صناديق أشد سواداً !!

مدار الساعة ـ نشر في 2017/04/19 الساعة 01:07
تفاقمت في واقعنا العربي أزمات وقضايا بالغة التعقيد لسببين: اولهما التجاهل والانكار على طريقة النعامة، وثانيهما التأجيل تهربا من المواجهة وانتهى الامر الى ما هو عليه الان، بحيث تراكمت مديونيات ثقافية وعلمية هي أضعاف المديونيات الاقتصادية .
وهناك صناديق اشد سوادا من الصندوق الاسود الذي يتبقى بعد ان تتحطم الطائرة ، وطلاسم هذه الصناديق لا تقبل التفكيك او القراءة لاكتشاف الاسرار واسباب السقوط، وما نعانيه منذ اكثر من نصف قرن على امتداد العالم العربي سببه ببساطة ادارة الظهر عن قضايا معينة بحجة حساسيتها تارة وبذريعة الأولويات تارة اخرى، على طريقة لا صوت يعلو على صوت المعركة بحيث انتهى الامر الى ان علت الاصوات كلها على صوت المعركة .
ومعظم ما يقال عن الفساد المتعدد الرؤوس والذيول والذي يتكاثر كالأميبا او الهايدرا يأتي معزولا عن الصناديق السود التي عشش فيها هذا الفساد ووضع بيوضه لتفقس في الوقت المناسب !
ان للتربية صندوقها الاسود المحظور الاقتراب منه، لأنه بالنسبة للبعض ممّن يقضون ايامهم ولياليهم في البكاء على الاطلال مقدس، وللثقافة ايضا صندوقها الاسود الذي يحرسه اشباه المثقفين واعشار الكتّاب ممن يغطّون اميتهم بمساحيق يظنون انها للتجميل وهي في الحقيقة للتجهيل !
وثمة احداث عصفت بالعالم العربي خلال العقود الماضية اسدل عليها الستار ظنّا ممن يتجاهلونها ان تغطية الشمس بالغربال اصبحت ممكنة !
وهناك صناديق حالكة السواد ذات صلة بالديموقراطية في طبعاتها العربية المنقّحة، إن فتح هذه الصناديق اصبح مثيرا للفزع كما لو انها صندوق باندورا اليوناني الذي ما ان يفتح حتى تندلع منه الشرور كلها .
الا يكفي ما ادت اليه فلسفة التجنب والاحتراز والتأجيل من خريف قومي عاصف ؟؟؟

الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2017/04/19 الساعة 01:07