محمد القرعان يكتب: حكومات عاجزة عن عكس رؤية الدولة وهموم المجتمع

مدار الساعة ـ نشر في 2020/06/23 الساعة 11:29
بقلم د محمد كامل القرعان لا تنهض المجتمعات وتتقدم ولا تستقر دون حكومة مستقرة ومنتخبة ومقبولة شعبويا ، وربما يرجع أصل المشكلة إلى أن الكثير من هذه الحكومات لا تزال تتناول قضايا كانت سببا في تخلف القرون القديمة مثل غلاء المعيشة، وصعوبة الحصول على وظيفة، ولهذا تتألف معظم الحكومات الفاشلة من اشخاص ووزارات وأجهزة ذات هياكل تنظيمية هرمية التسلسل منغلقة على نفسها، تختص كل منها بوظائف ومهام محددة، مثل حفظ الأمن ، والمطالبة بالمساواة وتحقيق العدل ، ولا تمتلك استراتيجيات عالمية تتوافق ومصالح الدولة العليا ومستقبلها ، ولهذا فقد بات امر إصلاح هذه الحكومات مطلبا طال انتظاره. فأغلب الحكومات لا تزال تعجز عن عكس رؤية الدولة وهموم المجتمع ، وقد أصبح العالم اليوم أكثر ترابطا وتواصلا، في ظل تسارع وتيرة التطور والتقدم والعلم والمعرفة والتطبيق، وزيادة حجم البيانات والمعلومات بمعدلات فاقت العقل، لكن بعض الحكومات لا تزال تراوح مكانها. ولذا فان من القواعد الاساسية والأعراف التي تضعها الحكومات في العالم المتحضر هو جعل حياة المجتمع تجري في هدوء ونماء وانتماء ، ومن واجباتها ايضا اتخاذ قرارات في حقيقتها ذات موضوعات تؤثر في حياة الفرد للافضل، وأن تبتعد بالمواطن عن دفع أخطاء وكوارث حكومات وسياسات فاشلة وفاسدة تعاقبت على السلطة وسمحت لمجموعة محدودة من ضعفاء الانفس الاستقواء على مقدرات الدولة واستثماراتها، والهيمنة على خيراتها وثرواتها والتجرُّؤ على سلطاتها السياسية والتشريعية والرقابية. وتنطلق تلك الرؤية من تأدية الحكومات لدورها استنادا على ممارسة حقها تبعا للدستور ، ولا تستطيع أي حكومة البقاء اذا لم يتوفر مثل هذا القبول ويتحقق ذلك الشرط في وجود حكومة برلمانية ذات اغلبية برلمانية شرعية. وقد يكون لقواعد السلوك اثر كبير يجب على الحكومات مراعاتها وتظهر في اعمالها ،ومخالفتها يترتب عليها وقف نشاط المجتمع السياسي والاقتصادي ، وبعضها يوجه رسائل خطيرة للمواطن –الذي لا حول له ولا قوة بين أمور غير منطقية أصلا – بأنهم "أصبحوا عالة على الدولة "، وهم من يستنزفون إيراداتها، بدلاً من أن توجه الحكومة ادارتها لمشروعات انتاجية واستثمارية وتشغيلية ،بل تلجأ الى الاقتراض الخارجي. ومن ناحية اخرى من المؤسف غض الطرف عن جرائم بحق الدولة والاعتداء على مكانتها وهيبتها والسكوت على تهرب كبار المنتفعين والمستثمرين من سداد الأموال المستحقة عليهم للدولة من ضرائب وجمارك ومستحقات وحقوق ، كما أن أداء هذه الحكومات الفاشلة تسبب أيضاً في تضخم فاتورة الدين العام بما فيها الداخلي والخارجي، وبالتالي تحميل عدة أجيال كلفة هذا الدين. في الوقت الذي تقول فيه الأرقام إن المواطن يتحمل تكلفة ما يحصل عليه من خدمات ، وهو من يدفع أخطاء وكوارث حكومات تعاقبت على الحكم واشخاص وسياسات فاشلة ، وسمحت لمجموعة محدودة من ضعفاء الانفس الاستقواء على مقدرات الدولة واستثماراتها ، والهيمنة على خيرات وثرواتها ومجالسها ومؤسساتها. لذلك فان من الاصح ان تمتلك الحكومات القدرة علي التخطيط الاستراتيجي القومي للمدى البعيد، وياخذ بالاعتبار كل احتياجات المجتمع وتطلعاته وتتناغم خططها مع امال الشعب واحلامه مراعية بذلك ايضا احداث المحيط الاقليمي والدولي وجميع التجذابات والتناقضات السياسبة وما يستجد. بالختام فان الحكومات لا تمن ولا تتصدق على شعوبها من جيبها، أو على حساب كبار مسؤوليها، بل هي مجرد خادم أو موظف يذهب لحال سبيله إذا قدم خدمات سيئة أو أساءت إدارة مال سيده.
  • تقبل
  • لب
  • معلومات
  • مال
  • اقتصاد
  • الدين
مدار الساعة ـ نشر في 2020/06/23 الساعة 11:29