الشهيد عبدالحميد الشوابكة: يجوز ما أرجعلكم مرة ثانية... استودعناكم الرحمن

مدار الساعة ـ نشر في 2020/06/10 الساعة 11:32
• بحث وإعداد الصحفي سهم العبادي بهذه الكلمات، ودع عبدالحميد عبدالرحمن مفضي الشوابكة "ابو خالد" ابن عمه بعد أن أوصله من منطقة خشافية الشوابكة إلى سحاب بطريقه إلى جنين عام 1967 قبيل حرب حزيران بشهرين ، وكان الوداع الأخير له بعد أن نال الشهادة على أرض فلسطين مقاتلا وخلال أداء صلاة المغرب . في بداية الستينيات، توجه عبدالرحمن الشوابكة صاحباً ابنه البكر عبدالحميد في زيارة لسعد خير، طالبا منه التوسط لتجنيد ابنه عبدالحميد في الجيش، وهو ما تم بعد ذلك فقد كانت أسرة عبدالحميد تعمل في الزراعة إلا أن طموح عبدالحميد كان الإلتحاق بالقوات المسلحة. كانت خدمة الشهيد عبدالحميد في مدينة جنين حيث خدم فيها ما يقارب العامين في كتيبة الصحابي خالد بن الوليد ، وقد عرف عن الشهيد عبدالحميد دماثة الخلق والرجولة والشهامة والتدين وواصلا للارحام وجندي محترف تعلم كافة فنون القتال وحاز على التميز في كل الدورات العسكرية. في إحدى السنوات عاد إلى الأردن واصطحب والدته معه للعيش في جنين لتعلقه بها، رغم أن له سبعة اشقاء هو اكبرهم والمعيل الوحيد لهم بعد والده ، وبعد فترة من عيشها في فلسطين بمدينة جنين عادت للأردن للسكن في الخشافية في بيتها وقد عاد معها أبنها عبدالحميد ليكون ذلك الوداع الأخير لوالدته وأهله. كان عبدالحميد متزوج وله ثلاثة أطفال هم خالد وشقيقتيه وعندما أوصله أبن عمه من منطقة الخشافية إلى سحاب ليعود إلى فلسطين قال عبدالحميد مخاطبا أبن عمه "يجوز ما أرجعلكم مرة ثانية .. الحرب قريبة ... استودعناكم الرحمن .. ووصيتي ليكم ديرو بالكم على عيالي ودير بالك على أخواني ووصيهم يحبو بعضهم ويقضبو ببعض ويحبو الأردن وأهلها وترابها" ثم غادر متوجها للالتحاق بكتيبته في جنين. بعد عدة أيام إندلعت الحرب، وقدم الجيش العربي الأردني أبهى صور البطولة والتضحية في حرب شرسه، شهد بضراوتها العدو قبل الأخرين في وثائقهم، وأنهم وجدوا مقاومة بطولية وشجاعة كانت ستقلب موازين المعركة، وللحظات أصابهم الشك بأن هذا الجيش سينتصر ويحتل تل ابيب، وكتب عن الجيش الأردني في وثائق العدو "انه جيش لا يعود للخلف ويتقدم طلبا للموت " وبدأت مواكب الشهداء تزف وسط الأهازيج الحماسية، وكانت مقولتهم الشهيرة "عليهم يالنشامى ... المنيه ولا الدنيه" وخسر العدو في معركته في مدينة جنين العديد من الآليات والقتلى، ولكن طيران العدو كان شرس وغدار في ضوء عدم وجود تغطية جوية عربية كما كان متفق ، ومع ذلك سطر الأشاوس معركة أسطورية في القتال الصمود وصد غارات العدو من على الأرض ومن السماء ولم تنثنِ عزائمهم . كان عبدالحميد من أشرس الجنود وبطل مقدام، لم يعرف ورفاقه طعم النوم، وكانت البندقية وزنادها كأنها يد ثالثة له، تقنص جنود العدو" بارودة عبدالحميد عيارها صايب" ، وخلال هدوء المعركة وتوقف تبادل إطلاق النيران، أستقبل عبدالحميد الشوابكة القبلة لاداء صلاة المغرب، وما أن مرت لحظات خلال اداء الصلاة وهو واقف بين يدي الله حتى جاءته رصاصة قناص أصابته بين عينيه، ليلاقي ربه مقاتلا ومصليا، لينال الشهادة في جنين على أرض فلسطين، مدافعا عنها ومقداما ومن الذين ما بدل تبديلا، أنتهت الحرب وتم نقل بعض الشهداء ودفنهم في مدينة جنين من قبل الأهالي، وأيضا تم نقل الجرحى للعلاج في الأردن. تم دفن الشهيد عبدالحميد عبدالرحمن مفضي الشوابكة "ابو خالد" في مقبرة الشهداء في أم الحيران في عمان، وخلال مراسم الدفن وجدو في جيب الشهيد دفتر صغير مدون عليه انه مدان لأحد الأشخاص بمبلغ عشرة قروش ، وبعد دفنه بإسبوعين أصرت والدته على أن تراه، ورغم محاولات الأبناء والأقرباء لثنيها عن ذلك وانه تم دفن جثمان الشهيد ولا يجوز فتح القبر او اخراجه مرة أخرى، إلا أن كل محاولاتهم فشلت في إقناعها، ورضخوا لطلبها وقاموا بالذهاب لمقبرة الشهداء في أم الحيران، وتم فتح قبر الشهيد عبدالحميد الشوابكة، لتكون المفاجأة أن جسد الشهيد عبدالحميد كما هو لم يتغير، وكأنه نائم بعد تعب، وخرجت من القبر رائحة مسك" حشمه على راي أبنه خالد" غطت المكان، وشاهدته والدته واحتضنته من جديد وقبلت رأس ابنها الشهيد، وتم إجراء مراسم الدفن مرة أخرى، لتبقى قصة هذا البطل حكاية شهيد تتداولها الأجيال بكل معاني الفخر.
مدار الساعة ـ نشر في 2020/06/10 الساعة 11:32