زيد النوايسة يكتب: انتخابات الرئاسة الأميركية
قبل أشهر بسيطة كانت أغلب التوقعات والمؤشرات تعطي أفضلية للرئيس ترامب في السباق الرئاسي. ترامب الذي نجح في تجاوز سعي الديمقراطيين لعزله بتهمة إساءة استخدام السلطة وعرقلة عمل الكونغرس وتجاوز هذه المحاولة بقرار مجلس الشيوخ الذي يملك الجمهوريون فيه الحسم شعر بالراحة لتجاوزه ما اعتقد أنه أكبر تحد.
لم يمض إلا أسابيع حتى داهمت الرئيس الاشكالي والمختلف المفاجآت، كان أولها جائحة كورونا والجدل وطريقة تعامله معها ومع تداعياتها على الاقتصاد الأميركي والتردد في الإغلاق. ثم جاء مقتل جورج فلويد الأميركي من أصول إفريقية ومن ذوي البشرة السمراء وما صاحب ذلك من موجة غضب على السلوك العنصري وعلى طريقة تصرفه نحو الجريمة عمت العديد من الولايات المتحدة الأميركية واكتمل المشهد بما كشفه كتاب مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون من أحداث وتفاصيل مثيرة تتعلق بطبيعة وسلوك وتصرفات ترامب بل وتوجيهه اتهاما مباشرا له بأنه يسعى لاستثمار موقعه للعودة مرة ثانية.
استطلاعات الرأي تُجمع بشكل كبير على تراجع فرص عودة الرئيس الحالي دونالد ترامب للبيت الأبيض كما يظهر آخر استطلاع أجرته صحيفة «نيويورك تايمز». وبحسب الاستطلاع الذي أجرته الصحيفة بالاشتراك مع مركز «سيينا كوليدج» وأعلنت نتائجه الأسبوع الماضي تقدم المرشح الديمقراطي جو بايدن على الرئيس الحالي بفارق 14 نقطة إذ حصل على 50 % من الأصوات بينما حصل ترامب على 36 %. يتطابق استطلاع نيويورك تايمر مع استطلاع شبكة «سي إن بي سي» إذ حصل فيه ترامب على أقل من 40 % من الأصوات.
النتائج أظهرت تقدما لصالح جو بايدن في أوساط الأميركيين من أصول إفريقية أو أصحاب البشرة السمراء والأميركيين اللاتينيين وزيادة فرصه في أوساط الشباب وبنسبة أعلى من تلك التي كانت قد تحصلت عليها المرشحة السابقة هيلاري كلينتون بالإضافة لجذبه نسبة جيدة من الناخبين الذكور البيض الذين اعتادوا تقليديا التصويت للمرشح الجمهوري.
بالرغم من هذه النتائج المريحة مبدئيا للديمقراطيين ولمرشحهم الرئاسي جو بايدن إلا أنهم يعملون على إحداث تحول نوعي في موقف فئة المسنين (الفئة العمرية 65 عاما فما فوق) خاصة في ولايات الحسم وأبرزها فلوريدا وبنسلفانيا وميشيغان؛ وهي التي كانت من أهم وأقوى الأسباب التي أوصلت ترامب للبيت الأبيض.
قبل أيام نشرت مجلة «بوليتيكو» الأميركية دراسة حول مستقبل الرئيس ترامب وفرصته في الوصول لولاية رئاسية ثانية. وقد بدأ في الأيام الأخيرة يدرك أن فرصة العودة تتراجع بشكل كبير وتعزز هذا الشعور لديه بعد تجمعه الأخير في ولاية اوكلاهوما نتيجة عزوف المؤيدين عن الحضور للمهرجان. وفي مقابلته الأخيرة مع شبكة فوكس نيوز وهي الشبكة المفضلة لديه وكانت ساهمت بدعمه في الحملة الانتخابية ضد هيلاري كلينتون أجاب بطريقة تبدو ساخرة عندما سئل عن منافسه جو بايدن بقوله سيكون رئيسكم لأن بعض الناس لا يحبونني، وبدأت وكأنها تعبير عن استنتاجات واضحة بتراجع فرصه على ما يبدو.
ربما من المبكر الجزم بمآلات المشهد الانتخابي الرئاسي، فثمة عوامل عديدة تؤثر في النتيجة من أهمها موقف ولايات الحسم أو ما يسمى الولايات البنفسجية ولمن تصوت ومنها ولايات فلوريدا وبنسلفانيا وأوهايو وكارولينا الشمالية وفيرجينيا.
علينا أن ننتظر حتى يوم الثالث من تشرين الثاني القادم حتى نعرف النتيجة. ولكن وحسب نتائج الاستطلاعات والمؤشرات الماثلة أمامنا فإن العام 2021 سيكون بدون ترامب على الأرجح وسنكون على موعد مع رئيس ديمقراطي.
الغد