العجلوني يكتب: الأردن.. الاحباط الوطني قبل وبعد الكورونا

مدار الساعة ـ نشر في 2020/05/13 الساعة 21:48
بقلم: د. ابراهيم سليمان العجلوني ليس هناك شك في أن جائحة COVID-19 أو الكورونا وما يصاحب ذلك من إبعاد اجتماعي، والحجر الصحي، والإغلاق الجماعي للشركات والمؤسسات، والقيود التي تفرضها الحكومة على التجمع العام والسفر وتناول الطعام، جعلت الكثير من الصعب أو المستحيل القيام بامور كثيرة كما كانت سابقا طبيعية، قد تعفي بنود القوة القاهرة أنواعًا معينة من الأداء الانساني، بالإضافة إلى ذلك ، فإن التدخل الحكومي أو التأمين ضد انقطاع الأعمال الذي لم يظر خلال الازمة فعليا، كان قد يخفف بعض الخسائر الاقتصادية. ومع ذلك ، ماذا يحدث عندما لا يمكن لشرط القوة القاهرة أو التأمين على انقطاع الأعمال أو التدخل الحكومي أن يوفر الإغاثة المطلوبة؟ في هذه الحالة ، قد تضطر الحكومات والشركات إلى الاعتماد على النصوص القانونية التي نادراً ما تستخدم "الاستحالة" و "إحباط الهدف" كدفاعات ضد الالتزامات الاقتصادية المرهقة قبل الأزمة. الإحباط بأشكاله نواجهه جميعًا، أحيانًا على أساس يومي، إنها جزء من الوجود البشري، حياتنا المهنية والشخصية مليئة بالالتزامات والمواعيد النهائية والقرارات، وغالبًا ما يكون من الصعب تحديد مسار العمل، نحن نتردد ونتردد ، نحاول اتخاذ أفضل الخيارات من بين مجموعة مربكة من البدائل، في كثير من الأحيان يبدو أن عدم اتخاذ القرار هو المسار الوحيد، لكن هذا لا يؤدي إلا إلى المزيد من الإحباط. الاحباط نوعين الاحباط الداخلي والخارجي؛ الداخلي عادة يكون من ثقافة الانسان ومدى قدرة تملك الخوف منه، اما الخارجي فهو الظروف والبيئة والاشخاص حول الشخص، الاحباط الخارجي هو الذي يتحكم بالاحباط الداخلي بحيث يقويه او يزيله وهنا ياتي دور الحكومات من خلال الاجراءات والقوانين التي تشعر المواطن بالسلم الداخلي والاطمئنان على نفسه وعائلته ووطنه، والبداية هي الامان الوظيفي والاستثماري، مرتبطاَ بأمان سياسي من مبدأ الحقوق الحقيقية والواجبات. لقد تسرب الاحباط الى كل المؤسسات والافراد وهذا سوف يؤثر على سير العملية التشغيلة والاقتصادية وخاصة مع كل ما ينتج يوميا بزيادة الكلف والتهديد الداخلي والخارجي للافراد لفقد وظائفهم أو استثماراتهم وأعمالهم، مع عدم وجود ضمانات حكومية حقيقة للافراد والشركات والمؤسسات الاقتصادية، ووجود احتكار سابق لقطاعات كثيرة مع سيطرة وسطوة لاصحاب المال والبنوك على العجلة الاقتصادية والسياسية بما يسمى الدولة العميقة والنيوليرالية، وهنا فجوة كبيرة سوف تظهر لاختفاء الاستثمارات الصغيرة والخوف من البداية باستثمارات جديدة لعدم القدرة على التنافس حتى بالقطاعات الفردية مثل الزراعة حيث أن شبح الزراعات الحديثة والاستثمارات الكبيرة فهذا القطاع بدأت بالظهور مع استحواذ السماسرة بما يسمة بالاسواق المركزية عليها اصلا. الشباب جزء اساسي من هذا المكون الوطني الكبير في بلد يعتبر الشباب هم الاكثرية حيث يعانون من البطالة التي لم تجد لها الحكومة سابقا اية حلول بل بالعكس لقد زادت في عهدها وهاهي الكورونا أمام تحديات جديدة من فقدان الكثيرين لوظائفهم، وتوقع موجة من عودة العاملين في الخارج، ويبقى المشكلة الاكبر الشباب على مقاعد الدراسة إما في نهاية المرحلة المدرسية أو في الجامعات وتفشي الاحباط فيهم للمستقبل لوجود تجارب أمامهم ممن لا يعملون أو ممن خسروا وظائفهم أو ممن خسروا ريادتهم واستثماراتهم الصغيرة، حتى قطاع النقل البسيط مثل التكسي والتطبيقات الذكية لم تعد متاحة لهم لكثرة التنافسية عليها. لا يمكن أن ينكر أحد أن الثقة بالحكومة معدومة بكل النواحي إجرائياَ أو شخوص والحالة التي وصل لها المواطن هي مرحلة الخوف والاستسلام، وهنا لابد من إيجاد حل وبشكل سريع فإن النتائج سيئة فأن الذي لا يخاف على شيء قد يفعل أي شيء، والتزام الشعب خلال هذه الجائحة نابع من الخوف من أمور كثيرة وسكوتهم أو قبولهم أو حتى إعجابهم ببعض الاجراءات ليس من القناعة بها إنما هو كمن يتعلق بقشة بسبب الخوف والاداء الاعلامي وليس المهني لشخص وزير الصحة مثلا نابع من الثقة بمهنية الطبيب لا الاجراءات لان الكثير من الاجراءات لم تكن مهنية بل دعائية، والان وبعد وصول الشعب الى فئتين الاولى الاستسلام للقمة العيش والحاجة للعمل لاستمرار حياتهم أو الاحباط الكئيب الذي لم يعد يهمه ما النتيجة ويريد أن تعود الحياة ولو خسر عمره فلقد التقت الفئتين في النتيجة. إن الدور الحكومي لم يعالج الحياة اليومية ولم يكن الحل الاقتصادي والسياسي جزء من معادلة الحلول ولم يشعر المواطن العادي والغير العادي باجراءات حقيقة بل اصبح الخوف والاحباط يسيطر عليه في عالم الثورة الصناعية الرابعة والاون لاين والذكاء الصناعي والريبوت يهدد اهم شيء في حياته وهو لقمة العيش وانه مهدد بترك ووخسران وظيفته، ومع بداية اصوات في ظاهرها الخير مثل ترشيق الجهاز الوظيفي والتركيز على تقليل العمالة وعدد الفرص، يزيد من حالة الاحباط وخاصة الاحباط الوطني خطيرة، وتصل لاحقا الى مشاكل تبدأ إجتماعية بين البشر لتنتهي بمشاكل سياسية مع الحكومة أو الدولة. يتوجب على الدولة نعم الدولة وليس الحكومة أن تكون جادة وجريئة في إتخاذ قرارات وخطوات سريعة في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية من خلال تواصل حقيقي مع الشعب وإعطاء الكفاءات الحقيقة الفرصة لتخطط بمفهوم جديد وتعلن عن دولة جديدة بمنظور عصري وتشاركية ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب لخدمة الوطن والانطلاق من الاكتفاء الذاتي المحلي والاستفادة من الازمة كفرصة لعلاقة جديدة ولن أقول بعقد إجتماعي بل دستور عصري وقوانين ناظمة راقية لمصلحة الوطن والدولة قيادةَ وشعباَ، ولا اريد أن اضع الحلول أو التصورات فهي كثيرة: الحل أن تكون هناك رغبة للتغير وكسب الفرصة وإختيار الاكفأ تأهيلا وأمانة ووطنية فالمورد البشري المتخصص والمبني على المجموعات التخصصية والذي لديه الاصول المؤسسية من أولويات إدارة المشاريع التي تتخذها الدول لادارتها حاليا؛ لان الشخوص السابقين والحاليين المتواجدين اثبتوا انهم تقليدين ذوي نظرة سطحية شخصية ومسيرون من دولة عميقة سيطر عليها مجموعة آنانية، مؤكدا أن الاحباط الوطني من أخطر أنواع الشعور التي تسيطر على الشعب وبعيدا عن من مراكز الدراسات التي تضع النتائج قبل وضع الاستبيان وإختيار العينة لتؤكد فقط كلمتها كل شيء بخير، الامور ليست بخير وهذا وطن الكل يحبه ولا اشكك بأحد ولكن ضعف الاداء وعدم الاهلية للمناصب لا عذر ولا مكان له عندما نتكلم عن وطن، حفظ الله الاردن وطنا ودولة قيادة وشعبا. * إستشاري وباحث إدارة المشاريع
كاتب أردني
ibr-ajl@rocketmail.com
مدار الساعة ـ نشر في 2020/05/13 الساعة 21:48