أوس الرواشدة يكتب: الإرهاب الناعم

مدار الساعة ـ نشر في 2020/06/16 الساعة 13:39
بقلم أوس حسين الرواشدة في الآونة الأخيرة ازداد الإقبال على " متاجر " التكفير ، وازداد عدد الزبائن التي تشتري صفة " الكافر " لتطلقها على من تشاء ، بدون تفكير او حتى أي تردد ، متناسيين بذلك أنَّ ديننا دين الرحمة والتسامح ، وتقبل الآخر بكل صدر رحب ، ولعلَّ أكثر فئةٍ مؤيدة لتكفير الناس ، هم الشباب الذين عَلِقوا في " قوقعة " التدين ، والخوف من التفكير ، وأخذوا بعضا من كلام الله وتركوا أكثره . تضجّ صفحات التواصل الاجتماعي بمنشورات تتعلق بتكفير الناس واتهامهم بالإلحاد ، فقط لأنهم قدّموا مواضيعا من زوايا مختلفة ، أو حتى لأنهم ارتكبوا آثاما لم ولن يعتبرها الإسلام فعلا مبرراً لتكفيرهم ، خذ مثلا من يُقدم على الانتحار ويقتل نفسه بيده ، هو كافر في أعين الكثير ، مرتكزين بذلك على قول الله تعالى : " ولا تقتلوا أنفسكم " ، ألم يأمرنا جلَّ جلاله بعدم الكذب والسرقة وشرب الخمر أيضا ؟ ، أم أن هذا غير ذاك ؟ . إشكالية التكفير في مجتمعاتنا ، تكمن باستساغة إطلاقه على أي شخص ، وكثرة ترديده على الألسن ، بدون وجه حق او دليل قاطع ، وكلنا يذكر قصة المشرك الذي قتله صحابي جليل بعد أن نطق الشهادة ، وقوله عليه الصلاة والسلام له : " هل شققت عن قلبه ؟ " ، ألم يقل عليه الصلاة والسلام : " من كفّر مسلما فقد كفر " ؟ ، دالّاً على خطورة التكفير ، ناهيك عن الحزن والرغبة في الانعزال التي تصيب الشخص الذي أُلصقت به تهمة الكفر ؟ .
نعم ، التكفير تهمة ، ويجب على القانون أن يُجرّم كل شخص يطلقها على الناس بدون وجه حق ، وأن يحاسبه ، ثم يعلّمه أصول الدين والفقه ، وأن الإقدام على تكفير الناس ، لا يكون للعامة بل يكون لأهل العلم فقط مع وجود الأدلة الكافية . لم ننتهِ من وجود داعش وغيرهم وإلا وقد ظهرت نواة جديدة للإرهاب ، " الإرهاب الناعم " ، الذي سهّل تكفير الناس ، واعتبارهم أعداءً للإسلام فقط لأنهم اختلفوا مع المجتمع في الرأي ، ولعلَّ تكفير الناس ينبع من " حميّة " المجتمع وتهوره ، وعدم فهمه السليم في أمور الدين ، هنا يجب تهذيب تفكير المجتمع ، وجعله منفتحا على أي شيء ، يستوعبه ويفهم ملابساته ، ثم يناقش فيه ويتكلم عنه . التكفير أصبح " علكة " في فم المجتمع ، وعليه التخلص منها بأسرع وقت ، هو لا يقلّ خطورة عن كورونا بسرعة انتشاره وسهولة الإصابة به ، والناقل لهذه الأوبئة واحد ، متهور لا يُحسن تقدير عواقب أفعاله ، فإن لم يعرّض صحة الناس الجسدية للمرض ، عرّض صحتهم النفسية لليأس وتعدّى على حقوقهم وأظهر لهم فِكراً لا يليق بالمسلم الصحيح . الإسلام ليس بستانا لا يأكل منه إِلَّا أصحاب الرأي الواحد ، الإسلام حياة تماما كحياتنا ، فيها من الأعراق والأجناس واختلاف الآراء والمذاهب ما فيها ، ليس الإسلام لمالك واحد ، ولا هو رداء نرتديه متى نشاء ونخلعه متى نشاء ، هو دين وديدن ، هو التسامح والمعاملة الحسنة ، الإسلام رحمة للناس .
  • الرحمة
  • تقبل
  • شباب
  • إسلام
  • قانون
  • الدين
  • كورونا
  • صحة
  • مال
  • رحمة
مدار الساعة ـ نشر في 2020/06/16 الساعة 13:39