عبد الله اليماني يكتب: السياحة العلاجية.. إصلاحها أولا

مدار الساعة ـ نشر في 2020/07/05 الساعة 11:28
مدار الساعة - كتب: عبد الله اليماني الاهتمام بالسياحة العلاجية وإهمال عودة أحباءنا المغتربين استوقفتني جملة ( تشجيع قدوم السياحة العلاجية ) في ظل جائحة كورونا . وكوني أول من كتب عن السياحة العلاجية منذ عام 1991م . إبان حكومة دولة الأستاذ طاهر المصري ، ومعالي السياسي المخضرم الدكتور ممدوح العبادي وزيرا للصحة ، ومعالي الدكتور عارف البطاينة ، مديرا للخدمات الطبية الملكية الأردنية . يومها كانت قبلة المرضى ( العرب ) إلى الأردن ، على اثر أزمة الخليج ، ولم يكن لدينا ما نراه اليوم من مستشفيات بهذا العدد المتوفر اليوم ، والذي جاء نتيجة تلك الرغبة الصادقة للعلاج في الأردن . فالمريض كان يفضل العلاج في مدينة الحسين الطبية ، وعدد محدود من المستشفيات الخاصة . ولكن ماذا حدث بتلك الفترة كان يطلب من المريض أن يدفع فاتورة علاجه بالعملة الصعبة ( الدولار ) . فضلا انه كانوا يدفعونه ( 150 ) % أي بزيادة ( 50% ) عن المريض اليمني . يومها كتبت مسلسل معاناة المرضى العرب في جريدة أخبار الأسبوع ، كشفت إلى جانب الوجع من المرض ، الوجع المالي الذي كان يشكون منه المرضى العرب( اليمنيين ) . وحال أن تناهى إلى مسامع المغفور له الملك الحسين طيب الله ثراه ، تلك الشكوى ، طلب من الحكومة ، تشكيل لجنه لدارسة تلك المعاناة ، ولما اطلع جلالته رحمه الله عليها . اصدر أوامره بان يعامل المريض ( اليمني ) معاملة المواطن الأردني ، بان يدفع ( 100 ) % . وبالعملة الأردنية ، وتعيين ملحق طبي أردني في اليمن ، وكان أول ملحق طبي أردني في صنعاء المرحوم الدكتور سليمان الفايز ، وأول ملحق طبي يمني في الأردن الدكتور يحيى العروسي . واليوم وبتوجيهات ملكية سامية إلى الحكومة ، تتحدث عن فتح باب السياحة العلاجية ، شيء يبعث على أن جلالة الملك يحرص على إنعاش هذا القطاع . ولكن القطاع نفسه لدية من المعيقات ما يجعل المريض العربي لا يأتي للأردن للعلاج ( يهرب ) للعلاج في دول غير ( عربية ) ، وهنا أتحدث عن المرضى من اليمن . فالعلاج في الأردن مكلف وخارج عن نطاق وقدرة المواطن اليمني والعربي ، ومنهم من بعض دول ( الخليج ) . وقد تناولت ذلك مع صاحب المعالي الدكتور سعد جابر وزير الصحة ، عندما كان مديرا للخدمات الطبية . حيث تناولنا ارتفاع كلف العمليات الجراحية والخدمات الفندقية والأدوية . وعندما بدأ أول مشواره الوزاري ، وبتوجيهات ملكية سامية عمل على تخفيض أسعار العديد من الأدوية . وجاءت جائحة كورونا وأخذت كل الاهتمامات لوقف تمددها وانتشارها والانتصار عليها . فالأدوية مازالت باهظة الثمن ، والعمليات الجراحية في العلالي . ليس للمواطن الأردني ألقدره على العلاج فيها . فكيف المواطن اليمني الذي يعيش اوضاعا صعبة للغاية الكل يعرفها جيدا . وهنا لا اكشف سرا أن ( الهند ) تستقطب مرضى ( يمنيين ) بشكل كبير ، وكذلك ألمانيا ، وهناك سوق تركيا الذي هو الآخر يفتح أبوابه على مصراعيها لاستقبال المرضى اليمنيين . ويفضلون هذه الدول لان سعر العمليات الجراحية تناسب دخولهم وأوضاعهم المالية . وهي بالنسبة لهم رحلة ليست مرتفعة التكاليف كل شيء فيها ضمن المقبول والمعقول .بالنسبة للغة فإنهم يتغلبون عليها لوجود رعايا يمنيين وعرب بتلك الدول فلا مشكلة لديهم . إذا أردنا سياحية علاجية ، فأول شيء ( تخفيض أجور العمليات الجراحية وكشفيات الأطباء والدواء ، والشقق السكنية ، والفندقية ، ومنع السوق السوداء في الاتجار بالمرضى من السماسرة والسائقين وبعض الأطباء الذين يدوخون المرض بإجراء الفحوصات هنا وهناك . وتصوير الأشعة . وغيرها . وقد حدثني مسؤول يمني كبير بينما هو راقد ينتظر الطبيب لإجراء عملية قسطرة له وزرع شبكية ،سأله الطبيب : هل ( تريدها ) صينية أو أمريكية ( الشبكة ) . قال : نظرت إلية الآن ، يا دكتور تسألني هذا السؤال . (ليش ) ما سألتني ، وأنا عندك في العيادة . مرضى السياحة العلاجية، سوف يواجهون غلاء في الأسعار ، ارتفاعا باهظا في تكاليف العمليات الجراحية والدوائية ، وهم أصلا يعانون من وضع مالي صعب في بلادهم . وهذا سيؤدي إلى امتناع المرضى من القدوم إلى الأردن للعلاج كونهم لا يحتملون وضعا ماليا خانقا يضاف إلى وضعهم في بلادهم . إن إنعاش الوضع الاقتصادي في الأردن ،لا يتوقف على إنعاش القطاع السياحة العلاجية فقط ، وإنما مطلوب إنعاش قطاعات أردنية أخرى . ويتم ذلك من خلال تقديم التسهيلات اللازمة لعودة المغتربين الأردنيين من بلاد الاغتراب بفتح الموانئ الجوية والبرية والبحرية . لغايات قضاء إجازاتهم الصيفية في ربوع الأردن بين أهلهم ومحبيهم الذين ينتظرونهم بلهفة واشتياق . إن عودة المغتربين تسهم في إنعاش القطاعات التجارية والصناعية والزراعية والصحية والتعليمية لان الكثير من المغتربين يعملون على تسجيل أبناءهم في الجامعات الأردنية ، وهذا سوف يسهم في زيادة دخل المملكة بالعملة الصعبة . من هنا مطلوب من الحكومة التفكير وبصوت عال ( مغتربينا ) في ( الخارج نحن أولى بهم لزيارة وطنهم ) . فلا داع للاهتمام بالسياحة العلاجية على حساب إهمال عودة أحباءنا المغتربين من بلاد الغربة . وبقاءهم في بلاد الاغتراب . بعيدين عن الأهل والأحباب .
مدار الساعة ـ نشر في 2020/07/05 الساعة 11:28