عن الأسرى وإضرابهم وتحريرهم

مدار الساعة ـ نشر في 2017/04/22 الساعة 01:04
الأسرى هم الجرح الفلسطيني النازف دائما؛ ربما أكثر من الشهداء، والأسرى هم عنوان البطولة والمقاومة، والأسرى هم عنوان الوحدة أيضا، رغم توزعهم في السجون بحسب فصائلهم.

ما يقرب من مليون فلسطيني مروا على سجون الاحتلال منذ حط غرابه على أرض فلسطين، وليس ثمة بيت فلسطيني إلا وعرف معنى الأسر، بما ينطوي عليه من تغييب للحبيب، ومن معاناة في التواصل معه عبر الزيارات، ومن انتظار التحرر والتحرير.

اليوم يقبع في سجون الصهاينة 6500 من الأسرى، بينهم مئات القاصرين، وعشرات النساء، وهو رقم كبير إذا ما تذكرنا أن الكيان الصهيوني يعيش مرحلة هدوء لافتة في ظل سياسات السلطة الحالية التي ورثت ياسر عرفات رحمه الله، والتي لا يمكن وضع عنوان لها أهم من التعاون الأمني مع المحتلين ضد المقاومة.

صحيح أن انتفاضة القدس الراهنة لم تتوقف منذ 19 شهرا، وكبدت الصهاينة بعض الخسائر، إلا أن ذلك لا ينفي صعوبة مقارنتها بالمرحلة التي تلت اغتيال عرفات رحمه الله.

هذا العدد الكبير من الأسرى إنما يعبر عن هواجس المقاومة والانتفاضة التي يعيشها العدو، الذي يطارد كل ما يمت إليها بصلة، ويعتقل؛ ليس فقط من يفكرون في حمل السلاح، بل من ينحازون لبرنامجه أيضا، بدليل مئات الرجال الموجودين في السجون بلا تهمة فيما يعرف بالاعتقال الإداري.

هناك بالتأكيد مطالب مشروعة لهذا الإضراب الذي يقوده القائد الفتحاوي الأسير مروان البرغوثي منذ ستة أيام. أما القول إن للبرغوثي هدف آخر من الإضراب فهو بقصد التشويه، مع أن احتجاج الرجل على تهميشه في ترتيبات حركة فتح الأخيرة فليس عيبا، وحين يستجيب سجناء الحركة لدعوته، فهذا يعني أنه لا زال يتمتع بمكانة كبيرة فيها، لكن قضية الأسرى شأن آخر، وإن انطوى الأمر على احتجاج أيضا على تهميشها في برنامج السلطة.

من يعتبرون المقاومة شكلا من أشكال العبث لا يمكن أن يكونوا حريصين على الأسرى، لأنهم يجرّمون البرنامج الذي أدى إلى اعتقالهم، ومن يفاخرون بالتعاون الأمني مع العدو، فهم يطاردون ذات البرنامج الذي انحازوا إليه، فأسروا، والبرنامج الذي يفكر في تحريرهم أيضا، لا سيما أن أي سبيل آخر لم يكن ناجعا في تحقيق الهدف.

السلطة مضطرة للتضامن مع إضراب الأسرى، ليس فقط لأن “فتح” هي من تقوده، بل أيضا لأنه موضوع إجماع في الشارع الفلسطيني. أما “فتح” فلا تحتاج كوادرها لمن يذكّرهم بالقضية.

حماس بدورها لم تتردد في الدعم، وهي تملك ورقة أسرى الاحتلال لديها، بصرف النظر عن عددهم ووضعهم، وكان جيدا أن تحرك ملف الأسرى لديها برسائل منهم لذويهم، وعموما تعيش الحركة هاجس الأسرى كما كل الشعب، بخاصة أن جزءا معتبرا من اعتقالات السنوات الأخيرة كان يطالها هي بالذات إلى جانب حركة الجهاد، الأمر الذي لا يستثني حتى نوابها في المجلس التشريعي.

في أي حال، فهذه هبّة معتبرة من الأسرى، تستحق كل أشكال التضامن، مع توسيع طرحها في الأطر الدولية، سياسيا وإعلاميا، بخاصة أن الغزاة الصهاينة يفعلون كل ما بوسعهم لمحاصرة قادة الإضراب، وأصيبوا بالهستيريا حين نشر البرغوثي مقالته في “نيويورك تايمز”، وضغطوا عليها حتى تراجعت، في حين يتحدث الساقط نتنياهو عن مروان البرغوثي بلغة حقيرة، حين يشبه القول بأنه زعيم سياسي بالقول إن بشار الأسد طبيب عيون، مساويا بذلك بين مقاوم بطل، وبين مجرم قاتل.

الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2017/04/22 الساعة 01:04