أحمد القضاة يكتب: كاريزما عبد الله الثاني
* أحمد معن القضاة
في التاسع من حزيران قبل إحدى وعشرين عاماً احتفل الأردنيون بجلوس جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين على العرش، كان هذا التاريخ بمثابة انعطافه مهمة، حيث استطاع عبد الله الثاني خلق حالة جديدة فالأردن اليوم حين ننظر إليه ندرك أنه ليس ابن أمسه تماماً ولكنه في ذات الوقت ليس منقطعاً عنه، فالنهضة والتطور بنيا على ما كان موجوداً ولكنهما صار أجمل وأقوى.
أتذكر حين قال جلالته في بدايات حكمه أنا لست أبي، وحينها بدأ ظهور مصطلح المملكة الرابعة، كلا الأمرين أشار إلى حالة من القطع والوصل في آن معاً، فظل الأردن عروبياً كما ولد، وظل القيادة تضع المصالح الوطنية والقومية في الصادرة، ولكن الأردن في ذات الوقت استطاع امتلاك شروطا البقاء والاستمرار في أعتى الظروف وأحلك التجارب التي مرت بها منطقتنا.
يأتي اليوم ونحن نحتفل بعيد الجلوس الملكي في ظل أزمات تحيط بنا بعضها عالمي كجائحة الكورونا، وبعضها إقليمي كمحاولة إسرائيل الاستمرار باستيطانها واستيلائها على الأرض الفلسطينية والتهجم على الأردن ومصالحه العليا، ورغم صعوبة الظروف والمنعطفات إلا أن الأردنيين يملكون ثقة بملكيهم القادرة بقيادة الدفة والوصول بالأردن إلى بر الأمان كما حصل دائماً.
سأعود بالذاكرة لمدة ليست بالبعيدة فعام 2018 كان عاما حمل في طياته العديد المواقف والتصريحات الملكية، مواقف واضحة بأن السيادة والمصالح العليا الأردنية خط أحمر، مع التأكيد على حل الدولتين الذي يعطي الفلسطينيين الحق في تقرير المصير، مرورا باللاءات الثلاثة التي كانت عنواناً لخطابات جلالة الملك لا على القدس، لا للوطن البديل، لا للتوطين.
القارئ للمشهد يلاحظ ثباتا في مواقف جلالة الملك، وقوته المملوءة كاريزما أعطت الدولة قوة في التعامل مع الكيان الصهيوني، فكان العام الماضي عام الانتصارات الدبلوماسية بوضوح، حيث استطاع الأردن استعادة الأسيرين هبة اللبدي وعبدالرحمن مرعي، وكانت عودتهما إلى الأردن رسالة واضحة بأن الأردن سيبقى سداً منيعاً في وجه كل من يحاول المساس به، ثم جاءت استعادة أراضي الباقورة والغمر، عبر إيقاف العمل بالملحقين الخاصين بهما في اتفاق السلام الأردنية الإسرائيلية، وكانت صلاة جلالة الملك على ترابهما المحرر رسالة للعدو.
في 23/11/2019 وخلال تكريم جلالة الملك من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى كرجل الدولة – الباحث رد جلالته على سؤال عن العلاقات الأردنية الاسرائيلية، وكان رد جلالة الملك واضحاً حين قال إنها في أسوأ حالتها وتمر في منعرجات صعبة.
ونسمع صدى هذا الجواب بكلام جلالة الملك لمجلة دير شبيغل الألمانية قبل أقل من شهر في ذكرى النكبة، حين قال إن ضم إسرائيل للأغوار والمستوطنات سيدخلها في صدام كبير مع الأردن.
هل سنكون أمام إلغاء لاتفاقية وادي عربة أو تعليق لها، وما هي الإجراءات الممكن اتخاذها إذا ما تم ضم منطقة غور الأردن للجانب الاسرائيلي؟ ننتظر الأيام القادمة ليتكون لدينا تصورات واضحة عما هو قادم، ولكن عندما يكون القائد ماهراً تكون لديك القدرة على مجابهة الصعاب بهمة وعزيمة أبناء الوطن.
كل عام والوطن وقائد الوطن بألف خير، وأدام الله الأمن والاستقرار على وطننا ومليكنا وعلى أمتنا العربية.