د. أحمد الخصاونة يكتب: الأمير الحسين بن عبد الله الثاني.. عهد الوفاء الهاشم.. مدرجة النماء الأردني
بقلم: الأستاذ الدكتور أحمد منصور الخصاونة
رئيس جامعة إربد الأهلية
ولد سمو الأمير، العربي القرشي الهاشمي، الحسين بن عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم، في العاصمة الأردنية عمان، في التاسع عشر من شهر محرم عام 1415 هجري، الموافق للثامن والعشرين من شهر حزيران عام 1994 ميلادي، ( 19 -1-/1415 هجري / 28 – 6 – 1994 ميلادي) وتشكل ولادته حدثاً تاريخياً في قدسية الدلالة السلالية لآل البيت الأطهار، فهو النجل البكر لصاحب الجلالة الهاشمية، الملك عبد الثاني ابن الحسين المعظم، وجلالة الملكة رانيا العبد الله المعظمة، وهو السليل الثاني والأربعون للرحمة المهداة، النبي محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، أشرف الخلق والمرسلين، عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، وبعد أن أنهى تعليمه الثانوي في عمان عام 2012، تخصص في حقل التاريخ الدولي، متخرجاً من الجامعة الأمريكية جورج تاون في عام 2016، وتحوي محورية التخصص التاريخي بعداً وجودياً في وعي معنى الفلسفة الإنسانية الحضارية، وأبعاد التشبث في ماهية الحفاظ على قيمة الإنسان في جوهر وجوده التاريخي، وجاء تخرجه في عام 2017، من الأكاديمية العسكرية الملكية البريطانية ساندهيرست، ليحترف العسكرية في القوات المسلحة الأردنية/ الجيش العربي، كإخوانه رفقاء السلاح الغر الميامين، ذوداً عن الحمى الأردني الأصيل.
تميزت شخصية سمو الأمير الحسين بن عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم، بانسيابية خلاقة في إنماء المجتمع الأردني، إنماءً بنائياً مؤصلاً في الهرمية الأردنية المبدعة، فمنذ أن صدرت الإرادة الملكية الهاشمية المباركة تسميته ولياً للعهد، في الثاني من تموز عام 2009، أخذ على عاتقه التفكير بإطلاق المبادرات المحفزة لجيل الشباب الأردني، والداعية إلى أهمية التشبث بجذور الثرى الحضاري، ومن هذه المبادرات، التي ظهرت تباعاً، يشار إلى مبادرة "جامعة الحسين التقنية"، لدعم التعليم المؤسس على العلوم والتكنولوجيا والهندسة التطبيقية؛ ومبادرة "حقق" الهادفة إلى الارتقاء بالأفراد والجماعات إلى أعلى مستويات الاحتراف العملي، وتحقيق أعلى معايير التشاور والتفاهم بين جيل الشباب الأردني المعطاء؛ ومبادرة "سمع بلا حدود" وهي مبادرة عميقة التأثير الإنساني لكل من هو متحدى بسمعه، من أجل جعل حياضنا الأردني الأبي خالياً من الصمم، ومبادرة "مختبر التصنيع" دعماً للفئة العمرية الشبابية، وتحفيزاً لهم على الابتكار والإبداع والاختراع، ومبادرة "مسار" لإعطاء الشباب الأردني فرصة حقيقية لإظهار قدراته فضائياً، وتصميم قمر صناعي في سماء أردننا الأشم؛ ومبادرة "نوى" لربط المتبرعين والمتطوعين مع الجمعيات والمؤسسات الخيرية إلكترونياً من خلال المنصات التقنية، ومبادرة "قصي" الهادفة إلى وضع إستراتيجية واضحة المعالم، للنهوض بمستوى الكفاءة المهنية في مجال العلاج الرياضي، ومبادرة "تحصين" لتنشئة جيل أردني قادر على العطاء ومحصن ضد الإدمان والتدخين والممارسات الخطرة، وذلك من خلال رفع منسوب الوعي المجتمعي وغيرها من المبادرات الفاعلة المنتجة.
إن إطلاق سموه لمبادرة (ض) تُعد الأثرى قيمة في ثنائية العروبة لساناً، ومنهجية العقيدة قرآناً، لقد اقتبس سموه، لحظة إطلاق مبادرته، آية قرآنية كريمة، تُجسد أهمية اللسان العربي في أبعاد وجود الأمة، تراثاً وتاريخاً وحضارة، تفكراً وتدبراً وإمعاناً، وهي قول الله عز وجل: "إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ" سورة يوسف، آية:2. وحرص سموه على القول: لغتنا هويتنا، لغة القرآن الكريم، هي بحر من الكلمات، مختزلة بحرف واحد (الضاد) لها حق علينا أن ننشرها في كل مكان، ونشجع البحث العلمي بحروفها كلغة عالمية قوية بجذورها التاريخية. وتأتي هذه المبادرة كامتداد طبيعي للحرص الملكي الهاشمي، تشبثاً باللغة العربية، لسان الوحي الحق المبين، فقد أورد جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، حفظه الله، نصاً دلالياً لإدراك عظمة اللغة العربية، عندما دَوَّنَ ورقته النقاشية السابعة، الصادرة في الخامس عشر من نيسان 2017، قائلا: "إن لكل عصر أدواته ووسائله، وهمومه ومشاكله، فالتعليم في عصرنا الحديث، الذي يشهد تطوراً هائلاً في التكنولوجيا، لا يقتصر على القراءة والكتابة، بل يتجاوز ذلك في عصر الكمبيوتر والإنترنت إلى إتقان لغات عالمية أساسية، وامتلاك مهارات التواصل مع الآخرين ومبادئ العمل المهنية، والقدرة على التحليل والتفكير ليكون قادراً على المشاركة في إنتاج المعرفة، والمساهمة في إحداث التقدم، عملاً بقوله تعالى (وقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا) لقد أنعم الله علينا بثروة عز نظيرها من القيم العالية واللغة الثرية والتراث البديع، ولن يستطيع أبناؤنا أن ينهلوا من هذا التراث، إلا إذا أحبوا لغتهم العربية، وأجادوها وتفوقوا فيها، وكيف لا وهي لغة القرآن الكريم ولسان الأمة، فهي التي تشكل ثقافتهم وتكوِّن بناءهم المعرفي الأصيل.
وبصفتي أتشرف برئاسة مؤسسة أكاديمية علمية، جامعة إربد الأهلية، مؤتمنة على تنشئة الأجيال الأردنية، تنشئة عقائدية حضارية، معرفية تقنية، ولكوني متخصص في نظم وتكنولوجيا المعلومات، فإنني أدرك بعمق القيمة المعرفية المعولمة لمبادرة (ض). فهي توجيه هاشمي عروبي فكري للتركيز على تطوير التقنيات التكنولوجية التي تضمن تمكين اللغة العربية في الفضاء الرقمي، وإغناء المحتوى العربي على الشبكة العنكبوتية/ الإنترنت، وإنشاء وتعزيز المنصات الإلكترونية المتنوعة للتواصل باللغة العربية، وتوسيع أفق استخدامها في كافة مجالات الحياة العملية والعلمية، وتعريب العلوم الحديثة، مفهوماً ومصطلحاً ولفظاً، هذا فضلاً عن إنشاء سفراء لها، لاستخدامها في نظرية المعرفة، وإنتاج البحوث الحداثية والدراسات المستقبلية، وهذه الأهداف بكليتها هي ما ضمنها سموه في خطابه إطلاقاً لمبادرته اللغوية، التي خاطب العالم أجمع من خلالها.
إن مؤسسة ولي العهد، الأمير الحسين بن عبد الله الثاني ابن الحسين، تحتضن الشباب الأردني، رعاية ودعماً، تحفيزاً وتطوراً، فقد وجه رسالة قيمة يوضح فيها الغاية من مؤسسته، بقوله: "إنّ الشباب الأردنيّ هم ثروتنا" فسموه الأمين، يحرص على الاقتداء بنهج قائدنا المفدى، جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم، ومدرجة أجداده الهاشميين الفضلاء الأخيار، تواصلاً مع الشعب الأردني الوفي لعقيدته ووطنه وقيادته وأمته.
أطال الله في عمر سمو ولي العهد الأردني، الأمير الحسين بن عبد الله الثاني ابن الحسين، وجعله قرة عين لوالديه، سيدي صاحب الجلالة الهاشمية، عميد آل البيت الأطهار، الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم، وصاحبة الجلالة الملكة رانيا العبد الله، سائلاً الله في عليائه، بأن يحفظ الأسرة الهاشمية، وأن يديمهم ذخرا للأمتين العربية والإسلامية، فهم معقل الأمل والرجاء، بعد الله أرحم الراحمين.