رانيا اسماعيل تكتب: لا تؤلموا أحداً

مدار الساعة ـ نشر في 2020/05/10 الساعة 17:23
بقلم رانيا اسماعيل أعتقد أن الجميع قد أصبح على وعي تام بما يحصل عند الاعلان عن حاله إصابة بفيروس الكورونا، خاصة اذا كانت هذه الحالة لسائق أو حلاق أو عامل، حتى الطبيب والممرض لا يسلم من تنمر البعض عليه وعلى عائلته وسمعته، ويبدأ التأويل والتهويل والتحليل لظروف الإصابه ومكانها وزمانها وصولا بها إلى ووهان . وكأننا أصبحنا من أهل الاختصاصات المتعددة . أعلم وتعلمون مدى صعوبة الظرف الذي نمر به جميعا ، فهو ظرف جديد وصادم وظالم ومحبط للجميع ، تغيرت فيه الظروف وتبدلت الأحوال ،ازداد الاحساس بالتوتر والقلق والخوف من المجهول ، لكن بنفس الوقت تكيفنا على تغيرات عديده ، منها ازدياد التعامل بوسائل التواصل الاجتماعي والتعبير المباشر عما يدور بدواخلنا علنا وبدون توازن ، فما يفكر به البعض من أفكار سوداوية وسلبية واحباطات ، يسقطها مباشرة عل الآخرين دونما التفكير بما تخلفه من دمار نفسي . خاصة على المصابين بفيروس الكورونا . مصاب الكورونا ليس عدوا لنا ، لم يختار الإصابة ، بل اختاره الفايروس هو وعائلته ، بسبب ظروف معينة . فقد يكون خطأه أو خطأ غيره . البعض من المرضى قد يستبعد الإصابة بالمرض خاصة إذاخضع للفحص وكانت النتيجة سلبية بمرحلة معينه، ولم تظهر عليه الاعراض ، فيمضي بحياته كشخص طبيعي ولا يدري أن الفايروس سيختار وقت معين ليظهر ، لأن هذا الفايروس لعين ولديه قدرة كبيرة على الاختباء بثنايا الشخص .يختار الفرصة ويقتنص الضحية . ووقتها يصبح المريض ضحية للفايروس وضحية لسخريتنا واستبدادنا ، فتظهر المواهب الفنية بتأليف الإشاعات حول المرضى ، وإثارة المعلومات المغلوطة بشأنهم ، والتسابق بنشر الأكاذيب والإفتراءات ، والتفنن بوضع قواعد جديدة لنظرية المؤامرة ، والبحث المستمر عن خصوصيات محرجة لحياتهم .و ننسى أن مصاب فيروس الكورونا يعاني من ضغط نفسي أضعاف ما نعاني ، يعيش حالات الخوف اليومي من فقد الحياة ، والموت المفاجئ ، وترك الأحبة والأهل وتشتت الأطفال ، وفشل العلاج ، ولا تغيب عن أفكاره وصمة المرض ، ونظرة المجتمع والناس له ولعائلته ، هذه النظرة التي نخلقها نحن من خلال تعاملنا مع المرض والمرضى . الجميع يتعامل مع مرضى فايروس الكورونا كرقم من الأرقام ، وهذا من شأنه أن يعمق فكرة أن المرض عيب ، إن مريض فايروس الكورونا يحتاج منا كل الدعم النفسي والمادي خاصة بمرحلة العلاج والعزل الطبي ولسوء الحظ يبدأ البعض بإلقاء اللوم وتحميل المسؤولية للمريض دونما تفهم لظروف الإصابه ،وتبدأ دائرة جلد المريض وأهله بنفس قوي وموحد على صفحات ومواقع التواصل الإجتماعي ، بنفس الوقت الذي يكون المريض فيه بأمس الحاجة لمن يدعمه ويسانده ويخفف عنه وعن عائلته ليتخطى مخاوف هذه المرحلة القاسيه ، هدفنا الرئيسي هو تقليل عدد الإصابات بالفيروس ، لكننا بنفس الوقت نزيد عدد الإصابات النفسيه لأننا نهمل الإهتمام بالجانب النفسي والدعم المعنوي للمريض وأسرته .
أعتقد أنه من المهم جدا أن نصمم برامج للإرشاد النفسي للمصابين بفيروس كورونا تعنى بهم وبأسرهم من بداية تشخيصهم للمرض ، يمتد لمرحلة ما بعد الشفاء ، حتى تساعدهم على التكيف الإيجابي مع الظروف الصعبة ، وتحصنهم من أي انتكاسات على الصعيد النفسي والاجتماعي والصحي. لا تؤلموا أحدا ، فكل نفس مليئة بما يكفيها....
مدار الساعة ـ نشر في 2020/05/10 الساعة 17:23