د. اسلام فريحات يكتب: أزمة هونغ كونغ في العلاقات الأمريكية-الصينية

مدار الساعة ـ نشر في 2020/06/12 الساعة 20:18
بقلم: د. إسلام فريحات * وصفت الادارة الامريكية التشريعات الصينية المتعلقة بالأمن القومي، بانها تقويض للحكم الذاتي والحريات في هونغ كونغ واعاقة لتنميتها وافساد لدورها في كونها مركز تجاري عالمي. كما صرحت بان بكين تنتهك الاتفاق الصيني البريطاني والاعلان المشترك الذي اعاد هونغ كونغ الى الصين في1997، وايدت الاحتجاجات شبه اليومية التي يقودها الاف المتظاهرين في حي كوزاي التجاري وغيره من المناطق مطلقين الهتافات ضد حكومة بكين. ولكن التحليل الحيادي لهذه الادعاءات يجعلها تبدو بعيدة عن الواقع، بل وفيها صور تنم عن ازدواجية السياسة الامريكية في التعاطي مع القضية. يجب ان نوضح ان هونغ كونغ هي ليست مستعمرة صينية بل هي بالفعل اراضٍ صينية تحتفظ بإدارة ذات درجة عالية من الحكم الذاتي ونظام اقتصادي وسياسي راس مالي خاص بها. وحتى عام 2049 سيبقى إطار العلاقات الخاصة بها يحتكم للمبدأ الدستوري "دولة واحدة ونظامان"، وهي خاضعة مباشرة لحكومة الشعب المركزية وهو ما تنص عليه المادة 12 من القانون الاساسي. ومن المعروف ان تشريعات الأمن القومي هي مسؤولية السلطة المركزية في أي بلد في العالم، سواء كان نظامًا وحدويًا أو نظامًا فيدراليًا، ومن ذلك فان سد ثغرات المخاطر في الأمن القومي الصيني هو حق قانوني يستند على الدستور والاحكام ذات الصلة من القانون الاساسي ويحظى بدعم الحكومة الادارية في هونغ كونغ وقوى مكتبها الامني الخمسة بشكل كامل. لم تتوقف الولايات المتحدة صاحبة نظام الامن القومي الاول عالميا عن صياغة القوانين الصارمة بعد 11 سبتمبر التي تطال بقاع جغرافية متعددة وكيانات ومنظمات مختلفة لحماية الاستقرار الامريكي الداخلي، ولكنها استهجنت محاولات الحكومة الصينية كف الايدي الخارجية من العبث باستقرارها وزعزعة كيانها الموحد، وكبح ما ظهر من شغب وتخريب في الاحتجاجات الجديدة اثر مثيلتها العام الماضي والتي رفعت شعار "استقلال هونغ كونغ"- وهو ما يمكن رؤيته ليس أكثر من حلم يقظة لإثارة البلبلة ليس الا- وشعارات تدعو لحرية الإيجور، بالإضافة لأعمال العنف، متزامنة مع ظهور عدة ملفات سياسية من جديد على الساحة الدولية مثل قضية التبت بالإضافة لتبعات جائحة كورونا للضغط على الحكومة الصينية، وهو ما جعل التصميم على حماية سيادة الدولة وامنها ضرورة فورية ملحة لا يجب المساومة عليها، برأي بكين. ان الامن والاستقرار الاجتماعي هو الباعث الاساسي على التطور والازدهار الاقتصادي وهي عوامل حاسمة لأي نشاط استثماري تجاري، فالفوضى لا تسهم اطلاقا في التنمية بل تعيقها وتعمل على تأخيرها وفي ظل عدم الاستقرار لن تتمكن المشاريع الاستثمارية من العمل لفترة طويلة، وسيجد المستثمرون صعوبة في الحصول على عوائد مستقرة وطويلة الأجل. وقد ظهر ذلك جليا العام الماضي حيث تأثر اقتصاد "الميناء العطر" كما تسمى بالصينية بسبب المظاهرات والاحتجاجات، فقد ادت الأزمة إلى تفاقم التباطؤ الاقتصادي الذي تعانيه هونغ كونغ نتيجة الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، ومن الواضح ان استمرار هذه الاوضاع سينقل الوضع الى خطر اقتصادي حقيقي، في مرحلة تاريخية تعتمد فيها الحكومة الصينية خطط اقتصادية كبرى مثل طريق الحرير، تحتاج فيه الى توجيه موحد لكافة قدراتها، علاوة على انها تواجه في الوقت ذاته ارتفاع وتيرة الهجمات مع الولايات المتحدة على صعيد الضرائب والعقوبات على الشركات الصينية وعقوبات محتملة بسبب جائحة كورونا. في ظل هذه الموشرات يمكن القول بان تمرير قانون يحظر "الخيانة، والانشقاق، وإثارة الفتنة، وأعمال التخريب" وإنشاء وتحسين النظام القانوني من المتوقع ان يجعل هونغ كونغ تتمتع ببيئة عمل أفضل وستكون أكثر شعبية لدى المستثمرين وستعيد نشاط السياحة الى سابق عهدها، وتهيئ المجال لدفع عجلة التنمية والتطور بسرعة أكبر، بل ان قرار واشنطن في دعم التظاهرات والتهديد بتعليق الوضع التجاري الخاص الذي تمنحه لهونغ كونغ هو التهديد الحقيقي للجزيرة ومركزها كعلامة تجارية عالمية. ويجدر الاشارة الى ان هناك بالفعل بعض التعقيدات والمشاكل العميقة يواجهها مجتمع هونغ كونغ مثل الفجوة بين الاغنياء والفقراء والصعوبات السكنية وغيرها وهذا لا يجب ان يدفع لمعارضة تمرير قرار الامن القومي وذلك لأنها تحتاج لوقت طويل للحل وذلك لأسبابها شديدة التعقيد، هذا ومن المتوقع من ناحية اخرى ان استكمال النظام القانوني لن يؤثر على الحقوق والحريات التي يتمتع بها اهل هونغ كونغ في ظل البيئة الامنة الجديدة بما يشمل الاحتجاج والتجمع، وحرية التعبير والصحافة وما الى ذلك بل سيوجد نظاما قانونيا أكثر اكتمالاً ، ونظاما اجتماعيا أكثر استقراراً. * متخصص في الشؤون الصينية
  • إسلام
  • اعلان
  • يومية
  • عالية
  • اقتصاد
  • مال
  • قانون
  • قوانين
  • الجديدة
  • أعمال
  • كورونا
  • منح
مدار الساعة ـ نشر في 2020/06/12 الساعة 20:18