عدنان مساعدة يكتب: عام مر قد مرّعلى فقدان القلوب المتعبة النقيّة

مدار الساعة ـ نشر في 2020/06/30 الساعة 23:22
بقلم: أ.د. عدنـان مساعده* قبل عام اخي قرة العين ونبض القؤاد عبد الكريم (أبا علاء) شاءت أرادت الله تعالى أن يختارك إلى رحابه الأوسع من رحابنا، ولكن رحيل الأنقياء الأتقياء لم تستطع الأيام أن تطويه من صفحات دفاتر حياتنا ولن تمحه من ذاكرتنا لأنهم عاشوا في سويداء قلوبنا ولامست أرواحهم اراوحنا. عام ’مر قد مرّ أخي الحبيب ونكتب اليك كلمات نسجت حروفها من شرايين القلب الذي تنبض دقاته بالوفاء والمحبة لكم، وأستميحك العذر يا قرة العين لأجمع كلماتي المبعثرة الآن التي لا تسعفني والدموع الحرّى مازالت في مآقينا....أعيد ما كتبت لأن بحر كلماتي قد تبخر أمام هيبتك ووقارك وخجلك المتوقد بالرجولة والمفعم بالايثار والزاخربالشهامة. ان أصدق الكلمات هي التي نخطها بشرايين الوفاء والحب الصافي لتكتب إلى أصحاب القلوب النقيّة التي لم تتلوث رغم مرور الأيام بحلوها ومرها، وبقيت وهّاجة نضرة تشع ألقا وتزرع سنابل قمح وزيتونا وبراعم حصاد ليعم الخير على أرض بلادي في كل زمان مكان. أكتب هنا بعاطفة جيّاشة تركت في النفس غصة وفي القلب حسرة وتأثيرا عميقا تتعلق برحيل القلوب النقية التي لا اعتبرها رثاء بقدر ما ترتقي سموا ورفعة لهؤلاء الذين غادروا هذه الحياة بحياء وبهاء ورحلوا إلى رحاب الله الأوسع من رحابنا تاركين الأثر الطيب والقدوة سلوكا ونهجا. أخاطب تلك القلوب النقيّة وهاتيك الضمائر الحيّة التي تشع ألقا وضياء التي غادرت هذه الدنيا لتطمئن في رحاب الله الأوسع من رحابنا، فيا أيها الطيبون المهاجرون إلى رحاب الله لقد تركتم ألما يعتصر قلوب محبيكم وحزنا كبيرا أخذ مساحة واسعة بحجم سعة قلوبكم النقيّة البيضاء التي ما عرفت حقدا ولا حسدا ولا بغضا ولا كراهية لأحد، وبذرت بذور الخير في كل مكان بوقار الأنقياء وبهيبة الشرفاء الصادقين حيث عملتم بضمير حي ونية صافية وكنتم النموذج الراقي سلوكا وتصرفات والخجل يعلو محيّاكم البهي تواضعا في غير ضعف، رحلتم إلى الله الرحمن الرحيم ولسان حالكم يقول لنا: "قل آمنت بالله ثم استقم"...آمنتم بالله ربا وأنعكس هذا الإيمان على جوارحكم صدقا وسموا، وأخلصتم لوطنكم وقيادته الحكيمة عطاء وإخلاصا وتفانيا ومحبة ليبقى أردننا وطن العطاء والتماسك والمحبة... إننا ندرك اننا ودائع في هذه الحياة كما قال شاعر العربية لبيد بن ربيعة: وما المال والاهلون الا وديعة ولا بد يوما أن ترد الودائع وهنا، فإن يراع القلم هزّني من الأعماق بشعور غريب لأكتب بمداد الوفاء وأترحم على رحيل صديقي وأخي ابن أمي وابي ورفيق دربي المهندس عبد الكريم المساعده الذي لاقى وجه ربه راضيا مرضيا وعلامات حسن الختام واضحة جليّة حيث شهد له بها
من شيعّوا جثمانه الطاهر النقي وكتب عنه الكثيرون من زملائه رفاق الجندية وزملاء الدراسة وهذا رفيق دربك العميد الدكتور طه عبد الوالي الشوابكه الذي كتب عنك ومنه اقتبس "ما لهذا الزمن يقسو علينا على نحو مفرط هذه الايام. عرفتك يا عبد الكريم معلمّا خلوقا ورجلا يتعرّق جبينك فرط حياء وكنت أغضي حياء أمام نبل أخلاقك وكنت أتحاشى هالتك الطيبة والوذ كي لا أعكر صفو محيّاك الذي يطفح بالخلق والمرؤة... لم أعهدك قاسيا يا عبد الكريم وأنت تفتح دفتر الذكريات الحزينة ليطل منها كل من غادرنا من الرفاق.. سيرثيك وطلبتك وذويهم بدموع حرّى يا معلما ما لانت في البذل له قناه... سترثيك مدرسة الامير حمزة/ صبحا، ستبكي عليك رواقات مدرسة الثورة العربية الكبرى/ الزرقاء وزقاقات السكن الوظيفي في البتراوي يا وجه الخير أنت... ستندب رويدها كل المآقي في مدارس الجنوب يا عبد الكريم...ستندب حظها مشاغل التدريب في كل مدرسة من مدارس الجيش...ستبكي عليك النوارس فوق آفاق الصحارى...سيبكيك الخط العربي يا عميد الخطاطين... اما نحن رفاق السلاح رفاقك... فلنا مع الحزن المعتق والبكاء عقد لن ينقطع اخي الحبيب...رحمك الله" ومنها ما كتب من زملائك واخوانك ومحبيك ومنها اقتبس من كلام اخيك المهندس عادل" أخي الحبيب ابا علاء .. لقد أذهلني وصدمني خبر رحيلك وترجلك المفاجيء ليدمي قلبي ويحول نفسي إلى شظايا متناثرة ويجعل من عيوني نهرا من دموع تجري على الوجنتين، قبل يومين من رحيلك يا طيب الذكر كان هو اتصالنا الأخير وأنا في بلاد الغربة، كانت كلماتك توصيني بنفسي، فكانت تحمل في ثناياها الوداع الأخير ولم أكن أتوقع أنها ستكون آخر إتصال لنا في هذه الدنيا القاسية وإلاّ لطرت إليك أعانق أنفاسك الطاهرة شوقا وحبا قبل أن تغيب حتى أشبع عيوني من النظر إلى وجهك المضيء، كلما مر طيفك او اقتحمت خلوتي الذكريات التي كنت ترسم لوحاتها بريشتك الجميلة فتذكرني بوقارك وهدوئك وطيبة نفسك وصفاء روحك....افعال كريمة ومواقف مشرفة كان يتحدث بها كل من عرفك عن قرب من أهلنا على ثرى الاردن الطهور والسنة الخلق اقلام الحق ... ان ما يعزينا اخي الحبيب هو انك كنت قريبا من الله مما جعل خاتمتك طيبة والتي ظهرت اماراتها جلية على جسدك الطاهر ايها الفارس الشهم وصاحب الخصال الطيبة المليئة بالخير للناس جميعا" نعم أخي الحبيب ان السنة الخلق اقلام الحق فقد عشت بارا بوطنك الذي احببت، وبارا بوالديك وقبل رحيلك بيومين حضرت لتودع والدك ووضعت قبلتك الاخيرة على جبينه وكانه الوداع الأخير والذي تلقى نبا رحيلك بايمان الصابرين وصدق المحتسبين، كما كنت بارا بأهلك وربيت أبناءك على حب الخير للناس جميعا وأخذت بأيديهم تربية وتعليما ليسيروا على نهجك الذي آمنت به "قل آمنت بالله ثم استقم" الذي مارسته قولا وعملا، وكنت بارا بزملائك وأصدقائك في مدارس الثقافة العسكرية وفي كل مكان عملت فيه توصل الليل بالنهار اخلاصا وصدقا وتميزا، بحسك المرهف وخلقك النبيل وفنك الراقي ورسوماتك الرائعة وخطك البديع الذي مازال يزين جدران مدارس الثقافة العسكرية، وكنت وفيّا وقلبك مفتوحا لكل من قصد بابك نعم ان أجسادنا وقلوبنا تتعب عضويا كما هو قلبك ايها الحبيب أخي أبا علاء، ولكن كان نبض قلبك قويّا بحب الخير للناس وكانت شرايين دمك تضخ عطاء وصدقا كما هو قلبك ولم يتلوث في هذا الزمن الذي يقسو على الأنقياء ...وهذا حال الكثيرين من الأنقياء أمثالك الذين تتورد وجهوهم خجلا وحياء وتزداد بهاء وضياء وبقيت قلوبهم ثابتة راسخة لم تغرها أطماع الحياة، ونسأل الله تعالى أن تكون ممّن قال الله تعالى فيهم: يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة" والى اللقاء ايها الحبيب في منزل صدق في عليين وفي رعاية وحفظ مليك مقتدر. • كاتب واستاذ جامعي/ جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية • عميد كلية الصيدلة سابقا في جامعتي اليرموك والعلوم والتكنولوجيا الأردنية • رئيس جمعية أعضاء هيئة التدريس سابقا
مدار الساعة ـ نشر في 2020/06/30 الساعة 23:22