبحاث قد أجريت في شتى أنحاء العالم للكشف عن الفيروس الغامض وأعراضه ومسبباته، إلا أن غالبيتها لم تركز على حالات الإصابة بالفيروس لدى الأطفال. وتقول كبيرة المراسلين للشؤون الطبية في سي إن إن، إليزابيث كوهين: "في ظل عدم وجود أبحاث جازمة حول إصابة البالغين بفيروس كورونا، سيما وأنه من الأوبئة المستجدة، فلا يمكننا الجزم بشكل قاطع بأن مخاطر عودة الأطفال إلى المدارس ضئيلة. فلا يزال هناك المزيد من البحوث التي يتعين القيام بها". من جانبه، يؤكد الدكتور روبرت ريدفيلد، من مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، أنه على عكس الإنفلونزا التي أظهرت على الدوام أن المدارس والأطفال هم الأدوات الرئيسية لانتقال المرض في المجتمعات المحلية، فإننا لا نعرف إلا اليسير عن فيروس كورونا. وأضاف أنه ليس هناك أدنى دليل على أن الأطفال يمكن أن يشكلوا دورات في نقل العدوى بالفيروس، منوها بأن قدرة الفيروس على التسبب بأعراض كبرى لدى الأطفال محدودة جدا. وتشير الدكتورة ديبورا بيركس، عضو فريق العمل المعني بالفيروسات التاجية بالبيت الأبيض، إلى أن البيانات في الولايات المتحدة حول الفيروس مازالت غير مكتملة لأن البلاد لم تجر العدد الكافي من الفحوصات على الأطفال لتحديد مدى انتشار الفيروس، مؤكدة أن غالبية الأطفال دون سن 18 عاما لا تظهر عليهم أعراض المرض. وحتى يتمكن المسؤولون الطبيون من إجراء المزيد من الاختبارات التي تستهدف تلك الفئة العمرية، فما من بيانات جازمة حول عدد الأطفال الذين يتوفون نتيجة الإصابة بوباء كوفيد-19.
مدار الساعة ـ نشر في 2020/07/11 الساعة 08:43