الأردن يخوض معركة ضد الضم وإسقاط صفقة القرن
مدار الساعة - كتب - ماجد الأمير - تخوض الدبلوماسية الاردنية «معركة» قوية ضد المخططات الاسرائيلية اليمينية بضم المستوطنات وغور الاردن.
السياسة الاردنية الخارجية التي ترتكز على مبادئ حددها جلالة الملك عبدالله الثاني وعلى رأسها ان تكون القضية الفلسطينية هي قضية الاردن الاولى، والجميع يتذكر خطاب جلالة قبل سنوات في الكونجرس الاميركي والذي تحدث فيه فقط عن القضية الفلسطينية، وهي رسالة سياسية لاصحاب القرار في واشنطن بان فلسطين هي قضية الاردن الاولى.
ومع اقتراب الاول من حزيران الموعد الذي حدده رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتانياهو لضم المستوطنات وغور الاردن، فان معركة اسقاط الضم اصبحت اولوية قصوى للسياسية الاردنية الخارجية والدبلوماسية الاردنية التي تعتبر الضم عدوانا مباشرا على الاردن وخرقا لاتفاقية السلام بين الاردن واسرائيل.
ورغم الانشغال بازمة كورونا والارتدادات القوية لآثارها على الاقتصاد، الا ان هذا الانشغال لم يمنع الاردن من مواجهة سياسة الضم وتكثيف الاتصالات والتحركات، لمنع اسرائيل من تنفيذ مخطط الضم.
جلالة الملك الذي يقود التحركات الاردنية لافشال مخططات الاحتلال الصهيوني بضم المستوطنات وغور الاردن، وجه رسالة قوية للادارة الاميركية ولاسرائيل جوهرها ان خطوة الضم ستؤدي الى حدوث مواجهة بين الاردن واسرائيل.
الرسالة الاردنية واضحة، حيث اكدت ان الاردن يعتبر الضم عدوانا على فلسطين والاردن والامة العربية ويشكل انتهاكا للقانون الدولي وانهاء لاية فرصة للسلام في المنطقة، بل ان خطوة الضم هي بمثابة اعلان حرب من قبل اسرائيل على فلسطين والاردن والدول العربية، فالضم ينهي ما تبقى من الآمال بانشاء دولة فلسطينية متصلة.
المعلومات والتسريبات الواردة تشير الى أن الموقف القوي من جلالة الملك احدث تصدعا داخل الحكومة اليمينية الاسرائيلية بخصوص الضم، اذ ظهرت خلافات بين الشركاء في الائتلاف الصهيوني الحاكم نتانياهو ووزير الدفاع بيني غانتس (زعيم ازرق ابيض ) حول شكل الضم وحجمه، كما تشير التسريبات الى امكانية التغيير في الموقف الاميركي من الضم خاصة وان هناك رفضا قويا من قبل الحزب الديمقراطي لهذه الخطوة والتي تشير المصادر الى ان ادارة الرئيس ترمب فشلت في ايجاد دعم من اي برلماني من الحزب الديمقراطي لخطوة الضم.
رفض الحزب الديمقراطي الاميركي اعلنت عنه رئيسة مجلس النواب الاميركي نانسي بيلوسي التي اعتبرت ان خطوة الحكومة الاسرائيلية بضم المستوطنات وغور الاردن يشكل خطرا على الامن القومي الاميركي.
وعليه، فان السياسة العدوانية للحكومة الاسرائيلية الجديدة المدعومة من الرئيس الاميركي دونالد ترمب الذي انحاز الى اليمين الصهيوني المتطرف ستؤدي الى توتر كبير في المنطقة وتغيير في العلاقات بين الدول.
الاردن منذ بداية خطة صفقة القرن التي اعلنها الرئيس الاميركي دونالد ترمب حسم موقفه مبكرا برفض هذه الصفقة والعمل على افشالها وهو ما اكده الملك باللاءات الثلاث وهي ( لا للتوطين ولا للوطن البديل ولا للتنازل عن اي شبر في القدس الشرقية )، واصبحت هذه اللاءات الثلاث البوصلة للسياسة الاردنية ولكل المواقف في التعامل مع القضية الفلسطينية واي طروحات متعلقة بحل القضية الفلسطينية وتحظى هذه اللاءات باجماع اردني كامل، وان الشعب الاردني يقف خلف جلالة الملك في مواجهة المخططات الاميركية والاسرائيلية.
والموقف الملكي القوي الرافض بداية لصفقة القرن ثم الاعلان بان الضم سيؤدي الى صدام مع الاردن، منح زخما قويا للتحركات الاردنية والفلسطينية وحتى العربية لافشال مخطط الضم.
كما ان الدبلوماسية الاردنية والسياسة الخارجية وتحركات وزير الخارجية ايمن الصفدي الذي يعمل لايجاد تحالف دولي ضد الضم، تؤكد بما لايدع مجالا للشك ان الضم هو خرق للقانون الدولي ولا يمكن ان يمر دون رد.
والسياسة الخارجية تهدف الى تحشيد اكبر موقف دولي لمنع حكومة الاحتلال الاسرائيلي من تنفيذ خطتها بضم المستوطنات وغور الاردن، وبالتأكيد فان الدبلوماسية الاردنية لديها في الحسبان ما يجري من تحولات في الولايات المتحدة الاميركية وخاصة المعارضة القوية داخل مجلس النواب الاميركي لمخططات الضم، علاوة على الحسابات على نتيجة الانتخابات الرئاسية في اميركا وخاصة ان المرشح الديمقراطي جو بادين اعلن معارضته للضم.
التحرك باتجاه المجتمع الدولي ايضا هو مسار ضروري وخاصة ان جميع دول العالم باستثناء الولايات المتحدة الاميركية اعلنت معارضتها للضم، ما يوفر غطاء دوليا للتحركات الاردنية والفلسطينية لاجبار اسرائيل على الغاء خططها بضم المستوطنات وغور الاردن، وهنا في حال نجحت الجهود الاردنية والفلسطينية في اجبار اسرائيل على عدم الاقدام على خطوة الضم، فان ذلك يعني ان صفقة القرن التي اعلنتها الادارة الاميركية في طريقها الى الزوال.
الجهود الاردنية تنصب على التحذير من خطورة سياسة الحكومة الاسرائيلية بضم اراض من الضفة الغربية على المنطقة وعلى السلام العالمي وتحشيد موقف دولي وخاصة الاتحاد الاوروبي ضد خطوة الضم من اجل منع دولة الاحتلال من القيام بهذه الخطوة.
وستشهد المرحلة القادمة تأزيما في علاقات الاردن مع اسرائيل في ظل اصرار حكومة الاحتلال على مخططاتها تجاه الضم وتهويد القدس، فالموقف الاردني يعتبر الضم عدوانا على فلسطين والاردن لذلك يجب مواجهة الضم وافشال هذه الخطوة الخطيرة التي ستؤدي الى قتل الدولة الفلسطينية وقتل اية فرصة للسلام في الشرق الاوسط.
الموقفان الاردني والفلسطيني القويان بحاجة الى موقف عربي ايضا قوي، فالاستفادة من الموقف الدولي تتطلب ايضا موقفا قويا من جامعة الدول العربية في مواجهة سياسة الضم، فالمطلوب موقف عربي مساند للتحركات الاردنية والفلسطينية في مواجهة الضم، وايضا مطلوب تحرك عربي موحد لايصال رسالة للادارة الاميركية ولاسرائيل بان الضم يعني تهديدا للامة العربية، ويضع المنطقة على شفير الهاوية والمواجهة، كما على الدول العربية وقف اية محاولات تطبيعية مع الاحتلال ووقف التواصل السري والعلني مع مسؤولي الاحتلال الذين يسعون الى فصل المسار الفلسطيني عن العلاقات مع الدول العربية.
إذن المطلوب عربيا هو دعم الموقف الاردني والفلسطيني في مواجهة صفقة القرن والضم، والتمسك ببنود المبادرة العربية التي تربط التطبيع بانسحاب اسرائيل من الاراضي التي احتلت عام 1967 واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية وعودة اللاجئين.. الرأي