الرواشدة يكتب: هل يمكن أن نراهن على وعي المجتمع؟

مدار الساعة ـ نشر في 2020/05/10 الساعة 13:49
كتب: أوس حسين الرواشدة منذ اعتبار كورونا وباء عالمياً، بدأت جميع الدول باتخاذ الإجراءات والقرارات التي تراها صائبة فيما يخص مواجهة هذا المرض والقضاء عليه، جميع الدول تقريبا فعّلت قرار حظر التجوال الجزئي وإغلاق جميع قطاعات العامة والخاصة في بداية انتشار الفيروس، لكن توجد دولة اتبعت استراتيجية قد يراها البعض أشبه "بالمغامرة" الجريئة، فقد قررت تايوان عدم إقرار قانون حظر التجوال ولا حتى إغلاق قطاعات الدولة ، حيث بلغت الحالات المصابة في كورونا " ٤٢٩ " حالة ومنذ ١٨ يوم - إلى يومنا هذا - لم تُسجل أي حالة في تايوان. تايوان دولة راهنت على وعي المواطن ، وعلى حسّه العالي بالمسؤولية تجاه نفسه وعائلته ووطنه، حيث قام المجتمع التايواني بالمحافظة على التباعد الاجتماعي وعدم الاختلاط ببعضهم ، وأخذوا بالأسباب الوقائية من ارتداء كمامات وغيرها ، لكن السؤال هنا: هل يكمن أن نراهن في الأردن على وعي المجتمع لمواجهة هذا الوباء؟ دعونا نطرح السؤال بشكل آخر ، هل يمتلك المجتمع الأردني الدرجة الكفاية من الوعي الثقافي والاجتماعي والصحي لمواجهة هذا الوباء وحده دون قرارات صارمة من الدولة ؟ ، أو هل كان يمتلك المجتمع الأردني أصلاً ما يلزم من الوعي السياسي الكافي مثلا لاختيار ممثليه في مجلس النواب بطريقة صحيحة ؟ ، أو الوعي الاقتصادي فيما يخص كيفية الإنفاق والادخار والاستثمار على مستوى شخصي على الأقل ؟ ، وغيره الكثير من
" أنواع " الوعي الإنساني ، هل يمتلك المجتمع أيّاً منها على مستوىً عالٍ وفعّال ؟ . نعرف جميعا الإجابة قطعاً ، لكن ما هي الاسباب التي حددت وعي المجتمع بهذا الشكل ، هل عدم وجود خِبرة كافية لدى المجتمع هو السبب ؟ ، أم أن ثقافة المجتمع لم تَصِل حتى الآن لدرجة يستطيع من خلالها أن بخلِق وعي كافياً يتناسب مع الازمات التي تواجهه ؟ أم أن منظومة الأخلاق لدينا تحتاج إلى شيء يوقظها من سباتها العميق ؟ ، فالأخلاق حتماً من عوامل الإحساس بالمسؤولية تجاه كل شيء . لو عُدنا في الزمن إلى الخلف قُرابة الثلاثين عاما ، سنلاحظ كيف كان شكل الدولة الأردنية ومجتمعها آنذاك ؟ ، وما " البروتوكول " المُتّبع لإدارة شؤون الدولة ومجتمعها آنذاك؟ كانت الحكومات الأردنية قبل ثلاثين عاما تقريبا تُدير كل شيءٍ في الدولة ، بمعنى أنَّ جميع القطاعات كانت خاضعة للدولة بشكل كامل باعتبار الدولة ريعيّة ، ولا يوجد بدائل كافية عن الخدمات الحكومية ، فالصحة والتعليم وتقديم الوظائف وغيرها الكثير، كانت تُنظَّم من قِبَل الدولة وحدها ، حتى قررت الدولة "الانسحاب" بشكلٍ تدريجي من الصورة ، وإفساح المجال للمجتمع بأن يدخل " على الخط " ويقوم بدوره البديل بالتوازي مع الخدمات التي تقدمها الدولة وصولا الى ما أطلق عليه قبل عامين بالتحول من الدولة الرعوية إلى الدولة المنتجة. هل كان تحول المجتمع الأردني، من مجتمع يعتمد على الدولة في كل شيء ، إلى مجتمع في طريقه ليصبح مجتمعا إنتاجياً يمتلك قطاعات خاصة تقدم له جميع الخدمات تقريبا هو السبب في تشكّل وعي جديد يتجاوز مفهوم الفزعة ؟ ، هل كانت المدة قصيرة بحيث أنّ هذا التشكل للمجتمع بالاعتماد على نفسه لم يكتمل بعد ، أم أنّ السبب يكمن في خلل أصاب منظومة الأخلاق الاجتماعية والثقافية والسياسية. حتى الآن تبقى هذه الأسئلة برسم مراصدنا الثقافية والاجتماعية لتقديم إجابات عِلمية مقنعة.
مدار الساعة ـ نشر في 2020/05/10 الساعة 13:49