بلال خماش يكتب: اَلْمَسْؤُوْلُ خَادِم وَلْيْسَ سَيِداً لِلْشَعْبِ

مدار الساعة ـ نشر في 2020/06/20 الساعة 17:17

عندما سُئِلَت السيدة عائشة رضي الله عنها عن أخلاق الرسول قالت: كان خُلُقُهُ القرآن، وقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام: إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق، وقد خاطبه الله في القرآن الكريم (وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ (القلم: 4)). علاوة على أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان معروفاً قبل أن يبعث بين عشيرته وأهل قريش أجمعين بالصادق الأمين.

وعندما فتح عمر بن الخطاب القدس دخل القدس وخادمه راكب على الدابة وهو "ماشي" على قدميه يقود الدابة وكان ثوبه مرقعاً فالذين إستقبلوه توقعوا أن يكون الذي يركب الدابة هو الخليفة عمر بن الخطاب. حيث كان سيدنا عمر وخادمه يتبادلان الركوب على الدابة وهذا هو قمة الإنسانية والعدل... إلخ من الأمثلة التي لا تعد ولا تحصى من تصرفات القادة والمسؤولين المسلمين الذين كانوا مسلمين حقاً ويطبقون الإسلام قولاً وفعلاً. أما الآن إبتعدنا كثيراً عن كتاب الله وعن تعليماته وعن مُثُل الإسلام العليا ونسينا ما فعله الرسول عليه الصلاة والسلام وأصحابه والخلفاء الراشدون وغيرهم من تطبيق العدل والمساواة والإنصاف بين المسؤول والرعية.

وقد أَخَذَ منَّا الأجانب كل شيء جميل من ديننا وطبقوه على أنفسهم ورعيتهم ونحن أخذنا منهم كل سيء من عاداتهم وتقاليدهم وطبقناها على أنفسنا ومواطنينا للأسف الشديد. فمن الملاحظ أن عدد الوزراء في حكومتنا الإسلامية والعربية لا تعد ولا تحصى وكوجه مقارنه أرفقنا صورة لعدد الوزراء في الحكومة السويسرية وعدد الوزراء في الحكومة اللبنانية فكيف وضع لبنان من جميع النواحي هذه الأيام؟ ونتساءل هل هي بعدد الوزراء؟!.

فوددت في هذه المقالة أن أسرد بعض المواقف الإسلامية لعدد من المسؤولين الأجانب لأُذَكِّرَ فيها مسؤولي هذه الأيام في الدول الإسلامية والعربية لعلهم يرجعون إلى تلك العادات التي كانت عندنا من الأصل مرفقاً طياً بعض الصور للمسؤولين الأجانب كأدلة على ذلك. فأمثلة على ذلك: رئيس الوزراء النرويجي يقف بالدور ينتظر دوره على الصراف الآلي ليستلم راتبه، رئيس الوزراء الإيطالي يجلس على درج المستشفى يمارس عمله ينتظر زوجته للخروج من موعد لها في المستشفى، وزيرة الدفاع الإسبانية تمارس عملها وهي حامل في أشهرها الأخيرة وتقول الشعب أهم من أن آخذ إجازة من أجل طفلي. رئيس الوزراء الأسترالي يركب في أحد القطارات العامة واقفاً على قدمية عائداً لبيته بعد نهاية عمله اليومي، وزيرة الصحة الهولندية لها يومياً ساعاتان تعمل مع عمال النظافه لمساعدتهم في تفريغ حاويات القمامة، وزير الطاقة الياباني إنحنى لمدة عشرون دقيقة أمام الشعب الياباني معتذراً لهم عن إنقطاع التيار الكهربائي لمدة عشرين دقيقة، المسؤولين في اليابان يركعون على الأرض والمواطنين يجلسون على المقاعد بسبب ما لحق بهم من أضرار بسبب الفيضانات. رئيس الوزراء الياباني يقول معادلتنا هي علم + أخلاق + عمل = نهضة، وزير المالية الألماني يركب دراجته الهوائية وحقيبته الوزارية خلفه على الدراجة ذهاباً وإياباً إلى العمل والتي تيبع بلده ثمانية عشرة مليون سيارة مرسيدس بالعام. عندما قال الصحفيون للمستشارة الألمانية، أصبح لك أكثر من ثمانية عشرة سنة تلبسين نفس الملابس، أجابت أنا أتيت خادمة للشعب ولست عارضة أزياء، الأميرة ماري ولية عهد الدنمارك تقود دراجتها الهوائية حاملة أولادها أمامها عليها تأخذهم بنفسها إلى المدرسة وتعيدهم منها، ملكة بلجيكا ماتيلدا تصحب أولادها يومياً مشياً على الأقدام للمدرسة وتعيدهم منها بلا خدم ولا حشم ولا حراسات ولا سيارات مطلية بالذهب. كلما تواضع الإنسان أصبح عظيماً ورفعه الله من عنده، من تواضع لله رفعه.



مدار الساعة ـ نشر في 2020/06/20 الساعة 17:17