صبري ربيحات يكتب: المواطن وإستراتيجية الطاقة الجديدة..

مدار الساعة ـ نشر في 2020/07/10 الساعة 01:00
تابعت بشغف كبير إعلان الحكومة عن إستراتيجيتها للطاقة للأعوام ( 2020 – 2030 ) وقد توقعت أن أسمع أشياء تشير إلى تقدم في ترتيب هذا الملف المهم والسيطرة على اوراقة المختلطة . لقد انتظرت أن أستمع إلى ما يمكن ان يشير الى تغير يتماشى مع الحالة التي تمر بها البلاد ويعكس المبادئ التي عرضت لها الوزيرة في مستهل حديثها.
فقد قالت صاحبة المعالي إن أمن الطاقة هو مرتكز أساسي للإستراتيجية حيث تؤمن الدولة بان الطاقة عصب الاقتصاد ومن المهم السير في ترجمة سياسات الدولة الرامية إلى الاعتماد على الذات. حتى هذه النقطة توقعت أن أرى إستراتيجية ترتكز على الأمن وتؤمن الاحتياجات وتخفف على المواطن وتدعم الاستثمار والاقتصاد وتوقف الهدر وترتب الأوراق في هذا القطاع الذي تتداخل فيه المشاريع والأفكار ويعاني من الفوضى والارتباك.
في الاردن تغطى الحاجات من النفط بالشراء من السوق العالمية بواسطة شركات وسيطة تشتري المادة وتبيعها للحكومة، كما تتلقى البلاد كميات من النفط العراقي باسعار تفضيلية و يسمح للبعض ان يستورد كميات محددة من المشتقات ويبيعها في الاسواق المحلية.
في غالبية الاحوال تتولى مصفاة البترول عمليات التكرير والتوزيع ضمن معادلة تضمن هامشا ربحيا لها كما تتقاضى الحكومة، رسوما وضرائب قد تفوق السعر الذي يدفع للمنتجين. هذا التشابك بين الاطراف يتكرر في موضوع الغاز الذي يجري استيراده بطرق متباينة ومن مصادر متنوعة عبرعمليات تتداخل فيها العقود واجور البواخر ومستودعات التخزين لدرجة تجعل من النفط والطاقة سلعا تجارية اكثر من كونها خدمات تقدمها الحكومة للمواطن وللاقتصاد.
التداخل بين ادوار الحكومة والشركات و الاطراف الداخلية والخارجية كان ولا يزال يحمل الموازنة اعباء لقرارات لا يمكن البت فيها بسهولة او تحديد الجهة التي كانت وراء اتخاذها. خلال العام الماضي دخل مجلس النواب في جدل طويل مع الحكومة حول ما اذا كان من حق المجلس الاطلاع على بنود اتفاقية الغاز مع اسرائيل، وانتهى الجدل بالقول ان الاتفاقية ابرمت من قبل شركة دون الالتفات الى حقيقة ان هذه الشركة تتلقى دعمها وحمايتها من الحكومة وان الاتفاقية تؤثر على سيادة الدولة واموال الخزينة .
في قطاع الطاقة وكما في كل القطاعات التي شكل لتنظيمها وادارتها هيئات خاصة لا يوجد حدود واضحة بين ما هو عام وما هو خاص. فقد عملت الهيئات على تعويم المسؤوليات وايجاد مداخل للتبرير والتأويل . بالاضافة الى البترول والغاز يدخل الصخر الزيتي والمفاعل النووي ومشروع تاهيل آبار النفط والغاز والشركات التي تتعاقد للبحث والتنقيب والشركات التي تولدت من خصخصة وبيع شركة الكهرباء وانشطارها الى توليد وتوزيع وتحصيل وتشابك العلاقة مع شركات الرياح والطاقة الشمسية في علاقات معقدة يصعب فهمها او الوقوف على القواعد والاسس التي تجمعها، الامر الذي يجعل من الضروري فك الاشتباك والتداخل بينها .
المواطن الاردني كان ولا يزال يستنجد بمعالي الوزيرة وكل الذين سبقوها من وزراء الطاقة و المشرفين على الملف ان يجيبوا على جملة من الاسئلة التي كانت ولا تزال ملحة وغير مجاب عليها. لهذه الاعتبارات، ومع التقدير للجهد المبذول، لم اجد ان الاستراتيجية قدمت ما يمكن ان يساعد على فك التشابك وتحديد المسؤوليات وتسريع السير باتجاه الاستقلالية والطاقة النظيفة والاعتماد على الذات ودعم تنافسية الاقتصاد. الكثير مما ورد في الاستراتيجية توصيف للممارسات الحالية ولا يشكل اختراقا لواقع يشكو منه الكثيرون.
الغد
مدار الساعة ـ نشر في 2020/07/10 الساعة 01:00