محمد المومني يكتب: مستجدات الضم

مدار الساعة ـ نشر في 2020/06/12 الساعة 22:57

بات قرار الضم الاسرائيلي لأراض في الضفة الغربية أميركيا اكثر منه اسرائيليا. اميركا تطلب من اسرائيل الإبطاء بقرار الضم وعليه يقول نتنياهو عراب الضم لقادة المستوطنات بالضفة انه سيبدأ بضم المستوطنات على مراحل وأن ضم الاراضي الاخرى من الضفة سيتأجل لمرحلة لاحقة. غانتس ووزير الخارجية الاسرائيلي يقولون جهارا إن الضم لا بد ان يكون بعد وليس قبل مشاورات وتفاهمات مع اميركا، وان شرحا مفصلا لدول الاقليم لا بد ان يتم قبل أخذ أي قرارات بهذا الشأن، وان أي ضم لا يجب بحال أن يؤثر على اتفاقيات السلام مع الاردن ومصر ولا على التنسيق الامني مع الفلسطينيين.
الموقف الاميركي يستند بالضرورة لتقديرات استراتيجية واتصالات مع دول الاقليم افضت لاستنتاج ان تكلفة الضم باهظة، كما ان هناك شعورا متناميا ان نتنياهو انتقائي يطبق ما يشاء من صفقة ترامب ولا يأبه بمصداقية من كتب وتبنى الصفقة. ثمة متغير آخر جديد مرتبط بالانتخابات الاميركية التي تميل كفتها لصالح الديمقراطي بايدن مقابل الجمهوري ترامب، حيث يرى البعض ان ترامب يؤجل قرار اسرائيل بضم أراض في الضفة الغربية بانتظار احتدام الموسم الانتخابي الاميركي ليوافق عندها على الضم فتكون ورقة انتخابية رابحة لدى قاعدته الانتخابية من الانجيليين الافانجلكوز. ايا كانت اسباب الموقف الاميركي فإن الحديث لا زال عن ابطاء وليس إلغاء ضم اراضي الضفة ما يجعل الاطراف المعنية والمتأثرة بالأمر مستمرة بالوقوف على رؤوس اصابعها، معنية بوضع وتجهيز واستخدام اوراق ضغطها بحكمة ودقة ومصداقية، وان تحضر نفسها لاستخدام هذه الاوراق بتدرج، والأهم، ان تكون قنوات اتصالها مفتوحة للتعبير عن المواقف بوضوح والابتعاد عن التخاطب عبر الإعلام فقط فتلك وصفة تصادم لا محالة. التواصل والاتصال مهم جدا في مرحلة ما قبل المواجهة السياسية او الدبلوماسية او القانونية او الامنية، فغالب مواجهات الدول وصداماتها كانت تسبق بسوء اتصال الذي يفضي لسوء فهم ومن ثم حدوث أخطاء في التوقع تتبع بصعوبات التراجع حفاظا على المصداقية. قدراتنا الدبلوماسية والسياسية ومهارات استخدام الاوراق الضاغطة بدقة ومسؤولية هو رصيدنا الاساسي في هذه المرحلة في معرض التحضير لمواجهة قرار الضم الضار جدا بمصالحنا الاستراتيجية العليا.
الموقف الاوروبي يبدو بيضة القبان في شأن الضم، اذ تنحى اعداد متزايدة من الدول الاوروبية لرفض قرار الضم واعتباره مناقضا للقانون الدولي، ما قد يرتب فرض عقوبات على اسرائيل وان لم تكن عن طريق مجلس الامن او من الاتحاد الاوروبي كوحدة واحدة لوجود دول اوروبية قد لا توافق على العقوبات. ضم اراضي الضفة تعتبره غالبية الدول الاوروبية تعبيرا عن غرور نتنياهو السياسي، ومناقضا بشكل صارخ لمواقفها وقناعاتها بحل الدولتين كمخرج وحيد ومنطقي لحل النزاع، وان هذا الحل هو ضمانة امن اسرائيل وليس ضم اراض وسيطرة امنية ميدانية.
الغد

مدار الساعة ـ نشر في 2020/06/12 الساعة 22:57