بلال التل يكتب: طبائع تحتاج إلى تقويم

مدار الساعة ـ نشر في 2020/06/17 الساعة 23:01
من معجزات الله عزوجل, أن خلق الإنسان متعدد الطبائع, إلى درجة التناقض, وكما أشرت في أكثر من مقال, فإن الشدائد والمحن تكشف طبائع الإنسان, وأول هذه الطبائع التي تبرز بوضوح في الأزمات, كما رأينا أثناء جائحة كورونا طبيعة الجشع لدى الكثيرين, فبعض التجار مارسوا جشعهم من خلال المغالاة في زيادة الأسعار, مستغلين حاجة الناس من السلع خاصة التموينية منها, شجعهم على ذلك جشع بعض المستهلكين الذين أقبلوا على شراء كميات مضاعفة, تفوق بكثير حاجتهم, غير مبالين بقطع الطريق على غيرهم للحصول على نصيبهم من هذه المواد, لفقدانها من السوق جراء جشع المستهلك, أو لعدم القدرة على دفع ثمنها جراء جشع التاجر, وهو ما يتنافى مع طبيعة القناعة التي يجب أن يتحلى بها الإنسان, خاصة في الأزمات, لتسود روح التواد والتراحم بين الناس. آفة الجشع, هذه تتناقض مع صفة الإيمان الذي يدخل السكينة والطمأنينة إلى نفس الإنسان, بينما يدفعه الجشع إلى الجزع الذي يسلمه للقلق والخوف, الذي يحاول السيطرة عليه بتخزين الكثير من المواد والكميات التي تفوق حاجته. ومن الطبائع التي كشفتها كورونا في مجتمعنا, آفة التفلت من الإلتزامات المطلوبة للسيطرة على الوباء, والتفلت نتيجة من نتائج غياب الإيمان, الذي يفرض على صاحبه إلتزاماً بالسلوك, مما قدمت جائحة كورونا الكثير من الأدلة والبراهين على غيابه عن مجتمعنا, فما من فرصة أتيحت إلا وتزاحم الناس فيها أمام المخابز أو متاجر المواد الغذائية, تزاحماً يدل على غياب الإلتزام بأي قاعدة من قواعد الوقاية والسلامة العامة. ومن مظاهر التلفت كسر تعليمات الحظر بصور لا تُعد ولا تٌحصى, من أبسط شواهدها الآف السيارات التي تم حجزها, وهي لا تعبر عن الحجم الحقيقي للتفلت من الإلتزام, فأضعاف هذا العدد من السيارات لم يتم حجزها لأسباب كثيرة, منها عدم الالتزام الكامل بتطبيق القانون من الجهة المسند لها هذا التطبيق. غير كسر تعليمات الحظر فقد ظهر سلوك التفلت عند نسبة كبيرة من الطلبة أثناء تجربة التعليم عن بُعد, وصور شكوى أعضاء الهيئات التدريسية من هذا التفلت كثيرة ومتنوعة. ومن الطبائع التي كشفتها جائحة كورونا في مجتمعنا, طريقة تعاملنا مع الوقت, فمعظمنا صار يشكو من زيادة الوزن, جراء جلوسه في البيت, وقضاء وقته في تناول الطعام, مما ازدحمت بصوره مواقع التواصل الاجتماعي, بينما لم نسمع إلا نادراً عن من قضى وقته بالقراءة والبحث. خلاصة القول: أن كورونا كشفت الكثير من طبائع مجتمعنا, فإذا بها طبائع تحتاج إلى تقويم.الغد
مدار الساعة ـ نشر في 2020/06/17 الساعة 23:01