بلال التل يكتب: لنوقف موسم اللطم الاقتصادي
بقلم بلال حسن التل
تمارس بعض مدارس الشيعية اللطم على الحسين بن علي منذ خمسة عشر قرناً, لكن هذا اللطم لم يغير شيئاً من حقائق التاريخ, بل لعله غطى على الكثير منها, وأولها حقيقة من قتل الحسين وإلى أي مذهب ينتمي؟ وإذا كان اللطم لم يغير شيئاً من حقائق التاريخ, فإنه ظل سبباً من أسباب فرقة المسلمين وضعفهم وتبديد طاقاتهم في خلافات وحروب داخلية.
ممارسة اللطم تتكرر الآن عند بعض الذين يتعاملون مع الاقتصاد الأردني, فهؤلاء اللطيمة يصنعون أجواء من الاحباط, تُحرف أبصارنا عن رؤية الكثير من حقائق أزمة الاقتصاد الأردني, أولها أنها أزمة بنيوية, عمقتها أزمات المنطقة خاصة في العقدين الأخيرين, لتأتي أزمة كورونا لتكشف لنا المزيد من عورات هذا الاقتصاد, وأبرزها بخل وعدم إنتماء رأس المال العامل في الأردن, وهو ماظهر جلياً بحجم التبرعات المقدمة للصناديق الوطنية التي أنشئت لمواجهة الأزمة حيث تخلى فيها رأس المال عن الوطن بصورة لا لُباس فيها.
غياب الحس الوطني عن رأس المال العامل في الأردن, جعله غير معني بإنشاء مشروعات تنموية حقيقية في بلدنا, مفضلاً عليها منافذ الربح السريع عبر السمسرة والعمولات والوكالات وهذه لا تنمي اقتصاداً, ولا تصنع دورة اقتصادية سليمة ولا توفر فرص عمل كافية, ولأن أصحاب هذه المدرسة, يجيدون اقتناص الفرص فإنهم يقتنصون كل أزمة لممارسة اللطم على الاقتصاد الأردني بحجة تأثره بالأزمة, بهدف التهرب من الضرائب والجمارك, وللمطالبة بالمزيد من الإعفاءات, وصولاً إلى الحصول على الدعم من موازنة الدولة المرهقة أصلاً, والمعتمدة على جيوب القطاع العام, الفقير الذي صار ينفق على القطاع الخاص الثري, في أوضح ممارسة لقلب الأمور, قدمت أزمة كورونا أوضح صورة لها, عندما أحجم القطاع الخاص عن العطاء, فأوغلت الحكومة في مد يدها في جيوب موظفي القطاع العام, مما يستدعي إصلاح الأمر, من خلال سلسلة من الإجراءات, أولها التوقف عن اللطم, والإنتقال إلى التفكير الهادىء الذي يقودنا إلى حقائق الأزمة والمخارج منها, كحقيقة أن الاقتصاد الأردني من الاقتصاديات الصغيرة, التي لا تتأثر كثيراً بالأزمات الدولية, وأن نشاطات السمسرة والعمولات والوكالات لا تبني اقتصاداً حقيقياً يمكننا من الاعتماد على الذات, وعلينا البحث عن بدائل أولها يكمن فيما طالب به جلالة الملك من ضرورة الاهتمام بالزراعة والصناعات الغذائية والدوائية, فجلالته يضعنا عبر هذه المطالب على أول الطريق, للبحث عن القطاعات ذات المزايا النسبية في الاقتصاد الأردني.
خلاصة القول: أن أزمة كورونا ساهمت في بيان الكثير من مثالب بنية الاقتصاد الأردني, لكنها ساهمت أيضاً في وضع أيدينا على الجرح, وعلى أكتشاف أول الطريق السليم للخروج من أزمتنا, فلنتوقف عن موسم اللطم, ولنبدأ موسم التفاؤل بالتشمير عن سواعد الجد بالعمل المنتج.