رغم الكورونا .. أردنيون: العيد سيبقى فرحة
مدار الساعة - رغم أن الإجراءات الاحترازية التي أفضت إلى إعلان الحظر الشامل خلال أيام عيد الفطر السعيد، إلا أن تلك الظروف لم تعكر صفو العديد من الأسر التي أصرت على أن تفرح بالعيد كعادتها، سواء في ترتب البيت أو تحضير المعمول، أو شراء ملابس العيد لأبنائها.
يطل عيد الفطر السعيد لهذا العام مختلفا على الأردنيين، فلن تكون هناك صلاة للعيد في المسجد، ولن يستقيظ الأطفال باكرا للاستعداد للذهاب إلى الأقارب والأرحام، إلا أن عائلة الخمسيني خالد العايش مصرة على أن تحتفل بالعيد كأي سنة مضت، وإن كان الاحتفال داخل المنزل فقط.
وحسب يومية "الغد" يقول العايش “عيد الفطر مميز لجميع المسلمين، فهو إعلان الإفطار بعد الانتهاء من صيام شهر رمضان المبارك، والأصل أن يكون يوم فرح وسرور، سواء داخل المنزل أو خارجه”.
ويلفت عايش إلى أن الحظر لا يغير من صلته لأرحامه وأقاربه في شيء، إلا أنه في كل عام يزور الأقارب برفقة أبنائه، إلا أنه هذا العام سيقوم بالاتصال بهم جميعهم ومعايدتهم، كما أنه سيقوم بتحضير بطاقة معايدة ليرسلها إلى جميع أصدقائه ومعارفه.
ورغم أن أجواء التحضيرات للعيد اختلفت عند الكثير من الأردنيين الذين اعتادوا على الخروج في أواخر رمضان لشراء “العيديات”، وحاجيات المعمول والشوكولاته، إلا أن عائلة أبو حاتم حرصت على الإبقاء على أجواء الفرح والسرور التي اعتادوا عليها في كل عيد؛ إذ قاموا بإعداد المعمول والحلويات، وانتقوا أجمل الثياب لارتدائها صبيحة العيد.
ويقول أبو حاتم “سنفرح بالعيد رغم كل شيء، وستفوح رائحة القهوة العربية فجر العيد مثل كل عام”.
وتابع أبوحاتم، أنه وبرفقة عائلته التي تتكون من تسعة أفراد سيصلون صلاة العيد جماعة في البيت، وسيحرصون على أن يكون هذا العيد “استثنائيا” يقضون كل لحظاته معا.
في حين قررت بيان العمد أن تخفف عن أبنائها وطأة الحجر والتعلم عن بعد، لاسيما أنهم أمضوا شهر رمضان بالدراسة، وتقديم الاختبارات، فقامت بشراء العيديات لأطفالها وحرصت على تجهيز البيت وتزيينه، وشراء المعمول والحلوى، كما حضرت “عيديات” مميزة لأطفالها ليستمتعوا في صباح العيد، ليكون عيدا استثنائيا يبقى في ذاكرتهم، وفق قولها.
وبدوره، يشير أخصائي علم الاجتماع الأسري مفيد سرحان إلى أن العائلات اعتادت على انتظار عيد الفطر والتحضير لاستقباله قبل أيام من موعد قدومه، وعيد هذا العام يأتي في ظرف مختلف؛ حيث انتشر وباء كورونا عالميا ومحليا، وصاحب ذلك إجراءات وقائية أثرت على طبيعة الحياة العامة منذ منتصف شهر آذار (مارس) الماضي، وشملت هذه الإجراءات منع التجمعات العامة وإغلاق المساجد وفرض حظر للتجول على فترات، والحد من التنقل بالسيارات داخل المدينة الواحدة، وعزل بعض المحافظات وغيرها من إجراءات.
ونوه سرحان إلى أن التغير الاجتماعي الذي حدث في المجتمع الأردني خلال الفترة الماضية يشمل أيضاً فترة عيد الفطر السعيد، ومع ذلك فلا بد من العودة إلى حقيقة العيد في الإسلام.
فالعيد يحمل معنى الشكر وعلى تمام العبادة، وهي شكر باللسان والقلب، وتظهر على الوجه، وهو فرحة متجددة لا يمل منها، لأنها مرتبطة بعبادة لا تتوقف، فعيد الفطر يأتي بعد شهر رمضان وهو شهر عبادة وطاعة، وعيد الأضحى يأتي بعد موسم الحج، وهو ركن من أركان الإسلام.
ويقول “فالمسلم يفرح بقدوم العيد، لأنه أدى عبادة الصيام والقيام وعمل الخير طوال شهر رمضان، فهو يفرح بفضل الله ورحمته”، ففرح الصائم يرتبط بأداء العبادة، والعبادة تؤدى في كل الظروف، فانتشار “كورونا” لم يمنع من صيام شهر رمضان، بل إن في الصيام صحة ووقاية وبركة إضافة إلى أنه عبادة.
ويتابع سرحان “وإن كانت الإجراءات المتخذة للوقاية لم تسمح بأداء صلاة التراويح في المساجد فإنها أقيمت في كل بيت، والكثيرون أقاموا الليل في بيوتهم ومع أسرهم، وإن لم تستطع الأسرة الكبيرة الاجتماع في هذا الشهر، كما اعتادت في الأعوام السابقة سواء على ولائم الإفطار أو السهرات، فإن تواصلها لم ينقطع بل ازداد، أما الأسرة الصغيرة فقد كانت أكثر تقارباً هذا العام في رمضان وقبل رمضان. وفي العيد تتجلى معاني الأخوة والإنسانية، فهو ميدان للتسابق في الخيرات والمنافسة في البذل والعطاء”.
ويقول سرحان “تتجلى الفرحة بالعيد، لأنه مظهر من مظاهر وحدة المسلمين يشتركون فيه بأرجاء العالم كافة، وهو يسهم في تعميق التلاحم بين أفراد الأمة، وتوثيق الروابط بينها ويشعر الجميع بالبهجة والسعادة والسرور ومشاعر الألفة”.
ويؤكد سرحان، أن من حق الأسرة أن تفرح بالعيد، فالفرح مكانه القلب، وهو قرار يتخذه الإنسان من تلقاء نفسه، وإن الظرف الحالي يجب أن لا يمنع من الحرص على إدخال الفرح والسرور على قلوب الأطفال، وأهل البيت، سواء بما اعتادت عليه بعض الأسر من تزيين المنزل في العيد أو لباس العيد أو تقديم الحلوى والاحتفال بهذه المناسبة.
ويضيف “في هذا الظرف الاستثنائي، فإن من حق الجميع أن يفرح بالعيد بالرغم من كل الظروف، وحتى يكتمل هذا الفرح ويستمر، فهو مسؤولية الجميع بالالتزام بالإجراءات الصحية والوقائية لتجنب نقل الوباء، والابتعاد عن أي شيء يفسد فرحة العيد”.
ويتابع “الواجبات يمكن ترك العمل بها لمنع الضرر “لا ضرر ولا ضرار”، فهي تترك لخوف الضرر أو التعرض للأذى تقديماً لمصلحة حفظ النفس”.
وإن كان الظرف الحالي، وفق سرحان، بحاجة إلى الحذر والانتباه حتى لا نسهم في إطالة هذه الأزمة، فإنه يمكن التواصل في هذا العيد من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، لأن المصلحة العامة والحرص على إجراءات السلامة فيها تحقيق لمصلحة الفرد والمجتمع، وإن تم التواصل الشخصي بالزيارات بالأيام اللاحقة، فلا بد من مراعاة إجراءات التباعد الجسدي واختصار وقت الزيارة واقتصارها على حالات محددة كالوالدين والأرحام من الدرجة الأولى.
ويؤكد سرحان “لا بد للجميع من تفهم هذا الظرف والتعاون والاكتفاء بتقديم التهنئة بالعيد بدون الزيادة وفرحة العيد وبهجته تتزايدان بعدم انتشار الوباء لتعود الحياة إلى سابقتها”. وكان وزير الدولة لشؤون الإعلام أمجد العضايلة، قال خلال المؤتمر الصحفي أول من أمس، إنه في ضوء تطورات الوضع الوبائي في المملكة، وارتفاع عدد الإصابات بشكل ملحوظ خلال الأيام الماضية، والحاجة إلى زيادة جهود فرق التقصي الوبائي، وضرورة الحد من الاجتماعات والمخالطة بين الأفراد، واتخاذ ما يلزم لغايات تحقيق التباعد الجسدي؛ اجتمعت خلية الأزمة في المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات وقررت تعديل الإجراءات المتخذة خلال فترة عيد الفطر السعيد لتصبح على النحو الآتي: فرض حظر التجول الشامل لمدة ثلاثة أيام، بدءاً من منتصف ليلة أمس، وحتى منتصف ليلة الأحد/الاثنين، بحيث يمنع خروج المواطنين من منازلهم بشكل كامل. واعتباراً من يوم الاثنين المقبل، تعود الأوضاع كما هي عليه حالياً، وتخضع الأمور للتقييم والمراجعة وفقاً لتطورات الحالة الوبائية، وبذلك تعود ساعات السماح بخروج المواطنين كما هي عليه الآن بعد انتهاء فترة الحظر الشامل.
الغد