أبو حمور تكتب: مذكرات أخصائية اجتماعية ١١

مدار الساعة ـ نشر في 2020/05/11 الساعة 13:54
بقلم الدكتورة شروق أبو حمور " وَمِنَ الحُبِ ما قَتَلْ"
جاء ذاك الطفل ابن الخمسة عشر يوماً إلى قسم الطواريء، يحملُ أنفاسه الأخيرة، لتعرضه للاختناق، والوقوع من على السرير، نتج عنه نزيفاً في الدماغ، وكان ذاك الطفل شقاً لأخيه التؤام، الذي كان ينتظر اكتمال الحدث لترويه له أمه وذويه عندما يكبر. جأت أمه تصرخ وترمي نفسها هنا وهناك، والجميع منشغلٌ بتقديم الإسعافات الأولية للطفل، واجراءات محاولة إنعاش قلبه، والتي تكللت بالفشل، لأن روحه الطاهرة انتقلت إلى السماء، بعد ساعات من وصوله للمشفى ومحاولة اعادة احياء روحه. انتقلت روحه للسماء لأن أمه وهي ترضعه كانت نائمة، وألقت تعب النهار وعناءه على ضلوع صدره الذي لم يحتمل، لقد أهدته قطرات الحليب الأخيرة من صدرها، وأهداها بدوره روحه ثمناً لها. ذهب ورحل وليدها ليذيقها حسرةً كلما نظرت لأخيه التؤام استذكرتها، ورحلَ ملقياً اللوم عليها في ثنايا التحقيق من الضابط، والمحقق والجهات المسؤولة، ومن الزوج والعم والعمة والأقارب. وأنا بدوري وثَّقت، وبلَّغت، واستهجنت، وتعاطفت، ودعمت ، وواجبي وعملي أتممت. لقد كانت حادثةً غريبة، وأكدت لي، ولعلها لكم، أننا أحياناً نؤذي أقرب الناس لنا بدونِ قصد، ولكنَّ بدون قصد هذه قد تنهي حياةً كاملةً.
قد تنهي حياته بصعودِ روحٍ إلى السماء،،، وأحياناً قد ننهي حياةَ أرواحٍ ما زالت تتنفس "بكلمة". " ومن الحُبِ ما قَتَلْ"
مدار الساعة ـ نشر في 2020/05/11 الساعة 13:54