عدنان المساعدة يكتب: وقت الامتحان الوطني يُكرم المرء أو يُهان

مدار الساعة ـ نشر في 2020/06/08 الساعة 01:08
لقد بذلت الدولة الأردنية ممثلة بكافة أجهزتها وكوادرها جهودا استثنائية لتخطي أزمة كورونا والتغلب عليها رغم بعض الثغرات التي حصلت هنا أو هناك بسبب عدم التزام البعض بالتعليمات. وللأمانة والأنصاف، كانت الاجراءات التي أتخذت فاعلة ومدروسة ضمن فريق عمل حافظ لدرسه أدار الملفات بنجاح كل حسب اختصاصه، وكان الكل يتسابق في هذا الظرف الاستثنائي وجهته البوصلة الوطنية التي تحفظ عافية الوطن وسلامة المواطن. لقد وجهنا جلالة سيدنا الى أن الباروميتر الحقيقي للمواطنة الصادقة هو بمقدار ما تقدم لوطنك، وبمقدار ما تقف الى جانب وطنك في الملمات والأزمات والشدائد. نعم، هناك رجال ومواقف ونماذج مواطنة صادقة تسامت أفعالهم وأقوالهم ممن يوصلون الليل بالنهار يضحون بأنفسهم وأموالهم، رجال صدقوا الله والوطن وقيادتنا الهاشمية الحكيمة وما بدّلوا تبديلا، وكانوا ’جند الحق وفرسان الوطن، وطوبى لهؤلاء الذين سجلوا اسماءهم بإيثار وتضحية على لوحة الشرف الوطني الصادق. ان باروميتر المقياس الوطني الصادق يقيس بدقة ويكشف معادن الرجال وقت الأزمات، ويفرز بدقة ووضوح مواقف الرجال الصادقين من مواقف المهّرجين والأنانيين الذين لا همّ لهم الا أنانيتهم المقيتة دون أدنى مسؤولية مجتمعية تجاه وطننا في هذا الظرف الصعب، حيث رسب في هذا الامتحان الوطني فئة من الأغنياء والمقتدرين، وأستطاعت الأزمة ان تكشف زيف تنظيرهم الكاذب كصيادي فرص تفوح منها رائحة الأنانية، وكانوا كالنعامة غرسوا رؤوسهم بالرمال، وكأن الأمر لا يعنيهم، وأثبتت الأزمة أن هؤلاء غارقون في بحر انهزامية النفس والضمير الذين تقاعسوا وخذلوا أنفسهم قبل أن يخذلوا الوطن، وكانوا تجارا في مواقفهم وكلامهم، وكان معيارهم الوحيد مصالحهم الخاصة، فتبا لتلك النفوس الجشعة التي في رأسها أذى وفي قلبها مرض. نعم، لقد نجح في هذا الامتحان الأوفياء والمخلصون بامتياز وكانت الكرامة لهم عند الله، وزرعوا درب الكرامة كقدوة لنا نرفع لهم التحية الكبرى عرفانا لوفائهم وصدق مواقفهم التي انحازت بايمان الى خندق الوطن، ومنهم من سقط في أوحال الطين والخسة فأهانهم امتحان كورونا لأنهم هربوا بعيدا وانكبوا على وجوهم أذلة صاغرين وما أخزى ذلك إن كان عندهم احساس فقدوه أو مروءة التي أعلنت براءتها منهم وما أقسى ذلك. أما وقد أعلنت حالة الانفراج الحذر لكثير من القطاعات ضمن المصفوفة التي أعلنتها الحكومة يوم الخميس الماضي ليتم تحقيق معادلة موزونة بين المحور الاقتصادي وأهميته في التنمية المستدامة والأمن المعيشي والاجتماعي لكافة أفراد المجتمع من جهة وبين المحور الصحي الذي يضمن تعافي الوطن من خطر الوباء من جهة ثانية. ومن هنا، فان مسؤولية ذلك تقع الآن على عاتق الفرد والأسرة والمؤسسة، وضرورة أن تتابع أجهزة الدولة التقصي بعيون يقظة ولتكن عين على صحة الوطن والمواطن، والعين الأخرى على مسارات التنمية ووضع الحلول الاستباقية والمدروسة والقابلة للتطبيق بأسوب ناجع وفاعل المقترن بالعزيمة ومضاعفة الجهود. وأعتقد جازما هنا، وكما أشرت في عدة مقالات سابقة أن العودة للأرض وبلورة استراتيجيات فاعلة للنهوض بالقطاع الزراعي الذي يحقق لنا أمننا الغذائي والكرامة يجب أن تتقدم كل الاولويات حيث تمتد أهمية هذا القطاع في توفير بيئة داعمة للصناعات الغذائية المرتبطة والمعتمدة على سلة الغذاء. ناهيك عن ايجاد فرص عمل حقيقية لأبناء الوطن المتعطلين عن العمل الذين سيجدون ضالتهم بتحقيق العيش الكريم لهم، ولكي نخرج من تداعيات هذه الأزمة التي هدّدت كبرى اقتصاديات الدول بسلام وأمان، فعلينا العودة الى الأرض والزراعة ثم العودة الى الأرض والزراعة ثم العودة الى الأرض والزراعة لعل في التكرار إفادة، ولتكن العودة بأيد أردنية زنودها قوية، وتحمل معاول العطاء والانتاج التي لاتقل أهميتها في حال عن حامل البندقية الذي يدافع عن هذا الثرى المقدس، وحامل القلم النظيف الذي يكتب بمداد العشق الأبدي لأردن العزم والكرامة والنهضة. وحمى الله الأردن الوطن الأغلى والأبقى، ودام جلالة الملك قائدا وسيدا، وحفظ الله سمو ولي العهد الأمين.

* كاتب واستاذ جامعي/ جامعة العلوم والتكنولوجيا الاردنية عميد كلية الصيدلة سابقا في جامعة العلوم والتكنولوجيا الاردنية اليرموك رئيس جمعية أعضاء هيئة التدريس سابقا. massadeh@just.edu.jo
مدار الساعة ـ نشر في 2020/06/08 الساعة 01:08