سالم الدعجه يكتب: التّعلّم الإلكتروني وما بعد الجائحة
بقلم الدكتور سالم البنيان الدعجه
فرضت جائحة كورونا واقعاً جديداً على مختلف مناحي الحياة، فكان على الأردن، كما سائر بلدان العالم، التعامل مع هذا الواقع الجديد للحد من تداعياته على كافة المستويات، فمنذ اعلان الجائحة من قبل منظمة الصحة العالمية في آذار الماضي ، بدأت مؤسسات الدولة الأردنية باتباع بدائل متنوعة للاستمرار بتقديم خدماتها وضمان ديمومة عملها ،حيث شرعت الجامعات ومؤسسات التعليم العالي والمدارس بتنفيذ التعلم الإلكتروني للمحافظة على استمرار العملية التعليمية/ التعلمية، فكانت هذه التجربة الجديدة، والتي لم يكن اللجوء لها بصورة كاملة - كبديل عن العملية التعليمية التقليدية- قرارا سهلا، لاسيما أن العاملين في الميدان التربوي والأكاديمي يؤمنون بضرورة توظيف وسائل التكنولوجيا الحديثة رديفا- وليس بديلا- للتعليم التقليدي.
إلا أن الظروف الجديدة اقتضت الإسراع والحسم لإعلان التّعلّم الإلكتروني بديلا عن النمط التقليدي.
وبعد مرور فصل دراسي على تطبيق التّعلّم الإلكتروني، كان لابد من تقييم تلك التجربة بكافة جوانبها للعمل على البناء على النجاحات المتحققة ومعالجة المشكلات لتجنبها مستقبلا، حيث يمكن القول أنه ومع بداية تطبيق التّعلّم الإلكتروني، ظهرت بعض المخاوف والتساؤلات المشروعة حول إمكانية تطبيق ذلك على أرض الواقع، وإمكانية ان يمر ذلك الفصل الدراسي "الاستثنائي" بسلام، لا سيما عند النظر للمستويات المتفاوته للمؤسسات الأكاديمية من حيث البنية التحتية والتدريب والجوانب الفنية. إلا أن المفاجئة كانت بمستوى النجاح المرتفع الذي تحقق في معظم المؤسسات الأكاديمية من حيث سرعة الاستجابة في التعامل مع التحديات والمشكلات الفنية التي ظهرت والعمل على معالجتها بصورة سريعة وفعالة، الأمر الذي انعكس إيجابا على سير العملية التعليمية/التعلمية بمجملها، حيث سارت المحاضرات في معظم المؤسسات الأكاديمية بمواعيدها الرسمية المعتمدة، وعقدت الامتحانات بحسب الجداول المعلنة وتمت مناقشات الرسائل والأطاريح العلمية بصورة جادة ودقيقة، فكانت تجرية ريادية ناجحة بالمجمل، بالرغم من بعض الصعوبات والمعيقات الفنية التي ظهرت في بداية الفصل، إلا ان سرعة الاستجابة كانت كفيلة بالتغلب على تلك التحديات، وتحويل ذلك الفصل الى قصة نجاح قابلة للتطوير والتحديث المستمر والاستثمار.
إن ما تحقق من نجاح في تطبيق التّعلّم الإلكتروني يعزز ثقة المؤسسات الأكاديمية وقدرتها على التعامل مع المتغيرات والتحديات المختلفة. فهذه التجرية يجب أن تحفز صانعي القرار على إقرار التّعلّم المدمج بصورة دائمة، ذلك النمط الذي يندمج فيه التّعلّم الإلكتروني مع التّعلّم الصفي التقليدي، لمواكبة التطورات والنظم العالمية في هذا الشأن، حيث ان هذا النمط يوازن بين توظيف التكنولوجيا من ناحية والاتصال المباشر بين المدرس والطلبة وبين الطلبة أنفسهم من ناحية أخرى. كما أن هذا النمط كفيل بالغاء مصطلح "تعليق الدوام"، بصرف النظر عن الأسباب التي كانت تستوجب ذلك، بما في ذلك الظروف الجوية أو الوبائية، لاقدر الله، فالبديل متوفر وجاهز والتحول للنمط الإلكتروني كفيل بديمومة التواصل مع الطلبة واستمرارية العملية التعليمية/التعلمية بعناصرها المختلفة .